تفاهم مار مخايل إلى "جهنّم"؟

21/09/2020 08:30PM

كتبت جويس عقيقي في السياسة:

إنّها المرّة الأولى منذ 14 عاماً، منذ توقيع "تفاهم مار مخايل"، الّتي ينتقد فيها رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون حليفه "حزب الله" بشكل علنيّ.

أكثر من ذلك، من على منبر القصر الجمهوريّ، الذي كان لـ "حزب الله" فضلٌ كبير بوصول عون إليه، قالها عون: "كتلتا التّنمية والتّحرير والوفاء للمقاومة تصرّان على التّمسّك بوزارة الماليّة وعلى تسمية الوزير وسائر وزراء الطّائفة الشّيعيّة الكريمة" ومتحصّناً بالدّستور، "هتّ" عون الثّنائي الشّيعيّ بعدم امتلاكه الأكثريّة النّيابيّة فاستطرد قائلاً: "لا يجوز فرض وزراء وحقائب من فريق على الآخرين وخصوصاً أنّه لا يملك الأكثريّة النّيابيّة ... والدّستور لا ينصّ على تخصيص أي ّ وزارة لأيّ طائفة من الطّوائف أو لأيّ فريق من الأفرقاء كما لا يمكن منح أيّ وزير سلطة لا ينصّ عليها الدّستور".

لينهي عون بطرحه اقتراحاً يعرف مسبقاً أنّ حليفه (المصرّ على وزارة المال كما قال عون نفسه) لن يرضى به، ألا وهو إلغاء التّوزيع الطّائفي للوزارات السّياديّة  وعدم تخصيصها لطوائف محدّدة بل جعلها متاحة لكلّ الطوائف.

وفي ما يشبه "تلطيش" حليفه والرّئيس المكلّف معاً تابع عون: "لا الاستقواء على بعضنا سينفع، ولا الاستقواء بالخارج سيجدي".

فهل بدأ عون بالاستدارة عن حليفه الاستراتيجي بسبب سيف العقوبات المسلّط أوّلاً على صهره، رئيس التيّار الوطنيّ الحرّ جبران باسيل؟

"السّياسة" اتّصلت بأكثر من طرف سياسيّ لاستمزاج الآراء بشأن مواقف عون.

البداية مع حليف الحليف (الّذي صار خصم الرّئيس منذ فترة) "تيّار المردة" الّذي تقول مصادره لـ "السّياسة" إن من أوصل البلاد إلى ما هي عليه اليوم هو الرّئيس عون بنفسه و "رمي الكرة في ملعب الآخرين لا ينفع!" وتضيف المصادر: "مدرسة التّعطيل ابتدعها عون بنفسه والتعطيل عرفٌ كرّسه عون كرمى لعيون "الصهر" فلماذا لا يقبل عون على نفسه ما يقبله على الآخرين؟ "ليش لمّا وصلت القصّة لإلو رفضها ولمّا كانت ع غيرو قبل فيها؟" وإن كان عون ينتقد اليوم سياسة تمسّك الحزب بوزارة معيّنة فنحن نقول له: "الحزب يكرّس اليوم سياستَك أنت ويطبّق سياسةً ابتدعتها أنت فلمَ تنتقدها وترفضها الآن؟"

وعمّا إذا كان تيّار "المردة" يقرأ في مواقف عون استدارة على "الحزب" تجيب المصادر: "ما بدّنا نستبق الأمور خلّينا ننطر ونشوف، ما بدّنا نبرّج" فالأيّام القليلة المقبلة ستكون كفيلة بإيضاح الكثير من الأمور.

وتنهي المصادر تعليقها بعبارة صاعقة تخفي في طيّاتها اتّهاماً للرّئيس عون بالانتهازيّة: "أصلاً عون ما بحياتو كان بالخطّ السّياسي للمقاومة!"

في الفريق المسيحيّ نبقى لننتقل إلى "حزب القوّات اللّبنانيّة" الّذي تقول مصادره لـ "السّياسة" إنّها لا تقرأ في واقع حديث عون انقلاباً منه على "حزب الله" بل تمايزاً، بدليل أنّ عون أعطى "الحزب" بيد وأخذ منه بيد أخرى.

فهو طرح معادلة مزدوجة أعطى فيها "الحزب" شرطاً من شروطه وهو تسمية الوزراء الشّيعة عندما قال إنّه يجب على الكتل السّياسيّة أن تختار الوزراء وسحب من "الحزب" شرطه الّثاني ألا وهو حصوله على حقيبة "المال" عندما رفض الحقّ باحتكار وزارة من قبل أيّ طائفة.

 ولكن عون فعل ذلك من دون أيّ خطوة عمليّة يذهب فيها قدماً منعاً لانزلاق البلد نحو "جهنّم" الّتي تحدّث عنها الرّئيس بنفسه تستطرد مصادر "القوّات" وتضيف: "لو كانت نيّة عون العمل الفعلّي كان يمكنه مثلاً أن يمارس صلاحيّاته ويعمد إلى تأليف الحكومة هو والرّئيس المكلّف بمداورة شاملة وكاملة بعيدا من المحاصصة ويوقّع عليها!"

وتختم مصادر "القوّات" قائلةً: "في حال سلّمنا جدلاً بأنّ عون يقوم باستدارة عونيّة أو حتّى بانقلاب على "حزب الله" وعلى تحالفه معه، فماذا ينفع لبنان بعد خراب البصرة؟ وما الّذي تبدلّه هذه الاستدارة بعدما وصلت إليه البلاد من أزمة ماليّة أدّت إلى إفقار النّاس وتكاد تؤدّي إلى اختفاء الدّولة كما قال وزير الخارجيّة الفرنسيّة؟

دائماً في الضّفّة المسيحيّة مصادر "الكتائب اللّبنانيّة" تقول في تعليقها الأوّل على كلام عون: "نحنا بصراحة ما منراهن على شي!" نتمنى طبعاً العودة إلى منطق الدّولة واللّا سلاح، والسّيادة الكاملة لكنّنا لا نراهن على كلام عون، فالمطلوب أفعال لا أقوالَ فقط، فنحن اعتدنا على من يقول شيئاً ويتصرّف بعكسه!"

وتستطرد مصادر "الكتائب" لتلفت إلى أنّ ما يفعله عون اليوم هو حماية عهده أوّلاً، وهو يقول لحليفه: "رح تطحلي بعهدي" إذا أفشلت المبادرة الفرنسية! فمصلحة الرّئيس اليوم إنقاذ عهده وهذا ما يبرّر تميّزه نوعاً ما عن "حزب الله".

مصادر "الكتائب" لا تلغي من حساباتها "سيف العقوبات" الّذي قد يكون دفع بـ "عون" إلى التّمايز عن حليفه لكنّها تعود لتقول: "لا نراهن على شيء، فلننتظر ونرَ!"

أمّا تيّار "المستقبل" فترى مصادره لـ "السّياسة" أنّ عون بات يعلم اليوم أنّ الأمور تبدّلت وأنّ الرّبح من التّحالف مع "حزب الله" بات أقلّ بكثير من الخسارة ولذلك هو اليوم بدأ علناً بالاستدارة وبالانقلاب على من أوصله إلى الرّئاسة، وتضيف المصادر إنّ عون وباسيل كانا بدآ منذ بعض الوقت بإرسال مؤشّرات ورسائل للأميركيّين، بشكل سرّي، بالنّيّة بالبدء بالابتعاد عن "الحزب" شرط ألّا يسلّط سيف العقوبات على باسيل.

أمّا الحزب "الاشتراكي" فعبّر رئيسه النّائب السّابق وليد جنبلاط صراحةً عن رأيه بمواقف عون بالقول في مقابلة مع محطّة الـ MTV: " جميعهم يزايدون كي يكسبوا شعبيّة ما" وعمّا إذا كان الرّئيس عون يخاف من سيف العقوبات ولهذا تمايز عن "الحزب" قال جنبلاط: "في جبران!" في إشارة واضحة إلى اقتناعه بأنّ الرّئيس عون قد يقدّم تنازلات فقط كرمى لعينيّ باسيل!

في المحصّلة لا شكّ أنّ موقف الرّئيس عون لافت وكانت سبقت موقف الرّئيس مواقف لافتة لباسيل في إطلالته الأخيرة بدا فيها متمايزاً أيضاً عن خطّ "الحزب" ويبقى أن ننتظر الأيّام المقبلة لنميّز الخيط البرتقاليّ من الخيط الأصفر.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa