أزمة الدولار أوصلت رفيق الحريري الى الحكم.. فهل توصل اليوم بهاء؟

09/05/2020 07:34PM

"لو دامت لغيرك، لما آلت إليك"

عبارةُ خطّها رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري حين رمّم السراي، جملةٌ قرأها ابنه البكر ودرسها جيّداً قبل أن يفتح مكتبه باسم "الشيخ بهاء الحريري في بيروت". وغفل عنها سعد الحريري لسنوات طوال!

أقفوا المشهد قليلا هنا..

وبإعادةٍ بطيئة للمشهد، و zoom in على تفاصيله، يتّضح للمتفرّج أنّ المشكلة ما ابتدأت ب "أزمة عاطفية" هذه المرّة كما في "ساندريلا"، بل بعباءة -بدل "السكربينة"- حيث ألبس الوزير السعودي السابق عبد العزيز خوجة عباءةً كبيرة، على قياس بهاء لسعد، ولذلك وصفت من أنصار الأول بأنّها "مبهبطة عليه".

ليتوارى من بعد القرار السعوديّ -الذي لم يتقبله ضمنيّاً- عن الانظار وينفصل مالياً وسياسياً  عن العائلة ويبني امبراطوريته المالية المنفصلة. 

"العباءة" التي لم تلائم مقاس سعد كانت شرارة رواية جديدة لـ "قايين وهابيل" لكنّ ارث الأب من شركاته الداخلية والخارجية ومنصبه ومشاريعه على حساب اللبنانيين، كان الضربة القاضية التي تلقتها علاقة الأخوين وكانت سبب الانفصال الحقيقيّ الأعمق بينهما. فالابن البكر الذي عاد الى لبنان ليجمع ثروة أبيه ابتداءً من طرد عمّته النائبة بهية الحريري من منزله من مجدليون وهو ضمن حصّته من ورثة أبيه، يستطيع استكمالها بالنظام الاقتصادي الريعي كاملاً، فهو تركة الحريري الأب الاساسية في لبنان!

ثمّ عادت واشتعلت الأزمات بين الشقيقين حين اختار سعد، جمال عيتاني لرئاسة بلدية بيروت، بعدما اتهمه بهاء باختلاس أمواله! ليردّ الأخير على هذا للتعيين بدعم لائحة الوزير السابق أشرف ريفي لبلدية طرابلس بوجه لائحة شقيقه رئيس الوزراء..

في هذا السياق، وفي الحديث عن أنّ بهاء درس عقلية أبيه أكثر من سعد، نجده اليوم يعود الى ساحة التجاذبات السياسية اللبنانية من نفس الباب الذي دخلها منه الأبّ! 

flashback جديد الى ال 1992، انهيار اقتصادي وارتفاع جنوني للدولار أتيا بالحريري رئيساً للحكومة اللبنانية. 

وجه الشبه بين اليوم والأمس الانهيار، فيما الاجماع العربي (السعودي-السوري) غائب، والمنافسة أشدّ وأقوى بتعدّد المنافسين. 

في مراقبة بسيطة للساحة السياسية اللبنانية توضع المرساة عند رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ليحسمها تجاه بهاء بما يجسّد من علاقات طيّبة مع السعودية..

يتقدّم بهاء الحريري في الساحة السنّيّة (الشارع السنّي المتطرف) على شقيقه في عدة مجالات، فبرغم كثرة رجال الاعمال وكبار الاغنياء مازال هذا الشارع يرزح تحت وطأة الجوع والفقر ويؤيّد تلقائياً من يؤمّن له لقمة عيشه، كذا حدّد مواقفه التاريخية! ومن هذه الناحية فبهاء أغنى وأوسع نفوذاً في عالم الشركات والأعمال! 

ومن ناحية ثانية، فشدّ عصب اليمين السنّيّ مبنيّ على ضرب السوط لحزب الله. وهذا ما يبرع به بهاء الحريري الذي لا فرق بين بيانَيه وبين لغة السعودية واميركا تجاه حزب الله.. حتّى أنّه استغلّ "ثغرة" جلوس أخيه على الطاولة عينها مع الحزب وجلده من خلالها.

ومن هنا يعتبر مطّلعون في الشأن السياسي أنّ فرصته في الشارع السنّي "محرزة" بعيداً عن معارضات القيادات السّنيّة والعائليّة على حدّ سواء. 

العلاقة المتوتّرة بين بهاء والعائلة لم تظهر في المرة الاولى حين طرد عمّته من مجدليون، بل ظهرت قبلها حين قدّم سعد الحريري استقالته من رئاسة الحكومة بحسب ما كشف مصدر "للسياسة"، حيث قال:" كان بهاء موجوداً في السعودية وطلب من أفراد عائلته السفر الى السعودية لمبايعته".

وتابع:"بينما كان يسعى السعوديون للابقاء على سعد كانوا يحاولون تغيير قيادة تيار المستقبل من خلال تثبيت أخيه زعيماً جديداً". لكنّ العائلة رفضت.

ثمّ عاد وتفجّر الخلاف للعلن في ذكرى اغتيال رفيق الحريري، حين أقدم مناصرو بهاء على التعدّي على مناصري تيار المستقبل. 

وفي السياق، كشفت مصادر مختلفة للسياسة أنّ "قطع طرقات طريق الجديدة وقصقص وجامع عبد الناصر تمّت بتحريك من بهاء لا سعد". وفي المعلومات أنّ نبيل الحلبي الذي يعبّر عن موقف بهاء ضمن مجموعات الثورة، يقوم بدفع مصاريف لقاءات بعض المجموعات ضمن الانتفاضة.

هل عاد بهاء الحريري ليرأس تيار المستقبل وحسب؟ أم أنّه عاد زعيماً جديداً للسٌّنّة في لبنان؟ أم أنه خصمٌ جديد لرئيس الحكومة حسان دياب؟ 

هل سيكون رفيق الحريري الجديد بعد أن فشل سعد في الحفاظ على ارث أبيه؟ أم أنّ لرجل الاعمال اعتبارات مختلفة؟ 

هل ستسبّب عودته شرخاً جديداً في الشارع السّنّي؟ 

اسئلة تتكرر كل عشر سنوات في لبنان باختلاف وحيد: أوجه جديدة! أمّا الخطاب واللغة والنبرة والافكار ففي حالة ركود!

لن ينقذ هذا اللبنان بكلّ أطيافه الا دولة مدنية قوية قادرة على احتواء الجميع بعيداً عن الزعامات الطائفية!


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa