كرة الأزمة اللبنانيّة مستمرة في تدحرجها... والسلطة على عادتها تأتي متأخرة

30/06/2020 06:23AM

أسبوع جديد بدأ في بلد منهار بالكامل، على ذات المنحى الكئيب الذي يسلكه، وكرة الأزمة مستمرة في تدحرجها آكلة أخضر البلد ويابسه، وكلّ فئات الشعب اللبناني صارت منكوبة وفي ادنى الحضيض، ويكفي فقط تصفّحٌ عابر لوجوه الناس، ليُقرأ فيها الشعور القاتل الذي يتملكهم بأنّهم صاروا منقادين رغماً عنهم الى ما يشبه الإبادة الجماعيّة.

ليس في هذا التوصيف مبالغة، فقد تهاوى الهيكل وانتهى الأمر، وكلّ يوم يمضي أسوأ على اللبنانيين من سابقه، كلّ يوم يمضي ثمنه اغلى من سابقه بمسافات، وهكذا وعلى مدار الساعة، تقترب المسافة اكثر من القعر، وفي الطريق اليه تتراكم خيبات الأمل والأعباء والأوجاع في كلّ بيت.

 

وها هي السلطة على عادتها، تأتي متأخّرة، فقرّرت ان تشّمر عن سواعدها وتنزل الى ساحة المعركة، وخصّصت اجتماعاً لمجلس الوزراء اليوم لبحث الازمة الاقتصادية والمالية، وهو عنوان أقلّ ما يُقال فيه إنّه أقبح من ذنب، فماذا ستبحث بعدما وقعت الواقعة وانهار البلد؟ وعلى ما يقول أحد كبار المسؤولين: «الآن استفقتم لبحث الأزمة، «يطعمكم الحجّة والناس راجعة»، الناس شبعت اجتماعات، خذوا قرارات بحجم الأزمة ونفذوها، واشعروا الناس بقليل من الأمان»!

ويضيف: «لقد تجاوزت التشاؤم الى ما هو أبعد وأسوأ، ولا انتظر من سلطة لا تملك شيئاً ان تعطي شيئاً، والتجربة معها تجعلنا متيقنين بأنّ جلسة مجلس الوزراء اليوم ليست سوى محطة اضافية لتضييع الوقت، وبالتالي ليست اكثر من حلقة جديدة تُضاف الى مسلسل الاجتماعات اللاانتاجيّة التي تُعرض بنجاح منقطع النظيرعلى الشاشة الحكوميّة».

بالأمس طار الدولار الى ما فوق الـ8000 ليرة، وطيّر معه القليل المتبقي في جيوب الناس، فماذا بعد؟ هل ستتمكّن السلطة من اللحاق به؟ وهل هي بادرت ولو من باب رفع العتب الى محاولة لجم السوق السوداء، او كبح مواقع التواصل الاجتماعي المُسَخّرة لضرب الليرة، أو ردع «غروبّات الواتساب» التي تمعن في التخويف ورمي الارقام من 10000 و 11000 و12000 ليرة للدولار؟ والأهم، هل بادرت الى تعقّب، أو ترصّد تلك الغرف السوداء التي تبث الشائعات ومنع اللبنانيين من التنعم ولو ببارقة امل صغيرة، على ما حصل في الترويج المشبوه عشية فتح المطار عن منع ادخال اي مسافر يأتي الى لبنان اكثر من 2000 دولار. وهو امر وصفه مسؤول كبير بقوله لـ«الجمهورية»: «هذا امر بالغ الخطورة ومخرّب، ليس بفعل مراهقين، بل بفعل منظّم ومدروس، القصد منه تخويف المغتربين الراغبين بالمجيء الى لبنان، وحرمان اللبنانيين مما قد يأتي به هؤلاء من اموال الى لبنان، الذي هو بأمسّ الحاجة الى الاوكسيجين الذي قد يوفّره المغتربون لأهلهم وبلدهم في ظلّ الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة».

كيف يمكن للسلطة ان تلحق بالدولار او السوق السوداء او مروّجي الشائعات التخريبية، طالما أنّها ما زالت في مرحلة تشخيص الأزمة، وتبحث عن حلول لا تجدُها؟ وكيف يُعوّل عليها في هذه الحالة، طالما انّها تجهل كيف تبني الجبهة الدفاعية عن الدولة والناس، وأقصى ما تقدّمه تعويضاً عن هذا الجهل، هو بيع العواطف الفارغة الى الناس، ودعوتهم الى الصبر وإجلاسهم على جمر وعود كاذبة، وتوكل الى «حراس السلطة» وجوقة الزجالين، إكمال مسلسل الكذب والدجل، والتطبيل لإنجازات لم ترقَ لأن تصبح حتى ورقيّة؟

هذا هو لسان حال الناس الذين سئموا التجارب الفاشلة، وسلطة اللاّفعل واللاّمبادرة واللاّمسؤولية، وصاروا يجاهرون علناً وبكل جرأة: لو كانت هذه السلطة تحترم نفسها لكانت أوقفت سيرك التهريج السياسي والكوميديا السوداء التي تمعن في عرضها على مسرح الأزمة، وحزمت حقائب فشلها، وخرجت بلا تردّد و»طبشت» الباب خلفها، وغادرت الى لا رجعة!


المصدر : الجمهورية

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa