من لبنان الى أميركا.. تضامن استنسابي بين "ثقافة الاستعلاء" و"العنصريّة العارية"

01/06/2020 09:22PM

أدر كاميرتك الداخليّة. سجّل على صفحة خالية من الخلفيّات العقدية والافكار المسبقة ملاحظاتك الأهمّ. دوِّن النّظرات والانفعالات وردّات الفعل والانسحابات ، سجّل أصوات المعترضين والصّارخين والمنسحبين والمستهجنين. عُدّ نظرات الاشمئزاز. عُدّ كم شخصاً ينسحب وكم أُمٍّ تسحب أولادها من المسبح، اذا نزلت فيه عاملة منزليّة أثيوبيّة أو سرلنكيّة أو بنغلادشيّة.. 


ردّة فعلٍ تلقائيّة ومتوقّعة، ومفهومة في سياقٍ تاريخيّ اتّسم بمعاملة هؤلاء ومن مثلهم "سود" البشرة بفوقيّة وعجرفة وتفوُّق مزعوم، -لأنهم كما يصفونهم- "بشر درجة ثانية" او "هلقد بيفهموا" او ما شابه.. 


مُستغربةٌ ردّةُ فعل الانسحاب والقرف التي تعتري جباه الأمهات اللبنانيات، اللواتي لولا المساعدات لأكل العثُّ منازلهم، فثقافة "الصبحيّة" و"الماركة" متفوّقة على الانسانيّة في هذه البلاد! ثقافةُ الكسل والاتّكاليّة طاغية، ولو ألبسناها ألف تعبير Strong Independent Woman. 


بعد شوط الاشمئزاز والانهيارات وغسيل "مايوهات" الاولاد الذي تنهيه ربّة القصر، تتوجّه الى منصّات التواصل الاجتماعي وتغيّر صورتها على تويتر لتضع علامة تويتر باللون الاسود تضامناً مع جورج فلويد، وتغيّر bio الفيسبوك لتكتب عبارة مارتن لوثر كينغ:"الفصل العنصري جريمة زنا محرمة بين الظلم والخلود". وتُبدّل زهرة الحائط المسالمة بصورة ويلما رودولف! انها العنصريّة العارية بأبهى حللها.. 


إنّ الحوائط يا عزيزتي لو استطاعت التكلّم لنفضت عنها غبار العنصريّة وصرخت مع من يصرخ في شوارع أميركا رفضاً للظلم والتفرقة واللاعدالة التي تعتمدينها في نمط حياتك اليوميّ! 


والمشكلة طبعاً ليست بالسّيّدة نفسها، فالواحد منّا اليوم وهنا ليست جزيرةً معزولة لا بالافكار ولا بالقناعات ولا بالتصرّفات ولا حتّى بالمفاهيم العامّة. وهي ما يُعرف بـ "ثقافة الاستعلاء".


إنّها عقليّةُ مجتمع استنسابيّةٍ تهلّل لانتفاضة فلويد وتمنع ذوي بشرته من اجراء اتّصال بأهلهم وأقاربهم بحجة أن "نظام الكفالة يقضي بذلك". 

وفي سياق الحديث عن نظام الكفالة، أكّد رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال و المستخدمين في لبنان كاسترو عبدالله أنّ "هذا الموضوع مخالف للقانون والنقابة تسعى لإحداث تغييرات فيه منذ الـ 2015".


أما عن تعاطف الشعب اللبناني مع الشعب الاميركي فوصفها كاسترو بأنّها سياق تاريخي ذلك أنّ الشعب اللبناني تعاطف وتضامن مع المظلومين أينما كانوا من فلسطين الى جنوب أفريقيا.


واعتبر أنّ "العنصريّة من الادارة الاميركية تجاه سمر البشرة ليست بجديدة، ولكن للأسف اللبنانيون أخذوا تجاه هذه القضيّة موقف من كانوا يتفرّجون على فلويد وهو يختنق ولم يحرّكوا ساكناً، بحيث أنّهم تعاطفوا معه كأميركي أسمر وتضامنوا، وهم سيئون في تعاملهم مع السُّمر الذين يعملون في لبنان".


وأعلن النقيب أنّ "النقابة لا تميّز بين انسان وانسان حسب عرقه أو دينه او ما شابه".


واستنكر بصفته الشخصية وصفة المؤسسة "الجريمة بحق فلويد وعنصرية أميركا وادارتها تجاه سمر البشرة".


وكشف عبر "السياسة" أنّ النقابة ستقدّم شكوى أمام لجنة الحريات الثقافيّة بعد تجميع الوثائق والشهادات الحيّة فيما خص موضوع عمال شركة رامكو الذي شكل مادة سجالية دسمة في الاونة الاخيرة. وأكّد أنّ الادارة منعتهم من الدخول الى الشركة. 


كما شدّد على أنّهم قد قدّموا شكوى أخرى "لإقامة نقابة لشؤون العمال والعاملات الاجنبيات، وإلغاء نظام الكفالة".


وفي السياق، ومن باب حقّ الرّدّ، نفت شركة "رامكو" عبر شخص مديرها وليد ابو سعد أن يكون قد تمّ التواصل معها من النقابة ولا حتى زيارتها. فاقتضى التوضيح بذلك.

أمّا عن حال العمّال الاجانب، الذين يُعانون الأمرّين في بلادٍ لا تكادُ تملك خُبزها كفاف يومها، بين أن يكونوا مظلومين أو مجرّد أداة لتصفيات مبنية على مصالح ضيقة او سياسية، فارقٌ برفع خيط!


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa