كورونا ينتقم لـجورج زريق...

18/05/2020 09:55PM

هل تذكرون جورج زريق؟ هل تذكرون دموع تلك الطفلة التي لم تكفِ لتطفئ والدها وهو يحترق أمام مدرستها؟

هل تذكرون كيف أشعل النيران بجسده كرمى لعيون مدرسة خاصة تُهدد ابنته بمستقبلها؟

اليوم نُخبركم ما لا تعرفونه... لم يحترق جورج زريق. نحنُ الذين تلتهمنا محارق النظام البشريّة يوميّاً، وتتصلّى أجسادنا المتفسّخة بسعارها الشيطانيّ. 

لم يكُن جورج زريق من مات، نحنُ من نوارى ثرانا يوميّاً ونرجو أنّك لا تشعرُ بحروقك جورج... نرجو أنّك آخر "شعلةٍ" قبل الخلاص في دربنا الطويل...


حين يُسيّس التعليم في لبنان، اعلم أنّ جيلاً منقسماً جديداً يطرق أبوابنا! 

لا شأن للمدارس بالتجاذبات السياسية، لا شأن لها بالأرباح الطائلة والخسارات الكبيرة مهما كبرت صروحاتها أو صغرت. 

لايستطيع أحد مهما علا شأنه وكبرت صلاحياته أن يخيّر تلميذاً بين صحّته ونجاحه! 

رأسُ حربة اللاعودة الى المدرسة، لجان الأهل، في حديث أمين سرِّها شريف سليمان لـ "السياسة" ، استهلّ موقفه الذي اعتبره إنجازاً للجان الأهل، لا انتصار، أنّ "القسط هو نتيجة قسمة كامل النفقات على عدد الطلاب".

وانطلاقاً من هذا التعريف، ثلاث سيناريوات تنتظر أقساط الأهل في المدارس الخاصّة:

1- إعادة إرسال المدارس موازناتها ليعاد النظر بالقسط.

2- دفع الجزء الأخير من الأقساط.

3- إلغاء الأقساط.

السيناريو الأخير في بلاد كلبنان أبعد ما يكون عن الواقع، خصوصاً بعدما فتح امين عام ​المدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار ناره على وزير التربية ولجان الأهل لإعطائهم إفادات مُشبّهاً إياهم بالرومان متّهماً إياهم بأنّهم "لا يدرون ماذا يفعلون".

ومن جهته، ردّ سليمان عليه بالقول "جاء زمن تطبيق القانون، ونحن ننحاز للقانون، تستطيع ان تصطنع زوبعة في فنجان قهوة، ولكن لم تعد تستطيع ان تفرض اجاندتك على الجميع، ولتعلم يقيناً اننا نعمل بهدي القانون والتعاليم السمحة للكنيسة اكثر مما تعملون، واستخدامك عبارة "سامحهم الله لانهم لا يدرون ما يقولون وما يفعلون" مردود عليك فالكنيسة تفتح ذراعيها لابنائها ولا تتعامل معهم كأنهم زبائن لمؤسسة تجارية".

بينما السيناريو الأول فهو مرتبط بمدى شفافية المدارس الخاصّة حسبما كشف المحامي سليمان لـ "السياسة". 

وشرح:"لذا، فالنّفقات لدى هذه المدارس ستقلّ، لأنّ في الاشهر القليلة الماضية لم تستعمل المدارس الكهرباء ولا المازوت ولا النقل لا على الاساتذة ولا التلامذة. 

عليه، فتراجع هذه النفقات سيؤثّر حكماً على الأقساط المدرسيّة. 

كاشفاً:"بعض المدارس الخاصة تتهرّب من رفع إلحاق موازناتها الى وزارة التربية -خلافاً للقانون- كي لا تكشف عن أرباحها المهولة في السنوات الغابرة، في حين أنّ مدارس أخرى لبّت طلب الوزارة وباشرت بتحضير ملاحق موازناتها".

والتخفيض مرتبط بانخفاض النفقات.

وهذا ما يجعل السيناريو الاول مستبعداً أيضاً.

وختم سليمان بالقول:"نحن ننحاز للقانون، فالقانون يخفّف عن كاهل الأهل، يحصّل حقوق الاساتذة، ويؤمن كامل النفقات للمدرسة كي لا تخسر ولا ليرة".

مؤكّداً:"لسنا طرف في النزاع، نحن نسعى لتقديم طرح عادل يحمي مكونات الاسرة التربوية".

وفي السياق، كشفت مصادر وزاريّة لـ "السياسة" أنّ "الوزارة تملك صلاحيّة جزئية على المدارس الخاصّة، وبالتالي يحقّ لها (المدارس الخاصّة) الطعن بقرار وزير التربية". 

وتابع المصدر:"إن تم تنفيذ قرار وزير التربية والالتزام به، يتمّ تعديل ملحق الموازنة بشكل معقول، بتنسيق بين لجان الأهل والوزارة والمدارس الخاصة، ممّا يمكّن المدارس من تسديد معاشات اساتذتها وبالتالي تخفيف الحمل عن الأهل أيضاً بعدم تسديد القسط كاملاً".

وكشف المصدر:"الأب عازار كان يريد اعادة التلامذة الى المدارس والهدف الربح المادّي، بينما أولوية الوزير فكانت صحة التلامذة". 

وأعلن المصدر عن تعاون قديم بين الوزارة والمدارس الخاصة، وتوقّع المصدر أن يعود التنسيق بينهما لأنّه من غير الممكن العودة الى المدارس الآن، بما أنّ غدا الساعة التاسعة يعقد اجتماع عند وزير التربية مخصص للأقساط ورواتب المعلمين، تشارك فيه نقابة المعلمين والمدارس ورابطات الأهل.وبعدها في الساعة ١١ مؤتمر صحافي لنقيب المعلمين ينقل مباشرة على الشاشات.

وفي هذ السياق، اعتبر المصدر أنّ "القطاع الخاصّ مهم ولا يمكننا الاستمرار بدونه، لكن من ناحية أخرى، لا يجب أن يتحمل الاهل أعباء المرحلة الصعبة كاملةً".

وفي المقلب الآخر، وفي حديث لـ "السياسة" مع النقيب السابق نعمة محفوظ، اعتبر أنّ قرار وزير التربية طارق المجذوب "متسرّع" ولم يُدرس جيّداً وسببه الضغوطات الشعبويّة، من قبل الوزير السابق الياس بو صعب، الذي وصفه بـ "الشعبوي الأوّل"، ومن قبل أولياء الامور والطلاب. رافضاً ظاهرة إنجاح جميع التلامذة لوجود علامات الفصل الاول، رافضاً أيضاً إعلان توقف العام الدراسي باكراً جداً حتى يستمرّ الطلاب بالتعلّم. 

واتّهم محفوظ وزير التربية بـ "المُسيّس".

مؤكّداً أن "على الدولة مترتّبات تخص المدارس الخاصّة والرسمية، مقترحاً أن تدفع الدولة ما تدفعه عادةً للعسكر لتسديد جزء من الاقساط للمدارس مباشرةً". 

مستنكراً حصول المدارس الرسمية على حقوقها وحرمان المدارس الخاصة منها.

وأعلن:"لم تفكر الدولة أبداً بحلول للوضع المرحلي، والوزارة مُسيّسة ولا تفكّر الا بموقعها السياسي". 

وختم محفوظ بالدعوة للتنسيق بين المدارس الخاصة والدولة. 


الطينة "الرخوة" ليست ملعباً للتجاذب، وبذورُ الوطنيّة تنطلق من الجيل الجديد، إن لم نُعلّم أبناءنا تطبيق القانون لا يجب أن نطمح الى دولة!

كفّوا أيديكم عن مستقبل أولادنا!


لو أنّ جورج زريق ما زال بيننا حتى اليوم، ما كان احترق! 

ما كان دفع أقساط مدرسة ابنته... كان ليكبر وإيّاها بعيداً عن مأساة الحياة... 

فشُكراً كورونا! 




شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa