التأليف الى نقطة الصفر

23/09/2020 08:25AM

أطلق رئيس الحكومة السابق سعد الحريري مبادرته في صحراء القوى السياسية. ثمة أكثر من هدف يريد الحريري تحقيقه.

اولاً: الخروج من حالة الركود السياسي التي حولت سواء التأليف أو المبادرة الفرنسية إلى ركام.

ثانياً: يريد الحريري استلحاق نفسه بعد التطورات العاصفة سواء على جبهة العقوبات أو العلاقات المتأرجحة في الإقليم.

ثالثاً: لا يرى الحريري مصلحة في نبش خلافات مع الثنائي الشيعي.

رابعاً: ادركَ الحريري ان مغازلته لحاضنته الإقليمية السابقة، اي السعودية، من خلال الدخول في نزاع مع الثنائي الشيعي، لا تكفي من أجل عودة المياه إلى مجاريها، أو على نحوٍ أدق، باتت السعودية خارج أي ترتيبات ذات ميول حريرية.

خامساً: لا يريد الحريري خسارة الحاضنة الدولية المتمثلة بفرنسا، سيما في هذه الفترة تحديداً، إذ تزحف العقوبات نحو سائر القوى وتحت تأثير أكثر من قانون أميركي.

إنطلاقاً من كل ذلك، قال الحريري كلمته في إبداء استعداده لمشاركه الرئيس المكلف مصطفى أديب في إختيار "شخص شيعي" ليتولى حقيبة المالية.

لكن طريق الحريري تبدأ بخطوة ضمن مسار يبلغ ألف ميل. الحريري يعلم، ان الثنائي الشيعي، ليس في وارد قبول أي اقتراح بتسمية أي شخص شيعي من خارج شوره، واقصى ما يمكن للحريري تحقيقه، هو التفاهم على اسم يطرحه الثنائي لا أكثر.

على الاعم الاغلب، ينطلق الحريري في ليونته المستجدة من طلب فرنسي. لا يمكن إخراج التسريبات الفرنسية عبر "رويترز" من السياق العام، التي أوحت بوجود بوادر عملية مستجدة خضعت لها ورشة التأليف.

الثابت لغاية الساعة، ان تأليف الحكومة عاد إلى المربع الاول لكن بشكل إيجابي، بمعنى أن النقاش الحكومي اخذ يبلغ مداه في ما له صلة بالاسماء الشيعية وشكل الحكومة وميزانها السياسي، وفق تفاهمات يبدو أنها مختلفة، لكن يبقى من المبكر جداً الحديث عن اختراقات واسعة لها قدرة على إخراج الحكومة إلى النور في موعد أقصاه نهاية الشهر الجاري.

كافة المؤشرات تدل حالياً إلى إحتمال أن يبقى الوضع على ما هو عليه حتى بلوغ الانتخابات الاميركية مرادها. ليس سراً ان العالم بأسره بات يتهيب لحظة الانتخابات الاميركية للبناء على الشيء مقتضاه. ثم ان الزخم الذي يشهده الاقليم، من إيران إلى العراق فسوريا ولبنان، لا ينفصل عن الترتيبات ذات العلاقة بالانتخابات الاميركية، ما ينقل الصورة إلى أن تكون غير واضحة حتى فك مسار الانتخابات الاميركية.

حتى الساعة، تجزم مطلعة على أجواء الاتصالات الحكومية المستجدة لوكالة "السياسة"، ان الرئيس الملف بات في صورة ما تلاه الحريري في بيانه وهو ينسق معه، لكنه مبادرة بيت الوسط ما زالت قيد الدرس وخاضعة لرصد موقف الطرف الآخر منها.

على المقلب الآخر، تؤكد مصادر عين التينة لوكالة "السياسة"، أن الحريري لم ينسق موقفه المستجد مع رئيس مجلس النواب نبيه بري بخلاف ما جرى تداوله، وان عين التينة ليس لديها انطباع واضح حول الأسباب التي أملت على الحريري تغيير وجهة نظره أو الانقلاب على مواقفه السابقة، وهي ما زالت فى طور رصد تلك الأسباب لكي تبني على الشيء مقتضاه. في ظل ذلك، تؤكد مصادر عين التينة أنها ترحب بأي مبادرة تسهم في تسريع وتيرة تأليف الحكومة.

وذكرت المصادر، أن الرئيس بري كان قد تقدم سابقاً بلائحة تضم 10 أسماء لشخصيات "محترمة وذات كفاءة" يصلح توليها حقيبة المالية، وعين التينة جاهزة لإعادة رفع للائحة متى طلب منها ذلك.

في الجانب الآخر من الثنائي الشيعي، يبدو حزب الله متريث بعض الشيء. هو لا يحبذ البناء على النوايا بل يريد افعالاً، والامر الواضح بالنسبة لديه أن ما كان يحدث خلال الأسبوع الماضي كان عبارة عن محاولة إنقلاب على حضور الثنائي داخل السلطة، وإذا ما ارادَ احدهم العودة إلى التعقل السياسي، عليه أن يقرن أقواله بأفعاله.

وفي تقدير مصادر مطلعة على موقف الحزب، أن التشبث حول رفض محاولات الانقلاب والتشديد على حقوق الطائفة الشيعة في التمثيل، كانا عاملان مؤثران، شكلا حجر الزاوية في بناء البعض على تغيير أو تعديل خططهم السياسية، بعد ان ادركوا ان منطق الشراكة الوطنية اضحى في خطر.

على ما يبدو، فإن الثنائي الشيعي وضع نفسه في خانة إنتظار "مخرج الحريري" لدراسته. الثابت لديه حتى الآن، انه يمتلك الحق الكامل في تسمية الشخصية التي يفترض ان تتولى حقيبة المالية، ولا يقبل مشاركته هذا الحق اي أحد، عملاً مبدأ عدم جواز التدخل في تسمية ممثلي التيارات التي تمثل طوائفها في الدولة، تبعاً لنتائج آخر جولة إنتخابية.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa