الكتل السياسية بين " take it or leave it".. ماذا ستختار؟

الوقت يسابق القوى السياسية المعنية بتشكيل الحكومة، فلم يبقى أمام الرئيس المكلف مصطفى أديب سوى أيام معدودة لاعلان التشكيلة الحكومية ضمن المهلة المعطاة له من قبل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، والتي يجب الا تتعدى ال15 يوماً منذ يوم التكليف.

ولكن هل شروط القوى السياسية اليوم ستكون سدا منيعا امام اديب ام ان "حليمة لن تعود إلى عادتها القديمة" مع وجود دعم غربي يسمح للرئيس المكلف بتقسيم الحقائب واختيار الاسماء من دون الرجوع إلى مطالب الاحزاب السياسية.

وفي هذا السياق أعتبر رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية شارل جبور في حديث ل"السياسة" ان"الاطراف التي اعتادت على عرقلة التأليف من اجل حصصها ومكاسبها ونفوذها لا يمكنها مواصلة هذه اللعبة لسبب أساسي وجوهري هو ان الرئيس المكلف ملزم بتأليف حكومة بناء على مواصفات المرحلة التي حددتها باريس بالمبادرة الفرنسية، وفي حال لم يتم الالتزام بمقتضيات التأليف ومقتضيات المبادرة فإن فرنسا ستسحب يدها، يعني ان لبنان سيدخل في نفق مظلم".

واوضح جبور ان " هذه القوى التي اعتادت ان يكون كل شيء على حساب الناس اصبحت امام الامر الواقع يعني على طريقة take it or leave it ".

ورأى جبور ان" الامور اليوم تسير في اتجاه معاكس لانه لا مكان لترف العرقلة، فهم اصبحوا ملزمين بالمبادرة وسقفها".

واعتبر ان "النهج الذي يسير عليه رئيس المكلف هو نهج لا يأخذ بعين الاعتبار الا المصلحة اللبنانية العليا ومقتضيات الدستور".

من جهته، شدد عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبدالله للسياسة ان: "الكتل السياسية صرحت اثناء الاستشارات غير الملزمة ان ليس لديها مطالب ووعدت بالتسهيل، ولكن الواقع يدحض الكلام مع وجود طرف في السلطة يعتقد ان الامور يجب ان تمشي كما يحلو له".

وحول الدعم الغربي لاديب للوقوف بوجه شروط  القوى السياسية، قال عبدالله: "هناك فرق بين ان يَسأل، ويفرض عليه، او يتشاور "، مؤكدا ان "المطلوب اليوم حكومة تقوم بإصلاحات مالية واقتصادية". 

فيما اعتبر القيادي في تيار المستقبل مصطفى علوش ان: "الاطراف السياسة تحاول ان تتملص من احتمال تشكيل الحكومة دون العودة إليها. لكن المبادرة الفرنسية جاءت ضمن سلة تتضمن تسهيل تأليف الحكومة وبعيدة قدر الامكان عن هيمنة السياسة".

واشار إلى ان"ترافق تشكيل الحكومة مع العقوبات الاميركية بإمكانه تشجيع السياسيين للقبول بالامر الواقع".

ولفت علوش الى ان: "الرئيس المكلف يتجه نحو تشكيل حكومة مصغرة من اختصاصيين".

اما منسقة اللجنة المركزية للاعلام في التيار الوطني الحر رندلى جبور، فاعتبرت ان "الاحزاب السياسية تعهدت امام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون  الالتزام بالمهل وبحكومة اختصاصيين موافق عليها من قبل الافرقاء السياسيين".

وقالت: " لا اعتقد ان الرئيس المكلف يستطيع اللعب خارج ملعب الافرقاء السياسيين واحراجهم بالمبادرة لانه لا يمكنه ان يقوم بحكومة دون غطاء سياسي، كما لا يمكن للافرقاء ان يتعاطوا مع هذه الحكومة كما كانوا يتعاملون مع الحكومات السابقة".

ولفتت إلى ان" لقاء الرئيس المكلف مصطفى اديب مع رئيس الجمهورية ميشال عون كان ايجابياً ولا يسوده اي حدية او عراقيل".

اما المحلل السياسي فيصل عبد الساتر فاعتبر في حديث لـ"السياسة ان: "ما يتم تداوله اليوم في الكواليس السياسية حول الرئيس المكلف مصطفى أديب وتمكنه من فرض قاعدة جديدة في تشكيل الحكومات من جهة، وبأنه صاحب القول الفصل في توزيع الاسماء والحقائب من جهة ثانية، امر غير واقعي ويمكن ان يصطدم بعوائق كثيرة امام القوى السياسية التي تشكل البرلمان في لبنان".

وكشف عبد الساتر ان "هذا الامر بدأ يأخذ مساراً تصعيدياً في حال أصرَ الرئيس المكلف على المضي بهذا الاتجاه".

وأكد عبد الساتر ان" الرئيس المكلف سيحتاج إلى جميع القوى السياسية في مجلس النواب كي تمنح حكومته الثقة، وبالتالي لا يمكن ان يبدأ بعملية التشكيل وهو في حالة صدام مع الكتل".

وتابع: " لا شك ان اديب يمتلك دعماً دولياً على المستوى الاقليمي والداخلي ولكن هذا الدعم مهما كان قوياً سيصطدم بلعبة تشكيل الحكومات في الداخل اللبناني، اذ انه لا يمكن للرئيس المكلف ان يتجاوز طبيعة التركيبة اللبنانية، وإذا قدر له ان يتجاوزها بسبب الدعم الغربي، سوف تتمكن منه الطبقة السياسية، وسيتعطل عمله معه كما حصل مع الرئيس المستقيل حسان دياب".

وفي الختام اعتبر عبد الساتر ان "المطلوب الآن ان نذهب بعيداً عن هذه التجاذبات نحو حكومة يحتاجها لبنان بغض النظر عن العقوبات الاميركية وما يمكن ان تتركه من اثر في الساعات المقبلة".

المصدر : السياسة