"الفدرالية" في لبنان بين الاستحالة والواقع... وهذا موقف نصرالله منها!

31/05/2020 07:17PM

"صرنا قاطعين شوط كتير كبير بطرح الفيدراليّة"، يُعلن الدكتور الفريد رياشي، حامل لواء الفيدراليّة في لبنان لـ "السياسة"، في سؤالنا عن لقائه والسيد نصرالله كما تردّد في بعض الاوساط الاعلاميّة مؤخّراً.

حيث كشف عن أنّ "موقف الكثير من الافرقاء السياسيين من الفيدراليّة مختلف عمّا هو سائد أنّه عليه". بعدما أكّد أنّ علاقاته بجميع الاطراف السياسية "قائمة".

أمّا "السياسة" فقد علمت من مصادرها أنّ "اللقاء بين نصرالله ورياشي قد حصل بالفعل، وأنّه -نصرالله- موقفاً ايجابياً من الفيدرالية بعكس الباقين ولكنّه متريّث لإعلان موقفه لأنّ الطبخة ما زالت تحتاج القليل من الجهود حتى تكتمل".

الفيدراليّة كـ "البامية"، ينقسمُ المطّلعون بطعمها بين مُحِبٍّ شرسٍ وكارهٍ أشرس! 

ولا يوجد بين الفئتين من يسجّل موقفاً ما بين بين.. 

رياشي، من الفئة الاولى، ليس ممّن يقدّرون "طعم" الفيدراليّة وحسب، بل هو من المروّجين لطريقة "تحضيرها" والمشجّعين على ترسيخها في ذاكرة الشعب والوطن الاجتماعيّة والاقتصاديّة وحتى الوجوديّة.

وفي خضمّ مناداته بـالفيدراليّة، عذر رياشي الاطراف السياسية التي تصطفّ ضدّها معتبراً أنّ "لديها مخاوفها من النظام الفيدرالي". معتبراً أنّ "من تناول لقاءه والامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله هي وسائل اعلاميّة لها اهدافها السياسية وتمثّل تيارات وأحزاب معيّنة".

وتابع:"لاحظنا مواقف لسياسيين وأحزاب معارضة للفيدرالية مثل موقف الرئيس السابق سعد الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه برّي وحليفه وليد جنبلاط، ونعتقد أنّ لديهم مخاوفهم ونتمنّى أن يتجاوزوها".

وقد قيّم رياشي كلّ من الحريري وبرّي وجنبلاط بـ "الحالات المتراجعة". معتبراً أنّ "الفيدراليّة تُراجِع مفهوم الزعامة وعنصر القوّة لدى الزعيم والنفوذ غير المنطقي له، وتُحوّل الصراع بين الطوائف لصراعات ايجابيّة".

وفي الحديث عن النظرة الخارجيّة لـ لبنان اعتبر رياشي أنّ "الفيدراليّة تفتح مجالاً لقوى سياسيّة جديدة لتبرز ضمن طوائفها".

بينما عمّا يخصّ الآليّة لتطبيق الفيدراليّة شدّد رياشي على أنّنا "في مواجهة دوليّة ولا حل لها الا عبر المصالحة مع المجتمع الدولي، واقتناع السياسيين بأننا بحاجة لما يحافظ على هذه العلاقة وعلى كيان لبنان، وبعد مدّة معيّنة سيكون هنالك مؤتمر عام وبرعاية اقليمية ودولية لمناقشة مسألة النظام في لبنان".

وأعلن رياشي أنّ "المجتمع الدولي لديه نظرة ايجابية للنظام الفيدرالي لتحول المجتمعات نفسها من مجتمعات عنفية لمجتمعات منتجة تفكر بتطوير نفسها، وهذه المجتمعات تساعد نفسها وغيرها أيضاً".

واعتبر أنّ "الفيدرالية في طور أن تتحقق في سوريا والعراق وستتحضر في لبنان، لانها تحولت من دول ذات حكم شمولي الى دول ذات حكم فيدرالي".

وفي المقلب الفكريّ والوجوديّ الآخر، عرّف الدكتور جمال واكيم في حديث لـ "السياسة" مفهوم الفيدراليّة على أنّها "نظام اداري لبلاد يكون فيها مساحات جغرافية شاسعة وعدد سكان كبير كـروسيا وأميركا، لذلك اعتمدت ههذه الدول الكبرى الفيدراليّة، مع التأكيد على أنّ شعوبهم ذات هويّة واحدة ولا يمكن ادارتها من مركز واحد".

يظهر لنا أنّ كلام واكيم بديهيّ، الى أن نتعمّق بخاصيّة لبنان..

وتابع واكيم:"لا يمكن أن تُسقط الفيدرالية على منطقة لديها خصوصية من الهوية القومية اوالهوية الدينية، لبنان صاحب الـ 10452 كم مربع "ليس محرز لتطبيق نظام فدرالي فيه".

وشرح:" في الانظمة الفدرالية هناك نمطين من الادارة، شق محلّي وشقّ فدرالي، وهذا يسبب تضخم في الادارة، بينما نحن في لبنان نسعى لتقليص الادارات والقطاع العام وليس العكس".

ثمّ تابع واكيم:"بعدد سكان قليل مقارنةً بعدد سكان اميركا وروسيا، هل نحن بحتجو نمطين من الادارة؟"

وعلّق على المنطق الذي يتناول فيه اللبنانيون موضوع الفيدراليّة قائلاً:"هو منطق طائفي، وهنا يوجد اسقاط للفدرلة على المنطق الطائفي".

مؤكّداً أنّ "في اميركا الفدرالية ساهمت باندماج الشعوب، بينما في لبنان في اسقاط المنطق الطائفي على النظام الفدرالي نكون قد زدنا الشرخ ووسعناه ولم نضيّقه".

ووصف الفيدرالية في لبنان بأنّها "تقسيم المٌقسّم وتجزئة المجزأ". مؤكداً أنّ "ما لم يستطيعوا تحقيقه في الحرب سيحققوه في السلم بالفيدرالية".

وأعلن:"انها خيانة ودعوة مشبوهة".

أمّا عن الاقليم، اعتبر واكيم أنّ "تطبيق الفيدرالية في العراق هو بمثابة ترسيخ الطائفية، مؤكّداً أنّ "الفيدرالية التي طبّقت في العراق هي استمرارية لسايكس بيكو". كما ورفض واكيم الاعتبار أنّ "في سوريا تحقق النظام الفيدرالي".

ومن الناحية الاخرى، اعتبر أنّ "الكيان الصهيوني لا يمكن أن يستمرّ إلا بتقسيم الاقليّات حسب الدول التي تحيط بالكيان المحتلّ، وبذلك لا يبقى الصهاينة أصغر أقلية موجودة في المنطقة بل الاكبر، ما يجعلهم قادرون على البقاء والاستمرار".

حسم واكيم قراره تجاه البامية اذاً، لن يتحمّلها يوماً.. وأكّد أنّ مفهوم الفيدرالية لن يُطبّق يوماً في لبنان.

بين أن تكون الفيدراليّة هي الحل، وبين أن تكون الدرجة الاولى -او الاخيرة- في سُلّمٍ يودي به الى الهاوية المحتومة.. فارقٌ أعمق من مجرّد انقساماتٍ عاموديّة في عمق الواقع اللبنانيّ.. 

إن لم يتّفق اللبنانيون على هويّة واحدة، فمصير لبنان حكماً الزّوال! 


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa