‎ من رفيق الحريري الى حسن نصرالله: أوقفنا العد.

29/07/2020 12:44PM

كتبت جوزفين ديب في "السياسة": تزامنا مع الحدث الامني على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة يعود السجال في لبنان بين القوى السياسية حول سلاح المقاومة.

‎ثلاث عناوين طبعت وجه لبنان السياسي والامني منذ العام 75.

‎ اتفاق الطائف الذي أخرج المسيحيين مهزومين من الحرب مقلصا صلاحيات رئيس الجمهورية الماروني بعد سنوات من المارونية السياسية لما كان الموارنة ركيزة القرار في الحياة السياسية اللبنانية. خرج المسيحيون من المعادلة بأكبر الخسائر لصالح صلاحيات أعطيت للطائفة السنية ممثلة بمجلس الوزراء مجتمعا عام 1990.

‎منذ العام 90 حتى العام 2005 خضع لبنان لحكم صيغة السين سين تحت العباءة الاميركية. أنهى حكم هذه الصيغة اغتيال الرئيس رفيق الحريري لتبدأ مرحلة أخرى هي مرحلة تعاظم قوة حزب الله وحلفائه في لبنان حتى يومنا هذا.

‎الا أن الثابت في تطورات الاقليم ولبنان، أن هذا العام سيكون مفصليا على لبنان. سينتج عنه نموذج حكم جديد يبلوره الاشتباك الراهن. بين الطوق الذي تحكمه الولايات المتحدة الاميركية وبين تطورات دول الجوار، تقبل المنطقة على تسوية ستحدد مسار المشهد السياسي فيها في العشرين سنة المقبلة.

‎أما في لبنان، ومنذ أن طرح رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان معادلة النأي بالنفس على طاولة الحوار في بعبدا عام 2014 في بحثها طبقها الأساس الاستراتجية الدفاعية، بدأ النقاش الجدي في البلد حول سلاح حزب الله.

‎غير أن هذا السجال بقي أسير ضعف فريق ما سمي بالرابع عشر من آذار وعدم قدرته على مواجهة نفوذ حزب الله وتمدده الى الدول العربية المجاورة وهو ما عبرت عنه أوساط عوكر في لبنان أكثر من مرة. اليوم يختلف الامر بعدما قررت السفيرة الاميركية أن تلعب دور المواجهة بشكل مباشر. فبدأ السجال يرتفع الى السطح بشكل أقوى وأكثر قدرة على التأثير لما له من دعامات دولية واميركية مباشرة.

‎يقف خلف الدعوة الى إعادة النظر بسلاح حزب الله ودوره في لبنان والمنطقة قوى سياسية مسيحية وسنية. تقاطرت هذه القوى نفسها الى الديمان لملاقاة دعوة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في الديمان الى الحياد.

كثيرون من محور حزب الله رأوا في تصريح الراعي عن الحياد شبهة لجهة ارتباط الدعوة بأجندة خارجية تحديدا اميركية. 

الا أن ذلك لم يمنع قسما كبيرا من اللبنانيين من اعلان جهارا انضمامهم الى محور المطالبين بالحياد. غير أن السؤال الحقيقي اليوم هو عن مدى الثمن الباهظ الحياد. 

وعليه، يسأل مراقبون لشكل الانقسام في البلد وهوية المنقسمين، هل يدرك المسيحيون تحديدا ثمن مطالبتهم بالحياد؟ 

وإن لم يحظ باجماع من طائفته ومن القوى السياسية الشيعية، الا أن اكثر من عبر عن هذه الاشكالية هو المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان بقوله "إننا كشيعة أكثرية مكونة في هذا الوطن، كنا ولا نزال لا نقبل أي رشوة أو تهديد أو صفقة أو لقاء عنوانه بيع البلد أو تقديمه هدية تحت أي إسم كان."

جاء هذا الكلام مرافقا لكتابات ذكرت بأن اتفاق الطائف نص على المثالثة ضمن المناصفة وأن الشكل الديمغرافي للبنان سيشكل حتما أحجام الطوائف فيه وحجم مشاركتهم في الدولة وإدارتها. 

وعليه، هل يكون ثمن السلاح دخول الطائفة الشيعية الى الدولة على حساب المسيحيين الذي يتناقص حجمهم ونفوذهم مع الوقت؟ 

سيناريو يبدو مستبعدا الى حد بعيد. يقول المطلعون على كواليس الغرف المغلقة في البلاد. أولا لأن سلاح الحزب غير مطروح. بل ما يحكى عن الضغط عليه للبننته لا يعدو كونه ضغطا لانسحاب حزب الله من سوريا والعراق واليمن ومعارك الاقليم ويبقى حارسا للحدود في لبنان. 

ثانيا لأن حزب الله يدرك أن فرض دخوله الى النظام اللبناني يعني الاعتراف بالهزيمة في الاقليم وهذا مستبعد. 

ثالثا لان فرض دخوله الى النظام اللبناني يعني أن يخسر حزب الله حلفاءه المسيحيين وهذا مستبعد ايضا. 

وبالتالي يبدو الاكثر ترجيحا ان تطول فترة المفاوضات قبل الاعلان عن الحاجة الى عقد اجتماعي جديد يحمي القوى السياسية الحالية التي ستعود وتنتج نفسها من جديد في شكل نظام جديد. 

عقد اجتماعي لن يكون على حساب أحد خصوصا المسيحيين الذين وجدوا أنفسهم يملكون اوراق قوة حصلوا عليها نتيجة الحاجة لدورهم في المستقبل. أوراق قوة القوى المسيحية مجتمعة رغم اختلافاتها تكمن في اتفاقهم على فكرة حياد لبنان، على إمكانية الوصول إلى سيناريو الفدرلة أو التقسيم، على الدولة المدنية وعلى أي شكل قد يحمي مصالحم المشتركة كطائفة. 

أما حزب الله، ومن موقع فائض القوة والضعف معا، سيجد نفسه أمام المعادلة التي سبقه إليها الرئيس رفيق الحريري يوم قال "لقد أوقفنا العد". 

لذلك ثمة من قرأ في خطاب المفتي أحمد قبلان دعوة الى جلوس الجميع الى طاولة حوار لبنانية يعلن فيه حزب الله أنه لبناني وليس ايراني في عقد اجتماعي جديد يحمي مصالح النظام مهما اختلف شكل مساكنة القوى السياسية والطائفية فيه.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa