بالتفاصيل: الازمة اللبنانية.. من بيروت الى دمشق فطهران

12/05/2020 06:41PM

يقول أينشتاين "إن المشكلات الموجودة في عالم اليوم لا يمكن أن تحلّها عقول خلقتها.. هذه المقولة يمكن إسقاطها حكما على الحالة اللبنانية. 

فلا يخفى على أحد أن العامل الخارجي دائما ما يكون حاضرا بقوة على الأراضي اللبنانية، ويخلق أزمات متتالية في طريق المفاوضات للحفاظ على النفوذ في الشرق الاوسط، خصوصا أن لبنان مركز استقطاب لتسهيل عملية الاستيراد والتصدير بين البلدان.

عمليا، ثمة سباق اليوم بين توجهين قائمين يحكمان مسار الصراع الاميركي - الايراني المحتدم في منطقة الشرق الأوسط في أكثر من ملف وقضية.

و لبنان الذي عُرف تاريخياً بانه أكثر البلدان تضررا من تلك الصراعات، دخل اليوم ضمن صفقة المفاوضات الايرانية – الاميركية، خصوصا بعد ما تضاءلت حظوظ واشنطن بفرض سيطرتها اللامتناهية على البحر الأبيض المتوسط، وبالتالي فإن الازمة اللبنانية سياسية بامتياز.

اما في الداخل، فتتراكم ملفات الفساد يوما بعد يوم، فالاحزاب اللبنانية غالبا ما تنفذ أجندات سياسية خارجية، وبالتالي أي ملف "دسم" سيكون محط جدال بين بعض رجال السياسة الذين يستنجدون رضى من يبقيهم في مناصبهم ويدعمهم ويلبسهم "غطاء الوطنية".

كل هذه الخلطة تشرح الواقع اللبناني المرير المرتبط بشكل وثيق بالإقليم، والذي يفرض وجوده دائما حتى في الأزمات الكبرى. وقد تكون آخرها ملفات تهريب المازوت والطحين من لبنان إلى سوريا عبر المعابر غير الشرعية والتي ضجت بها الاوساط مؤخرا رغم الوضع الإقتصادي الصعب، بحسب مصادر دبلوماسية.

 إذ وُجهت أصابع الاتهام فيها مباشرة إلى "حزب الله"، واجهة النفوذ الإيراني في المنطقة، الذي يسيطر على هذه المعابر ويستخدمها في نقل سلاحه ومقاتليه. كما وضعت هذه الاتهامات حليف حزب الله أي "التيار الوطني الحر" والحكومة مجتمعة في دائرة الاستهداف كون عدم مشاركتهم مباشرة لا تعفيهم من كونهم يستفيدون ماديا من ناحية، ويسهلون عمل كارتل التهريب الذي يديره الحزب من جهة أخرى.

وعلى قاعدة "الشعب السوري جوعان"، بحسب ما تقول أوساط متابعة تشير إلى أن الأزمة اللبنانية ليست وليدة اليوم إنما هي ردة فعل للأزمة السورية.

وهنا لا بد من العودة إلى أساس الأزمة. فعملية ارتفاع سعر صرف الدولار في لبنان، أدى إلى انهيار الليرة السورية خصوصا أن جميع المعابر السورية مغلقة جراء الحرب المستمرة على أراضيها، باستثناء حدودها مع لبنان، ما ساهم بانهيار عملتها بوتيرة سريعة، حيث أصبح هناك فرق شاسع بقيمة الليرة السورية بالنسبة لليرة اللبنانية. وبناء على ما تقدم، تتضح حيثية عمليات التهريب ونستنتج السبب الرئيسي الذي يدفع البعض لاتهام حزب الله في هذه الملفات. 

وبحسب المصادر، فإن حزب الله اليوم مكلف بتهريب المواد الأولية والغذائية إلى كل من سوريا وايران لتخفيف وطأة الأزمة الاقتصادية والمعيشية في كل من البلدين حتى ولو على حساب تدمير لبنان، وطبعا هذا من ضمن شروط أجندته السياسية في لبنان. 

صحيح أنّ هذه الأزمة ليست وليدة اليوم وتعود لسنوات بعيدة ولم تجد اياً من الحكومات حلاً نهائياً لها، لكنها تتخذ اليوم طابعاً موجعاً اكثر. ففي ظلّ الافلاس المالي وشح الدولار الذي تعاني منه البلاد، تتجه الاحزاب إلى إرضاء حاكميها الخارجيين دون التطلع نحو نتيجة الوضع الذي سيؤول إليه لبنان في المرحلة المقبلة. 

وتشير المصادر إلى أن الوضع اللبناني سيزداد سوءا خلال الأشهر المقبلة في حال عدم وجود أي تسوية سياسية خارجية للجم الصراع الخارجي في سوريا والعراق. إلا أنه مع انطلاق الشرارة الأولى لبوادر المفاوضات سيشهد لبنان بداية الانفراج. 

أما الإرتياح الأكبر سيكون مع عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ما يعيد وتيرة الحياة على خط لبنان سوريا العراق. حينها يعود لبنان رويدا رويدا إلى سابق عهده، عهد المال والاستثمار. 

وإلى ذلك الحين، فان الصيف المقبل على الابواب ينذر بمنعطف غيرعادي، بين أن يعود مساحة مشتركة دولية واقليمية عربية وغير عربية تتيح انقاذه من وحل الأزمات المستعصية، وبين ان يكون صيفاً ملتهباً يضيف الى أزمات البلد ما يضعه على فوهة بركان يهدد باحراق الأخضر واليابس.


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa