22/08/2020 07:24AM
منذ بداية أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء ليتجاوز 7 آلاف ليرة (سعره الرسمي 1500 ليرة) والتي سبقها تضييق من المصارف اللبنانية على السحوبات بالعملة الأجنبية، وأهالي الطلاب الذين يدرسون في الخارج يواجهون أزمة مستمرة في تأمين الدولار وإرساله إلى أبنائهم في الخارج. وبينما كان أهالي هؤلاء الطلاب ينتظرون قانونا معجلا مكررا يؤمن لهم «الدولار الطلابي» (بالسعر الرسمي) على غرار الدولار الذي يؤمنه مصرف لبنان لدعم القمح والدواء والمحروقات وفك القيود عن التحويلات المصرفية إلى أبنائهم، صُدموا بتعميم صادر عن حاكم المصرف رياض سلامة يسمح لأهالي الطلاب بتحويل الأموال ولكن بشروط تجعل التعميم مقتصرا على فئة معينة دون سواها، كما يؤكد عضو الهيئة التأسيسية في الجمعية اللبنانية لأولياء الطلاب في الجامعات الأجنبية ربيع كنج.
فقد نص التعميم الصادر أول من أمس (الخميس) على السماح للمصارف بتحويل أموال إلى الخارج من حسابات عملائها الجارية بالعملة الأجنبية فقط لتأمين تسديد أقساط التعليم وبدلات الإيجار وكلفة المعيشة للطلاب، مشترطاً أن يكون الطالب مسجلاً في مؤسسة تعليمية ومقيماً في الخارج قبل نهاية 2019 فضلا عن أن لا يتعدى سقف الـ10 آلاف دولار أميركي، أو ما يعادلها بالعملات الأخرى.
وفي هذا الإطار، يرى كنج أن هذا القرار «لم يراع الأشخاص الذين لديهم حسابات مصرفية بالليرة اللبنانية، أو أولئك الذين لا يملكون أصلا حسابات مصرفية، فضلا عن تحديد المبلغ الذي يُسمح بتحويله بـ10 آلاف دولار سنويا يعني أقل من ألف دولار في الشهر وهذا المبلغ لا يكفي لبدلات الإيجار والقسط الجامعي والمصروف». موضحا في حديث مع «الشرق الأوسط» أن أهالي الطلاب كانوا قد طالبوا بتأمين «الدولار لهم على سعر الصرف الرسمي ( 1515 ليرة للدولار) فضلا عن تحرير التحويلات من الحسابات بالدولار لسداد الأقساط والتكاليف، وأن تكون التحويلات من حسابات التوطين والحسابات الجارية بالعملة اللبنانية إلى الدولار بالسعر الرسمي» لكن التعميم جاء مخيبا لذلك يتجه أهالي الطلاب إلى تنظيم اعتصامات وتحركات يؤكدون خلالها على مطالبهم.
فمنذ بداية العام الحالي وإلهام مبارك تُعاني في موضوع تحويل الأموال لابنتها التي تكمل دراستها في إسبانيا، «بداية ومن دون سابق إنذار منعوني من تحويل الأموال لابنتي حتى من حسابها الشخصي وحددوا لها القيمة التي يحق لها أن تسحبها من بطاقتها بـ200 دولار»، تقول مبارك في حديث مع «الشرق الأوسط». وتضيف أنه حتى عندما مرضت ابنتها منعوها من تحويل فاتورة المستشفى.
ابنة مبارك أصيبت بكورونا ولم تكن تستطيع تأمين المال لعلاجها حتى من حسابها الشخصي بسبب القيود على التحويلات، فكل محاولات والدتها مع المصرف لم تأت بنتيجة، «قدمت للمصرف كل الأوراق المطلوبة والتي تثبت بأنني بحاجة لتحويل المال إلى المستشفى حيث تُعالج ابنتي، ولكن المصرف وبعد شهر ونصف الشهر من دراسة طلب تحويل جزء بسيط جدا من أموالي الخاصة رفض الطلب» تقول مبارك، موضحة أن أخاها اضطر في النهاية إلى تحويل المال لابنتها من ألمانيا.
مبارك وغيرها من أولياء الأمور كانوا يضطرون إلى شراء الدولار من السوق السوداء لإرساله إلى أولادهم في الخارج على الرغم من أن لديهم حسابات بالدولار، وعلى الرغم من وجود تعميم يسمح لهم بالحصول على الدولار من الصرافين بسعر متوسط بين الرسمي والسوق السوداء، لم يستطع معظمهم الاستفادة من هذا الأمر كما تؤكد مبارك قائلة: «كان الصرافون وفي الكثير من الأحيان وبعد تأمين كل الأوراق المطلوبة يجيبون بالرفض».
يوحي تعميم مصرف لبنان الأخير أن معاناة مبارك وغيرها من أولياء الأمور الذين يملكون حسابات مصرفية بالدولار، ستنتهي إلا أن الأمر يبقى غير موثوق وذلك لسببين اثنين أولهما تحديد سقف المبلغ المسموح بتحويله وهو غير كاف وثانيهما «أن كل مصرف يعمل على هواه ولا يلتزم بالتعاميم فمن يضمن التزام المصارف» كما تسأل مبارك.
الأزمة التي يعيشها أهالي الطلاب تدفع بعضهم بالتفكير إلى إيقاف أبنائهم عن الدراسة لسنة أو سنتين يحاولون فيها تأمين المال، تماما كما تفكر لوليتا مراد والتي لديها ابنان يدرسان في فرنسا إدارة فنادق.
مراد اضطرت العام الماضي إلى أخذ قرض لتدفع أقساط ولديها على أساس أن تبدأ بسداده هذا العام منطلقة من أن ما تجنيه من عملها يكفي لسداد القرض، ولكن سعر الدولار ارتفع فجأة وخسر راتبها قيمته ولم تعد قادرة على السداد.
ارتفاع سعر الدولار ترافق مع تضييق على السحوبات والتحويلات فكانت مراد تشتري الدولار من السوق السوداء لترسلها إلى ولديها، واليوم لم تعد قادرة على هذا الأمر لذلك باتت تفكر جديا بالسفر إلى كندا حيث عندها فرصة عمل مع الطلب من ولديها التوقف عن الدراسة لعام يعملان خلاله في فرنسا ليؤمنا مبلغا من المال يكملان فيه دراستهما.
وإذا كانت مراد تفكر بإيقاف دراسة ولديها لعام فإن عماد دبوس يفكر بإيقاف دراسة ابنه كليا، بعدما عاد وبسبب كورونا من بيلاروسيا حيث أكمل سنته الدراسية الثانية في الهندسة المعمارية.
دبوس وفي حديث مع «الشرق الأوسط» يؤكد أنه إذا لم تجد الدولة اللبنانية والمصرف المركزي حلا لتحويل الأموال إلى الطلاب في الخارج «يمكن أن لا يُرسل ابنه لإكمال دراسته» قائلا: «حينها لن يبقى لدي خيار فما دفعته سيذهب هدرا بالإضافة إلى سنتين من عمر ابني».
دبوس فتح حسابا مصرفيا بالدولار وكان يعمل على تأمين الدولار من السوق السوداء ووضعه في هذا الحساب على اعتبار أن مصرف لبنان يلزم المصارف بتحويل الأموال الجديدة (فرش موني) إلا أنه تفاجأ بأن المصرف رفض التحويل ومن ثم منعه من سحب المبلغ إلا بعد فترة وبعد مشادة كلامية، ليعود ويرسل المال عبر إحدى شركات التحويل، فيكون خسر مبلغا أقله ضعف المبلغ الذي أرسله.
المصدر : الشرق الأوسط
شارك هذا الخبر
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa