الحريري "يتجرع" التنازل ويحشر "الثنائي" المعطل كابوس الانفجارات يتمدد نحو معاقل "حزب الله"

23/09/2020 07:22AM

لا يبدو ان زمن المفارقات المأسوية التي تتوالى على اللبنانيين مرشح للمهادنة اذ وسط إنشداد الأنظار الى الانسداد الذي أصاب ازمة تأليف الحكومة، عادت كوابيس الانفجارات تطارد اللبنانيين وهذه المرة تمددت الى المنطقة الجنوبية في عقر نفوذ "حزب الله" بما يفاقم الخوف من هذه الآفة المخيفة. وكاد الانفجار الذي حصل في مستودع للأسلحة والذخائر تابع لـ"حزب الله" في بلدة عين قانا في إقليم التفاح يستقطب الاهتمامات والأضواء وسط اتساع الذعر من تكرار احداث التفجيرات في فترة قياسية لولا البيان المفاجئ الذي أصدره الرئيس سعد الحريري مساء امس مفجراً عبره قنبلة "تجرع سم" التنازل لدعم الرئيس المكلف مصطفى اديب في تشكيل الحكومة من خلال تسمية اديب وزيراً شيعياً مستقلاً للمال من دون ان تكرس الخطوة عرفا للطائفة الشيعية الامر الذي اطلق ترددات سلبية من جانب حلفاء الحريري رؤساء الحكومات السابقين الثلاثة فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام، فيما لاحت ملامح سلبية أولية من جانب الثنائي الشيعي حيال الخطوة الحريرية، بما يعني ان الحريري نجح في حشر الثنائي الشيعي وكشف عرقلته للمبادرة الفرنسية وتشكيل الحكومة الانقاذية ولو ان هذه الخطوة بدت مكلفة جدا له سياسيا. 

والحال ان بيان الحريري الذي لم يتردد هو نفسه عن وصفه بانه تجرع للسم متحسبا لاعتباره من حلفائه والآخرين انه بمثابة انتحار سياسي، بدا كأنه المحاولة المتجرئة الأخيرة لاستنقاذ تجربة مصطفى اديب الحكومية من جهة والمبادرة الفرنسية كلا من جهة أخرى. ورمى الحريري حجرا ثقيلا في مستنقع الجمود الذي طبع المأزق الحكومي والذي فشلت مبادرة رئيس الجمهورية ميشال عون اول من امس في أي كسر لجموده. وأصدر الحريري بيانا ذكر فيه بالظروف المتعاقبة لاستحقاق تأليف الحكومة بفعل المبادرة الفرنسية "إلى أن برزت عقبة مباغتة تمثلت بمطالبة حركة أمل وحزب الله بتسميتهما للوزراء الشيعة وحصر حقيبة المال بمن يسميانه من الطائفة الشيعية، انطلاقا من زعم ان هذا الطلب هو حق دستوري منبثق من اتفاق الطائف، بينما هو بدعة لا وجود لها لا في الدستور ولا في الطائف".

وقال "امام خطر فقدان لبنان لآخر المكابح أمام انهياره، مع ما يعني ذلك من خطر اندلاع فوضى سياسية واقتصادية ومعيشية وامنية... قررت مساعدة الرئيس اديب على ايجاد مخرج بتسمية وزير مال مستقل من الطائفة الشيعية، يختاره هو، شأنه شأن سائر الوزراء على قاعدة الكفاءة والنزاهة وعدم الانتماء الحزبي، من دون أن يعني هذا القرار في اي حال من الاحوال اعترافا بحصرية وزارة المال بالطائفة الشيعية أو باي طائفة من الطوائف. يجب أن يكون واضحا أن هذا القرار هو لمرة واحدة ولا يشكل عرفا يبنى عليه لتشكيل حكومات في المستقبل، بل هو مشروط بتسهيل تشكيل حكومة الرئيس أديب بالمعايير المتفق عليها، وتسهيل عملها الاصلاحي... وبهذه الخطوة، تصبح المسؤولية على عاتق الممانعين لتشكيل الحكومة. فإذا استجابوا وسهلوا ربحنا لبنان وربح اللبنانيون، واذا تابعوا عرقلتهم يتحملون مسؤولية ضياع فرصة لبنان لوقف الانهيار".

وختم "مرة جديدة، أتخذ قرارا بتجرع السم، وهو قرار اتخذه منفردا بمعزل عن موقف رؤساء الحكومات السابقين، مع علمي المسبق بأن هذا القرار قد يصفه البعض بأنه بمثابة انتحار سياسي، لكنني اتخذه من اجل اللبنانيين، واثقا من أنه يمثل قرارا لا بديل منه لمحاولة انقاذ آخر فرصة لوقف الانهيار المريع".

ولعل المفارقة اللافتة تمثلت في ان محطة "المنار" سارعت الى نقل أجواء منسوبة الى مصادر الثنائي الشيعي تساءلت عبرها "كيف يسمح الحريري لنفسه بان يحدد ويشترط في تسمية الوزير الشيعي"؟ كما نقل عن مصادر حركة "امل " ان النقطة التي وردت في بيان الحريري عن مرة واحدة فقط بالنسبة الى اسناد حقيبة المال الى شيعي ليست هي ما يطالب به الثنائي الشيعي. 

ثم اصدر الرؤساء السابقون ميقاتي والسنيورة وسلام بيانا اعتبروا فيه ان المبادرة التي تقدم بها الرئيس الحريري "هي مبادرة شخصية". وأكدوا انه "بعد الضجة المفتعلة التي أثيرت بشأن حقيبة وزارة المال فإننا نعتبر أنفسنا غير ملزمين بهذه المبادرة. وتبقى القضية الأساس بالنسبة لنا كما هي بالنسبة لسائر اللبنانيين في أهمية الالتزام بالاحترام الكامل والثبات على مبدأ الحفاظ على الدستور". 

  وقالت مصادر مسؤولة في "التيار الوطني الحر " لـ"النهار" تعليقا على مبادرة الحريري ان التيار يرحب بكل خطوة تدفع الى المساعدة في تأليف الحكومة اذا كانت قائمة وفق قواعد الدستور ووفقا لوحدة المعايير والتوافق الوطني وليس نتيجة فرض قوة ضغط. واشارت الى "ان موقف التيار ورئيس الجمهورية مع تسهيل الولادة الحكومية وإزالة العراقيل ونتمنى الا تكون خطوة الحريري نصف خطوة الى الأمام". 

   انفجار عين قانا 

اما انفجار عين قانا فبدا اشبه بتذكير مشؤوم للبنانيين بانفجار مرفأ بيروت بعد اقل من شهرين من حصوله اذ أعاد الانفجار هاجس تمدد هذه الظاهرة المخيفة والمثيرة للقلق الشديد الى مناطق مختلفة ولا سيما منها في الجنوب حيث الوجود المسلح الثقيل لـ"حزب الله ". والمشكلة الأساسية في هذا السياق تتمثل في انعدام الشفافية التي برزت امس في فرض الحزب أولا طوقا حديديا واسعا حول مكان انفجار المستودع في عين قانا حتى انه يعتقد ان الجيش اللبناني نفسه لم يصل الا بعد ساعات من حصول الانفجار، وحال عناصر الحزب دون التغطية الإعلامية ولم تصدر الا رواية واحدة عن الحادث هي روايته. وقد تحدثت المعلومات المستقلة المتوافرة عن الحادث انه حصل في مبنى تابع للحزب مؤلف من ثلاث طبقات حيث دوى بعد الظهر انفجار هائل مطلقا أعمدة كثيفة وقاتمة من سحب الدخان الذي غطى المنطقة. وزعم الحزب ان الانفجار حصل في مركز لتجميع القذائف غير المنفجرة من مخلفات حرب تموز 2006 نافيا سقوط ضحايا او جرحى كما نفى استهداف احد قادته علي سمير الرز او أي قيادي آخر. ولكن الحادث اثار ذعرا واسعا ترجم بمغادرة عدد كبير من الأهالي البلدة ومحيطها الى مناطق ابعد.


المصدر : النهار

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa