الزراعة ليست بديل الثورة.. إنّنا أكثر من تراب!

08/07/2020 08:43PM

ضرب حقّاً "سيّد التحدّيات" - كما ارتأى روّاد السوشال ميديا تسميته- عصاه البرّ هذه لمرّة، فما كان منهم، اولئك الاوفياء، إلّا أن عبروا معه وبايعوه!

بين الجهاد المقدّس والارض وحدة حالٍ ومصير. ولو أرادا الانفصال لما وجدا الى ذلك سبيلاً..

عليه، أطلّ البارحة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ليعلن "الجهاد الزراعي والصناعي"، على قاعدة أنّ "الانسان من التراب والى التراب يعود".

لم يتوانَ بإطلالته عن قهر المتمسّكين الذين قد يعصون مبايعته، اولئك الذين هم في عداد بيئة المقاومة لكنّهم ليسوا في كنف حزب الله ولا في جيبة السيد مثلا، وهم كثر في الحقيقة.

انهالت التهليلات، وهو أمرٌ مفهوم لمحبّيه، لكنّ، في المقلب الآخر، انهال الغضب على الموقف، كأيّ موقفٍ يصدر عن السيد مهما كان ايجابيّاً.

المعضلة، أنّ فئةً ثالثة، بين الفئتين المذكورتين، يكاد لا يلحظها أحد، تضمحلُّ يوماً بعد يوم، في سبيل محاولات صمودها. صمودٌ صغيرٌ بعدُ وتنهار.. اولئك الذين لا حول لهم ولا قوّة، من انتهجوا "المقاومة" بدون أن يقبضوا بالدولار، بدون أن يفكّروا بمدى صعوبة خلق بدائل حين يكونُ واحدهم جائعاً وتعباً ومقهوراً وضعيفاً وذليل.

هؤلاء موجودون، لسانُ حالهم يقول :"إنّا، يا سيّدي، أكثر من تراب".

وعلينا قبل أن نمدّ أيدينا لنزرع مع من سرقنا، أن نحاسبه، حتى لا يسرق زرعنا.. بعد حين! 

لم ينسَ هذا الجمهور خطاب "سيّد االتحدّيات" حين خرج في عزّ احتقان الشارع و "زرّك" للآخرين بامكانيّة قلب الشارع الشيعي موازين اللعبة إن تمّ توجيههم الى الشارع، ومع ذلك لم يفعل، وترك الناس تواجه مصيرها وحدها في مهبّ الساحات.. 

والبارحة من جديد، خرج على شعبٍ لا يظنّه زعيماً طائفيّا او حزبيّاً بل اباً روحيّاً لهم أجمعين، ليخلق لهم حلولاً حتّى تمرّ أزمة الجوع الراهنة عليهم بأقلّ خسائر ممكنة. وكأنّ أمعاء هؤلاء الخاوية لا يُسمع صوتها في الصين بعد!

وفي قراءةٍ هادئة لخطاب البارحة "الايجابيّ"، يعتبر المطّلعون أنّ "ما حثّ السيد شعبه عليه يوضع في خانة لا خلق البدائل وحسب، بل الاكتفاء الذاتي والعمل على الانتاج المحلّي حتّى يتمكّن أبناء جلدتنا من الثبات في أماكنهم عند أي مأساة جديدة طارئة".

وهذه منهجيّة لا بدّ وأن تكون ناجحة، على المدى البعيد، لكنّنا اليوم أمام منعطف خطير وأولويات مختلفة.

الزراعة لا تحلّ محلّ الثورة. 

ثوروا، ثمّ ازرعوا ما شئتم من البطولات، الكرامة لا تُسكت خواء الامعاء.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa