التسويات المالية مجددا بديل "البرامج الورقية"؟

23/05/2020 07:31AM

اذا كانت عطلة عيد الفطر والذكرى العشرين لتحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي ستشكل محطة ترقب وتقويم لمجريات التطورات المالية والاقتصادية كما لإجراءات موعودة لمصرف لبنان في اطار التدخل لحماية الليرة وتوفير تمويل استيراد المواد الغذائية الأساسية، فان الاستحقاق الأساسي والأبرز في الأيام الثلاثة المقبلة بدءا من اليوم سيتركز على رصد مؤشرات الوضع الوبائي في لبنان بعدما اوشكت إصابات اليومين الاخيرين ان تشكل جرس الإنذار المتقدم جدا حيال تفلت الانتشار الوبائي. ذلك ان الارتفاع المقلق في اعداد الحالات الإيجابية في اليومين السابقين على التوالي، وضع البلاد مرة أخرى امام خطر الخيارات الصعبة التي كانت فرضت على الدولة قبل اسبوعين ان تعيد فرض اقفال البلد، ولكن يبدو واضحا ان القرار الرسمي لا يزال يعتمد حتى الان، وفي انتظار الأيام القليلة المقبلة اجراء عزل البلدات او الأحياء او المناطق التي تشكل بؤرة انتشار للإصابات من دون العودة الى الاقفال العام الشامل. وتستند الدولة ووزارة الصحة تحديدا في اعتماد هذا الاجراء على طبيعة الإصابات التي ظهرت اخيرا، اذ بدا واضحا ان الحالات الإيجابية كانت بمعظمها بسبب التخالط مع إصابات فردية وهو الامر الذي جعل الارتفاع في الإصابات ينحصر ببلدة مجدل عنجر البقاعية ومزبود الشوفية بالإضافة الى عدد غير قليل من العمال البنغاليين في بيروت. ومع ذلك لم تخف المخاوف الواسعة عشية عطلة عيد الفطر التي تبدأ غدا الاحد وتمتد لثلاثة أيام عمليا من ان يتسع اطار العدوى من خلال المحاذير التي تشكلها إقامة الصلوات في المساجد ولو من ضمن الإجراءات التي اتخذت لمواكبة المناسبة. فثمة دول عدة كبيرة اتخذت قرارات بمنع الصلوات في المساجد ابرزها المملكة العربية السعودية ومصر وتركيا والإمارات العربية المتحدة خشية تصاعد الانتشار الوبائي. وتتركز المخاوف في لبنان من تفلت المواطنين من تدابير الحماية من جهة وعدم احترام موجبات عدم الاختلاط الكثيف من جهة أخرى، وقد برزت امس واقعيا مشاهد تثير الخوف الكبير مما يمكن ان يحصل في أيام العطلة.

وكانت تقارير وزارة الصحة رصدت امس لليوم الثاني تواليا قفزة مقلقة في عدد الإصابات بلغت 62 حالة جديدة توزعت على 59 حالة لمقيمين و3 حالات لوافدين من الخارج. وتزامن ذلك مع إجراءات عزل بلدة مجدل عنجر كما عزل بلدة مزبود اللتين سجلت فيها عشرات الإصابات معظمها ابقي قيد الحجز في المنازل مع مراقبة ومتابعة صحية وبلدية. وحذر وزير الصحة حمد حسن لدى زيارته لمجدل عنجر امس من "كارثة اذا لم نكن على قدر عال من المسؤولية " ولكنه شدد على "اننا لن نتراجع ولن نتخاذل الان وسنفوز بالمعركة ولن نشهد موجة ثانية اذا تحلينا بالوعي والمسؤولية ". وربط وزير الصحة موضوع الاقفال الشامل بوضع الانتشار وتأثيره على المستشفيات لافتا الى انه اذا أصبحت الاسرة في المستشفيات غير كافية (لاستيعاب المصابين ) سنذهب عندئذ الى الاقفال الكامل".

وسط هذه الأجواء برزت معالم مراوحة في المشهد السياسي بحيث تترقب الأوساط السياسية والنيابية اثر الإجراءات التي سيبدأ مصرف لبنان تنفيذها ابتداء من 27 أيار وانعكاساتها على تراجع سعر صرف الدولار الأميركي من جهة وتراجع أسعار السلع الغذائية الأساسية بما يهدئ فورة غلاء معظم المواد الأساسية من جهة أخرى. وتقول مصادر معنية ان هذه الخطوة ستشكل اختبارا اوليا للمساكنة الجديدة القسرية بين رئيس الحكومة حسان دياب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة اللذين اجتمعا قبل يومين في السرايا. وتشير المصادر الى ان المسائل المالية والمصرفية عادت تتقدم بقوة كل الأولويات الأخرى بعدما فشلت الحكومة وخلافا لكل ما أراد رئيسها حسان دياب تصويره في كلمته لمناسبة مرور المئة يوم الأولى من عمر الحكومة في اتخاذ كل الخطوات الإدارية والإصلاحية الصارمة لوضع الازمة المالية على سكة المواجهة الجدية مع الازمة. وإذ لاحظت ان المناخ السلبي العام في البلاد عقب توجيه دياب كلمته عكس الى حدود واسعة التراجعات الكبيرة التي منيت بها الحكومة في وقت قياسي، اشارت الى ان اضطرار رئيس الحكومة الى عقد تسوية جديدة مع حاكم مصرف لبنان بعدما كان ارتكب خطأ فادحا في مهاجمته علنا في سابقة غريبة يعكس التخبط المتادي في سلوكيات الحكومة وتسرعها في المعالجات العشوائية. كما ان المصادر لفتت الى ان هذا التخبط انعكس أيضا على مواقف افرقاء أساسيين وشركاء ضمن الحكومة من سياساتها التي بدأت ترتب الكثير من الاكلاف السلبية عليهم، وفي هذا السياق ربما يندرج الاتفاق المفاجئ الذي عقد بين الكتلة النيابية لرئيس مجلس النواب نبيه بري وكتلة لبنان القوي برئاسة النائب جبران باسيل على اقتراح القانون المشترك حول اعتماد الكابيتال كونترول الذي كان بري رفضه أصلا وحال دون إقراره في مجلس الوزراء .


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa