المعابر الحدودية اللبنانية وعمليات التهريب: «تشابك في خيوط» الميدان والاقتصاد والسياسة

15/05/2020 07:57AM

انعقد المجلس الأعلى للدفاع في قصر بعبدا أمس الاول برئاسة الرئيس ميشال عون، حيث عرض كل من قادة الأجهزة الأمنية ما لديه من معطيات عن التهريب ذهابا وإيابا، وما تواجهه القوى الأمنية من تعقيدات على الأرض في ضبط التهريب على طول الحدود المتداخلة، لاسيما في جرود عرسال والقاع والهرمل وصولا الى الحدود الشمالية.

وقد طالب عون بعدم التهاون مع هذه المسألة، مشددا على ضرورة اتخاذ أقصى التدابير بحق المخالفين، وتحديد الكميات من المواد المستهلكة كوسيلة لضبط تهريب المواد والبضائع.

وكان رئيس الحكومة حسان دياب، الذي التقى عون قبيل الجلسة، قد عرض الانعكاسات المالية والاقتصادية على مداخيل الخزينة، والمعوقات اللوجستية التي تحول دون ضبط الحدود.

وبعد أن عرض قائد الجيش جوزف عون الواقع الميداني للحدود البرية، لاسيما وضعية المعابر غير الشرعية من النواحي كافة، تداول الوزراء المختصون وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية والجمركية في المسائل والصعوبات التي تحول دون ضبط الحدود.

تقرر تكثيف المراقبة والملاحقة وتشديد العقوبات وتطبيقها بحق المخالفين من مهربين وشركاء، وبذل كافة الجهود بالتنسيق ما بين الأجهزة المعنية لضبط الحدود، منعا لتهريب البضائع والمواد وإقفال جميع المعابر غير الشرعية.

كما تقرر وضع خطة شاملة لاستحداث مراكز مراقبة عسكرية وأمنية وجمركية.

وأفادت معلومات بأنه تبين أن هناك معبرين كبيرين بين حوش السيد علي ووادي فيسان بين الهرمل ووادي خالد، يتم عبرهما تهريب مشترك عابر للمناطق والطوائف وعبر الشاحنات والصهاريج، هذا بخلاف معابر صغيرة يتم التهريب فيها بطرق بدائية منها استخدام البغال، وذلك على طول المناطق المتداخلة بين لبنان وسورية، حيث عدد من القرى والمنازل نصفها في لبنان ونصفها الآخر في سورية.

ولا تنحصر خسائر لبنان بمادتي المازوت والطحين المدعومين بالعملة الصعبة واللتين تهربان الى سورية، بل أيضا بالتهرب الجمركي وبالتهريب من سورية الى لبنان لخضار وفواكه ومنتجات قطنية وورقية.

وأشار مصدر متابع الى أن هنالك ١٦١ ممرا يجري استخدامها للتهريب. الجيش اللبناني يسيطر بنحو كامل على نحو 80% من هذه الحدود، لكن مهماته الكثيرة والمرهقة، إضافة الى وقف التطويع بقرار اتخذته الحكومة السابقة وإلغاء التحفيزات، كل ذلك حد من قدرته على تنفيذ انتشار على كامل الحدود.

وهو ما يعني، إما تحرير الجيش من مهماته الداخلية، وهذا شديد الخطورة بسبب الأوضاع السائدة وعدم قدرة المؤسسات الأمنية الأخرى على سد الفراغ بالفعالية نفسها، وإما تطويع عناصر إضافية لتشكيل فوج إضافي.

وقالت مصادر مطلعة على واقع التهريب أخيرا إن خطوط التهريب فتحت من المنطقة الشمالية التي تمتد من قرى الهرمل في شمال شرقي لبنان إلى الشمال الغربي، وهي منطقة يصعب ضبطها بسبب التداخل الجغرافي مع الأراضي السورية، خلافا للحدود الشرقية، حيث توجد مراكز للجيش وأبراج مراقبة.

ولفتت إلى أن خطوط التهريب الجديدة معروفة، كذلك الصهاريج التي تنتقل بطريقة سلسة ضمن الأراضي المتداخلة، ما يصعب على السلطات اللبنانية ضبطها بالكامل من دون قرار سياسي.

وتوضح المصادر أن تلك المنطقة تحتاج إلى عدد كبير من العسكريين والتجهيزات لضبطها، وأشارت إلى أن الثغرة الأخيرة حصلت بسبب عدم وجود عدد كاف من العسكريين ينتشر على المنطقة الحدودية كافة، فضلا عن تركيز المهربين على استخدام الأراضي المتداخلة لتنفيذ خطة التهريب.

ملف التهريب أحيط باهتمام القوات اللبنانية التي شنت أمس الاول هجوما على المعابر غير الشرعية ومن خلفها، مطالبة القوى الأمنية بضبطها، خصوصا بعد أن نشطت حركة التهريب بشكل لافت أخيرا، ما ينعكس سلبا على الاقتصاد اللبناني المهترئ أساسا، وتاليا على حياة المواطن اللبناني اليومية.

وقد أطلق رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الحملة بتغريدة على حسابه الخاص عبر «تويتر» كاتبا: «بما يتعلق بالمعابر غير الشرعية لا لزوم لاجتماعات أو اجتهادات، المطلوب قرار علني واضح وصريح من الحكومة يطلب فيه من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي إغلاق كل المعابر غير الشرعية بين لبنان وسورية».

أما مصادر ٨ آذار، فأشارت الى أن التهريب من لبنان إلى سورية لم يكن يوما مسألة عابرة أو منفصلة عن سياق الأحداث في الداخل اللبناني ومحيطه.

منذ خروج القوات السورية من البلاد، أطل البعد السياسي برأسه عبر المرافئ الشرعية وغير الشرعية باعتبارها مزرابا للتهريب والتهرب الجمركي والضريبي، خاصة أن ما تضمره بعض الأطراف من تحريك هذه القضية ومحاولة «تدويلها» يصب حصرا في خانة استهداف حزب الله.

ويبدو أن هذا البعض وجد في الأزمة الاقتصادية الخانقة فرصة لتحقيق ما يراد منه باطلا، باعتبار أن الفرصة باتت سانحة ومتوافرة من خلال الشروط التي وضعها صندوق النقد الدولي، وفي صلبها ضبط الحركة عبر الحدود.

في إطلالته أمس الاول تطرق أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الى موضوع المعابر غير الشرعية، فأكد أنه بمعزل عن حجم الموضوع، لكن لا أحد ينكر وجود تهريب ومعابر غير شرعية.

في الخطة الحكومية أشير إليها، وهذه مشكلة تاريخية لا يمكن للبنان وحده حلها. في كل دول العالم، عندما يكون هنالك تهريب بين بلدين، يتعاونان لمكافحته.

وهنا لا يمكن تحميل المسؤولية للجيش. هذا أكبر من طاقته، وهو حتى لو انتشر على كل الحدود لا يمكنه منع التهريب لأن الحدود متداخلة والقرى متداخلة.

أما الدعوات إلى الاستعانة بالأمم المتحدة لمعالجة الموضوع، فهذه القوات لم تحم لبنان من الخروقات الجوية والبرية، أو منعت أو ستمنع أي عدوان إسرائيلي على لبنان.

ثم أي دول سترسل قوات إلى لبنان في الوضع الراهن؟! وذكر بأن الحديث عن نشر قوات دولية بين لبنان وسورية كان أحد أهداف حرب يويلو ٢٠٠٦، التي فشلت إسرائيل في تحقيقها.

كما كانت أحد شروط وقف العدوان على لبنان. ولذلك، يجب التنبه إلى هذا الأمر، فهو لا علاقة له بالاقتصاد وبمنع التهريب، بل بقدرة الردع التي تحمي لبنان من الأطماع الإسرائيلية.


المصدر : الأنباء الكويتية

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa