"الكورونا".. "الطائفية".. و"الرّجعية".. اتّفقوا على الحبّ!

31/07/2020 04:35PM

سبعةُ أيّامٍ مضت على عرسٍ لم يتمّ. سبعةُ أيّام بنتيجتين ايجابيتين ونتيجتين سلبيّتين. والضحية واحدة: الفرح.

لم يكن، في الحسبان، يوم كتابة مقال "بين كورونا والزواج المدني في لبنان.. أفراح وأحلام عرسان مؤجّلة" أنّ "كورونا" سيحول حقاً دون زواج حبيبين، لا  منطلقات مبدئية هذه المرّة تتعلّق بطبيعة الزواج.. 

 حدّد الزوجان العرس الساعة الخامسة مساءً. نصفُ ساعةٍ كانت الفارق بين حياةٍ جديدةٍ سعيدةٍ، وأُخرى "قلّعت غلط". وحياتُهُم... "قلّعت غلط".

اتّصلت وزارة الصحة بالعريس لتنقل إليه خبر إصابته بالكورونا، أمّا العروس... فـ negative! مع انّ "بوسة" كانت كفيلة لتنقل العدوى، ألم تفعل؟

التغى العرس. 

خلع الجميع ثياب الفرح، صرنا "بيجامات" مع makeup وشعرٍ مصفّفٍ جميل، فساتينُنا، تقبّلت النبأ قبلنا واستسلمت. أمّا نحن، العائلة التي مضى أسبوع على احتكاك واحدها بالآخر يومياً اجتمعت تنتظر نتيجة الفحص الثاني الذي يؤكّد او ينفي الاصابة بالكورونا.

نعودُ قليلاً للوراء، لماذا أجروا فحص الكورونا إن لم يشعروا بالعوارض او ما شابه؟ لانهم سيتزوجون مدنياً في تركيا والـ PCR إلزاميّ. 

الملفت أنّ أي نائب مثلاً يخضع لفحص الكورونا تظهر نتيجة فحصه بعد ساعات قليلة، امّا نحن، عامّة الشعب ننتظر يومين ونلغي أعراسنا لأنّنا لسنا مواطني الدرجة الاولى! 

على اثر معرفته باصابته، ألغى الاهل العرس المقرّر بعد نصف ساعة، أهل العريس طلبوا منه صورةً جماعيّةً واحدة للعائلة قبل أن يعيد فحصه مرّةً أُخرى، وكان صمته أصدق من كلّ الدموع التي ذُرفت يومها. "الزينة" سُحبت من الدار، وحدها، وقفت السيارة التي كان لا بدّ من أن تتمختر وحيدةً في دارهم، وزّعوا الطعام على المؤسسات الخيرية، وطلبوا دعاءهم.

عيونٌ تترقّب بحذر، مجتمعة في منزل أهل العريس، وهو وحيدٌ في شقّته يوم عرسه.. الساعة الحادية عشر ليلاً.. "العريس مصابٌ بالكورونا، وقد تأكدت إصابته".

وكانت آخر أمالنا بالعرس، تضمحلّ.. حتّى اختفت!

تواصل أهله على الفور مع وزارة الصحة، أعلموهم بما حصل، وفي صباح اليوم التالي، العائلة الكبيرة كلها الى فحص الـ PCR!

حشدٌ من المتوجّهين الى بلدية المريجات، رافقهم حشدٌ من الكذب والافتراءات وقلة الضمير والانسانية. 

فالخبر الكاذب في تلك الضيع، يصل أسرع من سيارة الاسعاف. ولأنّ الزواج المدنيّ وحتّى الدينيّ المختلط مستهجنٌ من ذوي العقول المتحجّرة الذين يدّعون الانفتاح، رموا كلّ حقدهم على الحبّ على الجميع.. 

لم تبدأ الاخبار بأنّ ابن أخيه الصغير مصاب، حتّى انتهت بأنّ العائلة ادّعت اصابة العريس يالفيروس لأنّ العروس من دينٍ مُغاير! 

لا أدري كيف انتقل هؤلاء معنا الى الـ 2020 صراحةً.. 

انتظرنا يومين تقريباً حتّى ظهرت نتائج فحوصاتنا، جميعنا NEGATIVE. وساعات قليلة حتّى ظهرت نتيجة العريس، التي كانت مغلوطة من الاساس، NEGATIVE مرّتين والفارق بينهما 72 ساعة! 

ممّا يعني أنّ احتمال عدم اصابته بالكورونا كان وارداً، بل هو انذارٌ كاذب، تماماً كالذي حصل مع النائب جورج عقيص مثلاً، لكنّ عقيص لم يضطرّ لأن ينتظر أياماً ويلغي أعراساً.. فقط نحنُ نفعل ذلك.

بالمناسبة، لم يتزوّجا حتّى اللحظة، لأنّهما بحاجة لأن يعيدا الحجز الى تركيا من جديد. 

المعضلة، أنّه بعيداً من الاخطاء الطبيعية التي من الممكن أن تحصل، وبعيداً من أنّ العروسان اليوم لا يتمكّنان من إجراء عرسٍ بتكلفةٍ مقبولة الى جانب السفر في حالة الزواج المدني.. ما تعرّضا له كان من الممكن أن يحصل مع أيّ أحدٍ آخر.. وحين لم ترحمهما الظروف، اكتشفا أنّ المجتمع بأكمله لم يرحمهما أيضاً.. لا أدري أيهما أصعب‍ حقيقةً.. 

هذا الوعي الذي تحلّت به العائلة والمسؤولية العالية، منعا وقوع كارثة.. مع أنّهم أنفسهم كانوا في كارثة.. 

وفي الختام، حاشانا أن نكون في موقع وعظٍ.. ولكن "جميلٌ أن يتزوّج واحدكم من دينه وأجمل أن يتزوّج من غير دينه".



المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa