ماذا لو مات كلّ "زعماء" السُّلطة؟

22/07/2020 04:35PM

تخيّل لو أنّك نمت اليوم، وأفقت بعد عشر سنين تقريباً.. وكان قد مات كلٌّ من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي (إن كان يشيخُ ويموت)، ورئيس الجمهوريّة ميشال عون، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. 

كيف سيكون شكلُ لبنان؟ وكيف سينقسم الشعب اللبنانيّ بعد اضمحلال آبائه الروحيّين؟

وبالمناسبة، لو لم يتمّ اغتيال الرئيس رفيق الحريري لكان في عداد من عددنا. لكن يبدو أنّ من اغتاله خدمه من حيث لم يدرِ.. او كان دارياً!

بالوقائع، لا بالأُمنيات..! 

وفي قراءةٍ بسيطة للواقع اللبنانيّ واجتماعيّة شعبه، لا يخفى على أحد أنّ هذا الشعب بحاجة لمن يتبنّاه! طفلٌ كبيرٌ الشعبُ اللبنانيّ يبحث في مسيرة حياته على جهةٍ سياسية كانت او دينيّة تحيط به بجناحها دوماً لإلّا يتوه!

سيموتون بعد حوالى عشر سنوات.. وستفرغ كراسيهم، والفراغ الذي سيتركونه سيُخلّف فراغاً أكبر عند أطفالهم.. 

فماذا سيكون مصير هؤلاء؟ وكيف سيكون شكل الاصطفافات الجديدة؟ 

لبنان من أكثر دول العالم التي تكرّر اعادة انتاج تاريخها، بالمصطلحات والسياق والمواقف وحتّى بأمراض السلطويّين فيها وعقدهم واستزلامهم الاعمى، وتبعيّتهم.

وفي لمحةٍ بسيطةٍ لتاريخ هذا اللبنان الذي يدّعي الاستقلال والتحرّر من قيود الخارج والخوارج، ليس لزمنٍ بعيدٍ، الحرب المزعومة أهليّتها مثلاً.. ظهرت وجوه جديدة على الساحة اللبنانية العسكريّة اولاً ثمّ السياسيّة فيما بعد.. لم يكن لبنانيٌّ قد سمع بها بعد.. حيث اختفى كميل شمعون وصائب سلام ورشيد كرامي ومعروف سعد وغيرهم.. ليظهر لنا سمير جعجع الشاب الجرديّ الذي ظهر في بيروت شاهراً سلاحه بوجه ميشال عون العسكريّ الذي قاد جيشاً.. وحده سليل الاقطاع من أبقى على اقطاعه وكرّسه في الحرب. 

وهذا ما لن يحصل اليوم لأنّ تيمور جنبلاط غير مُهيّأ لاستلام سلسلةٍ من الاعراق الدرزية خصوصاً مع ضعف الخصوم الذي يتناتشون طائفته منه، كرئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب وعطوفة بائع دماء شبابه.

ومن جهةٍ أُخرى، فبرّي كان أذكى من أن "يبلي" مصطفى في الحياة السياسية اللبنانية، او ربّما رندة لم تترك له ما يورّثه في سياق التوريث السياسي، لا شأن لنا ولا نتدخّل في الشؤون العائليّة الداخلية لعائلة مجلس النوّاب. 

ايضاً.. جعجع لم يُرزق.. وباسيل، غير متوافق عليه من كل الاطراف المارونيّة ولم يستطع أن يجاري تاريخ عون عند الطائفة المارونيّة.

بينما الطائفة السنيّة فهي اصلاً مشرذمة وشخصٌ بعيدٌ عن السياسة بعد رئيس الحكومة السابق سعد الحريري لن يمسك حتماً بزمام الامور.

هناك، لبنان أمام سيناروين لا خيار لهما.. إمّا ان تعيد نفس العقلية السلطوية اللبنانية إنتاج نفسها بنفسها، عبر وجوه وأسماء جديدة، وبعد ما يقارب الثلاثين عام سيكتُب أحد الصحافيين الطريّ عودُهم، مثلي، ما اكتبُ أنا اليوم.. فيكونُ مصيرُ حتّى الصحافة في هذه البلاد أن تُعيد إنتاج مقالاتها نفسها.. 

أو، وهو السيناريو الرّديف، ستخلو الساحة لبعض الشباب اللبنانيّ اليوم الذي سينطلق من أسس مختلفة عن أسلافه، ليغزو لبناننا بمفاهيم جديدة تناسب المرحلة والظرف.. لن نأمل طبعاً أن تعود الاحزاب العلمانيّة التي نخر فيها العتيق حتّى رثّت وسائلها.. لأنّها اصلاً رثّت.. كالحزبين الشيوعي والقومي مثلاً.. 

ليست العشر سنين بالقليلة في عمر الأمم، أو أقله في أعمارنا الستينية، وهو معدّل حياة اللبنانيين بعد كلّ ما يعانونه من فساداتٍ على كل أصعدة هذه السلطة انطلاقاً من الدجاج وليس انتهاءً به..

"إنّ الحياة وخيرها وحسنها وجمالها هم غايتنا الاخيرة".. وهذه الغاية لا يمكن أن تبصر النور في هذه السنين القليلة امامنا.. وحتّى ذلك الحين، نحنُ رهنُ الاحباط والأمل على حدّ سواء.. بأنّ غيرالقدرة الالهيّة لن تأخذهم.. وأنّنا سنعيشُ سنين قليلةً بدونهم..


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa