عن ١٣ تشرين الذي يتجدّد كل يوم..

12/10/2020 04:46PM

كتبت صفاء درويش في "السياسة":

لم يكن 13 تشرين يتيمًا. لم يكن وليد صدفة ولا حتى معركة كأي معركة. كان نتيجة حتمية لكل ما سبقه، كان نتيجة حتمية للصراع بين الدولة والميليشيات، بين النظام والفوضى، بين الإستقرار والحرب، بين الجيش والعصابات، بين ميشال عون وكل الآخرين. 

الحديث عن 13 تشرين لا يمكن أن يكون معمّقًا في حال لم ندرس ما سبقه، وما لحقه، وكيف كان ميشال عون الرمز هو الحد الفاصل بين فرض المشاريع الخارجية وبين الحفاظ على القرار اللبناني. لا يمكن أن يكون معمّقًا إلّا في حال قرأنا بتمعّن كيف كان الرجل هو العائق الوحيد أمام تعميم ثقافة الخوّة والتهجير والظلم والإستبداد. 13 تشرين ليس معركة، بل هو الحرب. حرب العبور من ميليشيات المرتزقة إلى دولة الإنسان. 26 عامًا صمد فيها نهج ميشال عون فانقلب السحر على الساحر، ومن أحيا طوال عقدين ونصف ذكرى 13 حوّلها بالصمود والتحدّي إلى انتصار كبير، فكان 31 تشرين يوم عاد ميشال عون إلى بعبدا.

13 تشرين ليس صراعًا سياسيًا، ولا حتى لعبة محاور وفرض وجود، 13 تشرين هو دماء زرعت على طريق خلاص لبنان. بول معلوف ومثله كُثر قدموا دماءهم في سبيل العبور إلى الدولة، إلى دولة سيدة حرة مستقلة. المقدم جورج زعرب ومثله كُثر أيضًا آمنوا أن ميشال عون هو نبراس هذا العبور، فرحلوا مطمئنين أن الرجل لا ينكس الوعد.

وكي يكون المشهد أوضح، لربّما كان من السهل جدًا على ميشال عون أن يوافق على منح القرار العسكري والسياسي اللبناني إلى الوصاية الخارجية، فيحكم. لربّما كان من السهل أيضًا أن يسمح لميليشيات بأن تستمر بتقسيم المناطق اللبنانية طائفيًا، وكان ربّما ليرعى عملها الذي يمتد من الخوات إلى التهريب فالسرقة وتحاصص أموال المرافق العامة، فكانت لتُجمع كلّها على بقائه. لربّما كان ذلك ليحصل، وكان الجميع تفادى 13 تشرين، ولكن ما كان ليكون ميشال عون نفسه. هذا الرجل لا يساوم ولا يوقّع.

يتساءل كثيرون عن الثمن الذي أوصل ميشال عون إلى بعبدا. يلمّحون بمكرٍ إلى الصفقات التي أُنجزت والإتفاقيات التي أُبرمت كي يكون الرجل في بعبدا. بعد 4 سنوات على 31 تشرين، الجواب واضح وضوح الشمس. منذ 31 تشرين 2016 يشهد قصر بعبدا كل يوم 13 تشرين. أتى ميشال عون ليكسر التحاصص، فشُنت عليه الحروب. أتى ليفتح ملفات المال فشُنّت عليه الحروب. حارب السماسرة ورفع من شأن المواطن في أسلوب تعامل دولته معه، فحورب وكأنّه العدو. طالب بتحقيق شفّاف بتهريب الأموال، فأسقطوا حكوماته واحدة تلو أخرى، ولكنّه صمد ويستمر. واجهه الخصوم، ولم يجرؤ على مجاراة خطواته الحلفاء، فكان منذ 31 تشرين كـ13 تشرين، وحيدًا في مواجهة العاصفة.

سنوات على 13 تشرين. كان ميشال عون فيها مثالًا في المخاصمة، ومثالًا في المسامحة، ونموذجًا في المصافحة. يمكن ببساطة تأريخ مسيرته بكتاب واحد عنوانه: مصلحة لبنان. يصدق مع مسيرة 13 المتجدّدة كل يوم منذ 31 تشرين 2016 قول واحد: نحن لبنان الآتي وهم لبنان الراحل.


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa