دياب يكسر المجذوب... والسلطة الرسمية تنهزم أمام المدارس الخاصة

19/05/2020 08:49PM

عندما استلم وزير التربية طارق المجذوب وزارته، زار الطفلة آية. جميعنا نذكر الدعاية الإعلامية الشهيرة التي افتتح فيها وزير التربية ولايته في حكومة حسان دياب. 


وقتها، فرح الرأي العام كثيرا ووثق بالوزير وبوعود تحويل العام الدراسي إلى أجمل لحظات وذكريات قد يخال لتلميذ في بلد مثل لبنان أن يعيشها. وحدنا نحن، الذين درسنا الدعاية الإعلامية جيدا ومن واكبنا تجارب أبناء هذه السلطة تخوّفنا من المستقبل المقبل. الوزير هو نفسه من وقف في الصف "متواضعا، بريئا، متنازلا"، أثناء انتظاره دوره في أحد المصارف.


شاء القدر ولتعاسة حظ هذه البلاد وتلاميذها ولحسن حظ المتابعين أن تأتي جائحة كورونا، فأجبرت الوزير بعدما حشرته في الزاوية على العمل عوضا عن إطلاق الوعود والتفرغ لخط رسائل من ورق وزيارة التلامذة في منازلهم. 


هنا، اتضح أنّ الوزير الذي ظهر كـ "سوبرمان" لم يستطع إنقاذ التلامذة الذين عوّلوا عليه كثيرا، فخزل من عمل جاهدا على صورته الإعلامية ومن وثق به.

 لأيام كثيرة، أهمل وزير تربيتنا صحة الطلاب النفسية وتلاعب بها بقرارات متضاربة يشوبها الكثير من الالتباس وتحتمل الكثير من التأويل. لا في المقابلات التي اختار أن يطلّ بها بعناية وحسب بل أيضا في مؤتمرات صحافية عقدها. 


وفي الحديث عن المؤتمرات والمقابلات، يصبح لزاما علينا التمعن بنوع أجوبة الوزير. 

حسنا، فهمنا أنّ المجذوب مثقف جدا وأنّ على جدران منزله الكثير من الشهادات وأنّ لسانه يتقن لغات أكثر. لكن، من الذي أخبره أنّ الهواء ساحة استعراض؟ بحيث أتت إجابات الوزير المرموق أقوالا واستشهادات بكتّاب ومفكرين حتى ظننا أنفسنا دخلنا صدفة إلى أحد الصفوف الجامعية، لا إلى مقابلة إعلامية. 


يتهرب الوزير من المقابلات الإعلامية كثيرا، والأمر لا يقتصر على وسيلتنا فقط فقد سبق أن تحدثنا وصحافيين زملاء عن غرابة طبع الوزير وعن الغموض والحذر في التعاطي مع الإعلاميين. ففي النهاية، نحن لسنا الطفلة آية ولا قدرة لنا على الحديث في ما يخدم مصلحة الوزير ويجنبه الإحراج. 


الإحراج إذا. المجذوب "علّ قلب التلاميذ"، ولم يشعر بالإحراج. فالوزير لا يبدو محرجا سوى أمام المدارس الخاصة وأصحابها الذين تقاضوا تعب الأهالي واضعين في الخزنة أرباحا طائلة لن نتحدث عنها اليوم. 


وفي التفاصيل، فقد رضخ الوزير "السوبرمان السابق" لضغوط المدارس الخاصة التي حوّل بعضها وبكلّ وقاحة الرسالة إلى تجارة. لعبة جديدة بعد "اللعب على أعصاب تلامذة الشهادات الرسمية"، يلعبها الوزير اليوم. المدارس الخاصة ستفتح أبوابها أمام "أبنائها"، الأمر الذي سيضمن تسديد الأقساط والتأمين على أرباح المدارس التي "شربت من دم الأهالي" حتى شبعت. 


ولمن لم يعرف ما الذي يجري، فقد سربت معلومة من جلسة مجلس الوزراء اليوم مفادها أنّ المجذوب سيسمح  للمدارس الخاصة باجراء الامتحانات للتلامذة على أن ينطبق الأمر نفسه على طلاب الجامعة اللبنانية. 


 يبدو في القرار اللطيف هذا أنّ كورونا تنتقل إلى طلاب الشهادات الرسمية فقط، مع استثناء من رأى فيهم الوزير "مضادات لفيروس كورونا". أي وبشكل آخر: أصحاب الطلبات الحرة وطلاب الشهادات المهنية الذين تركوا في مهب الريح. 


وبالعودة إلى القرار الذي يحضره وزيرنا، سنبسط الأمور أكثر ونشرح ما حصل: خضع المجذوب للأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار ولجميع الضغوطات التي مورست. نعم يا سادة، رئيس حكومة بلادكم حسان دياب الذي لم يتمكن من إسقاط مستشارته السيدة بترا خوري علينا كمحافظ لبيروت بعد تنفيذ خطته التي وضعها والتي تقضي بإقالة المحافظ الحالي القاضي زياد شبيب لأنّ الجميع وقف في وجهه، خضع للأب عازار. أي وبمعنى أبسط، نحن بحاجة لمن يقف ويقول "لا، ارحم التلامذة وأهاليهم يا دياب"، علّه يرتدع، ويتراجع عن هذا الإعدام المعنوي!  


والآن، ترك التلامذة وطلاب الجامعة الوطنية لمصيرهم، مع العلم أنّ لا الأساتذة ولا الطلاب يعرفون ما وضعهم الحالي وما إذا كان العام الدراسي قد انتهى أم استؤنف من جديد كرمى لعيون "المعوزين". 


إذا يا سادة، نحن نعيش في بلد لا يحترم صحتنا وصحة أبنائنا حتى بتنا نشعر بالخجل إذا قررنا مطالبة الوزير برحمة صحتنا النفسية وأعصابنا. في اختصار، يبدو أنّ القرارات ستخدم دوما أصحاب المصالح على حسابنا نحن وكأنّ لا مكان لنا وسط حرب الحيتان هذه.

 

أعان الله التلامذة والأساتذة وعائلاتهم، ضحايا تناقضات الوزير وتغريداته الغريبة التي تأتي بعد منتصف الليل. وليكن الله بعون المسؤول عن دعاية المجذوب الإعلامية في مصابه الأليم. 


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa