فرصة لبنان الاخيرة للتغيير قبل التسوية الكبرى ..

07/08/2020 06:29PM

كتبت الصحافية جوزفين ديب في "السياسة":

وسط ركود المشهد اللبناني العالق بين أزمته الاقتصادية وأزمته الحكومية بعد استقالة وزير الخارجية ناصيف حتي، وأزمته الصحية في تعاظم خطر وباء كورونا، وتوقع وصول عدد الإصابات إلى ألف شخص يومياً وسط عجز القطاع الصحي، وانتظار قرار المحكمة الدولية الذي كان مقرراً اليوم الجمعة، أدى انفجار العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، يوم الثلاثاء الماضي، إلى تغيير المسار اللبناني بشكل جذري.

 سريعاً تغيرت الأولويات. تعاطف العالم بأسره مع لبنان، حتى أن العدو الإسرائيلي حاول تنميق صورته الإجرامية بإضاءة علم لبنان على مبنى بلدية تل أبيب، رغم استنفاره العسكري المستمر منذ أكثر من 3 أسابيع على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة. 

بعد ساعات، حطّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بيروت، يوم الخميس الماضي، كاسراً حصاراً غير مُعلن على لبنان. كسرت الزيارة الطوق على لبنان رغم محاولة سيد الإليزيه رسم صورة إنسانية لها، تحديداً في جولته على الأحياء المجاورة لمرفأ بيروت، ومعانقته المتظاهرين مؤيداً فكرة "تغيير النظام" وواعداً بمنع وصول المساعدات عبر الطرق التقليدية، بل مباشرة إلى الصليب الأحمر والمنظمات الإنسانية.

بعدها، كان لماكرون كلاماً بالغ الاهمية في قصر بعبدا، أمام الرؤساء الثلاثة، ناصباً نفسه مفتاحاً لتنظيم تدفق المساعدات إلى لبنان، ومؤكداً على فتح ثغرة لتمرير المساعدات بالدولار بالاتفاق مع الأميركيين. 

ماذا يعني هذا الكلام؟ هل سترفق ثغرة المساعدات بثغرة في السياسة يتسلل اليها المجتمع الدولي لفرض واقع جديد على لبنان؟ أم هي ثغرة فتحها لنا الشهداء والجرحى فرصة لادارة مختلفة لشؤون الدولة تنتشلنا من فساد السلطة المتراكم عبر السنوات؟ هل ستعي القوى السياسية انها فرصتها الاخيرة للاصلاح سيما بعدما جلس رؤساء الكتل على طاولة الرئيس الفرنسي حيث سمعوا كلاما قاسيا حول ادائهم المخيب لآمال اللبنانيين؟ هنا بيت القصيد. هذه الاسئلة التي تطرح على ألسنة اللبنانيين الذي كفروا بكل شيء. 

آمال اللبنانيين بالاصلاح وجدوها من حيث لا يدرون في مطالبة ماكرون اللبنانيين بتطبيق الاصلاحات رابطاً إياها بتنفيذ مقررات مؤتمر "سيدر" (المنعقد في نيسان 2018)، قبل عودته في أول أيلول المقبل، لحضور احتفالات قيام دولة لبنان الكبير، وإلا "سيكون له كلاماً آخر".

ما هو الكلام الآخر الذي قد يصل له لبنان في حال استمراره بنهجه الحالي؟ الكلام الآخر هو حتما سيحمل معه الانهيار الكبير الذي حذر منه كثيرون في الاشهر الاخيرة. اليوم، يأتي هذا التحذير الفرنسي الممزوج برسالة دولية، رسالة سياسية مغلفة بغطاء انساني. تحذير يحمل معه رسائل وعبر عدة. 

كيف ستسهم المساعدات العربية والدولية في كسر الطوق المحكم على لبنان في السياسة والمال؟ ينقسم الجواب على هذه الإشكالية إلى فرضيتين يجري النقاش بهما في كواليس أهل السياسة.

 الفرضية الأولى تتحدث عن دعم انساني لا يتخطى المساعدات الطبية، لما للانفجار من دمار على المدنيين وممتلكاتهم. بالتالي إن الحديث عن الحادثة على اعتباره مدخلاً لثغرة سياسية مبالغ فيه سيما بعد تأكيد ماكرون انه لن يعطي صكا ابيض لاي من القوى السياسية. بلف تأتي زيارته لدعم الشعب اللبناني. ويقول أصحاب هذه النظرية أيضاً، إن حديث الكواليس عن استقالة كانت مرجحة لكتلة تيار المستقبل، أوقفها الفرنسيون، لأن الاستقالات إذا حصلت ستُحدث 

خللاً في مؤسسات الدولة، لا يخدم مسار الاشتباك المرسوم للبنان والمنطقة.

أما الفرضية الثانية لهذه الاشكالية، فتتمحور حول نظرية الحادث الأمني المفتعل لانفجار العنبر رقم 12. ورغم النقاش الذي قد يكون عقيماً حول أساس التفجير، إلا أن نتائجه هي حتماً تصب في خانة إرساء مشهد سياسي جديد في لبنان. وفي مقارنة سريعة مع المحطات التاريخية اللبنانية، ثمة من يقول أنه كما فتح عام 1990 فصلاً جديداً سورياً ـ سعودياً على لبنان بإشراف أميركي، وكما فتح كذلك 14 شباط 2005 فصلاً جديداً، هكذا سيفتح تاريخ الرابع من آب سيفتح فصلاً جديداً في البلاد. 

إنه 11 أيلول اللبناني الذي سيختصر مراحل عدة كانت مقبلة في البلاد. مراحل كنا ننتظرها للوصول الى طاولة حوار تجلس عليها القوى السياسية لعقد اجتماعي سياسي جديد. هو قد يكون رؤية مختلفة للنظام في لبنان.

بعد الثامن عشر من آب، تاريخ  صدور القرار النهائي للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان والتي ستتهم بصراحة حزب الله في عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، 

كيف ستكر سبحة الاحداث في البلاد؟ هل ستبلسم القوى السياسية جراح اهالي الشهداء والجرحى بادارة مختلفة للبلاد؟ هذه هي الفرصة الاخيرة التي وضعها هذا التفجير أمام لبنان. فرصة اصلاح لن تتكرر قبل أن يحين وقت التسوية الكبرى. فاما نذهب اليها بكرامة أو نذهب اليها زحفا. فلنأمل أن لا تذهب دماء الشهداء هدرا.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa