دور رؤساء الحكومات بعد فشل المستقبل: الحرب على العهد

18/09/2020 09:25PM

منذ احتجاز الرئيس سعد الحريري في السعودية تبدّل حال تيار المستقبل من رأس حربة المشروع المواجه لحزب الله والعهد إلى شريك للطرفين وتيار يرضى بتسويات على حساب مسلّمات لم يكن ليتنازل عنها سابقًا. رفع الدعم السعودي عن الحريري عالجه رئيس التيار بتأمين جو داخلي يألف التعامل معه، فأضحى هو مرشّح أخصامه السابقين دائمًا لرئاسة الحكومة وباتوا هم بالنسبة إليه الضمانة لتواجده عند كل مفترقات الطرق داخل المشهد لا خارجه ولا على هامشه. 

هكذا يرى بعد المقرّبين من الحريري المشهد، وهكذا يصفونه حرفيًا. انفجار مرفأ بيروت كان نقطة التحوّل الأساسية في نظر هؤلاء. يكشف مصدر مقرّب من الحريري نفسه أنّه بعد وصول ماكرون إلى بيروت هناك من همس بأذن الحريري أن الفرصة لإستعادة المكانة والكلمة والقرار قد حانت، وأن الوجود الفرنسي يجب أن يكون هو الغطاء لا حزب الله، وأنّ عدم استغلال الفرصة هذه المرة يعني أن دار رفيق الحريري السياسي في خطر فعلي، وهذا الشخص هو فؤاد السنيورة.

مع بدء المبادرة الفرنسية اتّضح تمامًا في حارة حريك وعين التينة أن لهجة الحريري باتت مختلفة وأن طيبة الشاب المعهودة باتت مطعّمة ببعض الخبث والمكر والدهاء، وهو ما لا يتولّد بين ليلة وضحاها. بدأت مفاوضات التكليف فرحّل الحريري بخجل الملف من يده إلى طاولة رؤساء الحكومات السابقين، ليفاوضوا على الإسم، ويختاروه، ومن ثمّ يقفون في وجه التشكيل ويضعون الشروط ويعرقلون قائلين: القرار لنا.

يشعر من يراقب أداء هؤلاء أنّ هناك ما هو غير صحي، في الشكل والمضمون. فشكلًا مثلًا لم يستشر أي من ناسبي رئاسة الحكومة لأنفسهم ولا لمرة واحدة الرئيس سليم الحص، وكأن الرجل هو خارج نادي رؤساء الحكومات رغم ترؤسه إياها بعدد مرات تفوق ترؤس ميقاتي والسنيورة وسلام لها مجتمعين. أمّا في الأداء، فيسعى هؤلاء لتكريس أنفسهم مرجعية سياسية واضحة، يمر عبرها كل ما ما يتعلّق بالسنّة في لبنان. يشرح المصدر المقرّب من الحريري أن رؤساء الحكومات السابقين يلعبون اليوم الدور الذي عجز تيار المستقبل والحريري عن لعبه طيلة سنوات. سلاح مواجهتهم اليوم لن يوجّه بالطبع نحو الثنائي الشيعي، فالأزمة على وزارة المالية ومن يسمّي الوزير فيها هي عابرة بنظره، أمّا معركته الفعلية هي ضد عهد ميشال عون. يعتبر أن وصول ماكرون إلى لبنان أعطى العهد دفعةً إلى الأمام وجب اليوم على رؤساء الحكومات السابقين، بقيادة السنيورة، أن يواجهوها وأن يتلطوا بها في آن. فيكشف عن أنهم يعتبرون رفض الرئيس عون توقيع التشكيلة الحكومية وإجرائه لمشاورات مع رؤساء الكتل هو تعدٍ على صلاحيات رئاسة الحكومة، وأن بعض شروطهم الحساسة وربّما التعجيزية في التشكيل، ومنها رفع السقف مع الثنائي الشيعي، تهدف إلى تثبيت أن الصلاحيات هي لديهم وليست لدى رئيس الجمهورية.

ما يحصل ليس مستغربًا، وإنّما هو وجه من وجوه الحرب على ميشال عون الشخص والنهج، وهو يشكّل أيضًا حربًا استباقية تجاه استرجاع رئيس الجمهورية لصلاحيات سلبها الطائف بغياب نصف اللبنانيين. الأكيد أنّ المرجعية لن تكون رؤساء الحكومة السابقين، ولكن إن أرادوا لعب دور وطني لا حزبي، وأرادوا أن يكونوا بالفعل نادي لرؤساء الحكومات، عليهم استشارة سليم الحص، وفتح الباب لحسان دياب أن يكون واحدًا منهم بعد تشكيل حكومة أديب أو أي شخصية تخلف دياب. كل ما عدا ذلك هو ألعاب سابقين لا رؤساء حكومات.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa