"كورونا" في اللقاء التشاوري

16/10/2020 07:51PM

 

قبل زيارة الوفد النيابي الذي سيّره رئيس تيار المستقبل سعد الحريري في أجواء الكتل النيابية لاختيار مدى انسجامها مع ما طُرحَ في المبادرة الفرنسية، كان "اللقاء التشاوري" أسير صمتٍ مريب عمره أشهر.

 

يُقال أن تلك الزيارة كسرت حاجز الحجر الصحي والنفسي الذي فرضه "اللقاء" على نفسه منذ أن دخل السفير مصطفى أديب قاموس التكليف. فللمرة الاولى يعثر "اللقاء" على "طيف نيابي" من الطراز السني يدور حوليه ويغازله بإحتمالية الاعتراف به شريكاً مساهماً في خريطة الطائفة سياسياً.

 

طوال مدة مناقشة فرضية تشكيل السفير مصطفى أديب للحكومة، تقوقع "لقاء النواب السنة الستة" من دون أن يخرج عنهم موقفاً. خُيل للبعض أن إلتزام الحجر الصحي للبعض منهم الزمهم حجراً سياسياً أيضاً، إلى أن بلغ باللقاء الامر حد التحول شاهداً على التقاتل على الموقع السني الأول في الجمهورية من دون أي تعليق، حتى قيل لاحقاً أن اللقاء "زعلان" من الحلفاء الذين لم يأخذوا برأيه فيما خص التسمية.

 لقد عتبَ "التشاوري" على الحلفاء الذين لم يعودوا إليه في مناقشة أمر مصيري كهذا. صحيح أن اللقاء لم يكن في باله تسمية محددة آنذاك، لكن موجبات التحالف تفرض الاستشارة على أقل تقدير. في المقابل، كان الاستياء عارماً لدى الحلفاء من اللقاء، حتى بدا لهم أنه تنازل عن حضوره وتمثيله داخل طائفته، أما "حرده السياسي" منهم فيجب أن لا يكون سبباً للتخلي عن دور وتمثيله السياسي الذي جناه بفعل قوته الذاتية قبل اي شيء آخر.

 

بدلاً من ذلك كله، فضل اللقاء عدم التلهي في "معارك الحلفاء" والانكباب على  نشاطات أكثر أهمية بالنسبة إلى شارعه الانتخابي على بعد مسافة غير بعيدة عن جولة 2022. لم يسجل له موقفاً من التقاتل بين أديب ولقاء رؤساء الحكومات السابقين الاربعة من جهة والثنائي الشيعي من جهة اخرى، على أحقية استمرار "الولاية الشيعية" في حقيبة المال فضلاً عن حق الشيعة في تسمية وزائهم، مضى أركانه متنقلين بين تركيا ومصر باحثين على توطيد علاقات سياسية وغير سياسية.

 

أساساً، لم يعد إلقاء اللوم في المسؤولية عن التخفيف من وهج اللقاء منحصراً بالحلفاء. ثمة عوامل داخلية أخرى، سياسية وصحية، حتمت الوصول إلى هذه الخلاصة. لا يمكن إعفاء الخلافات الداخلية والتباينات التي ولدت بين الاعضاء من المسؤولية. ما زاد الطين بلة دخول "الوباء الكوروني" سبباً في إنهاك "اللقاء" الذي باتت أولويته القصوى في الداخل حماية أركانه من "الزحف الوبائي" وفي الخارج العمل على تأمين مستلزمات حماية وصمود المجتمع.

 

رغم ذلك، لم يؤدِ كل هذا التشدّد الى الغاية ولم يجدِ نفعاً. لقد نجح "الفيروس الفتاك" في التسلل إلى جسد اللقاء متلازماً مع إجتياح "فيروس التباين"، مستهدفاً "العضو الإسلامي" في اللقاء النائب عدنان طرابلسي الذي يلازم الحجر الصحي منذ أيام في إحدى المستشفيات بعد أن وقع أسير العدوى المتنقلة من "مصابٍ طائش" خالطه في مناسبة، ما دفع بزملائه في اللقاء إلى ملازمة الحجر الذي خرقته "الغارة البهية" إلى منزل النائب فيصل كرامي، الذي بدوره إتبع الأعراف الوقائية بدقة. صحيح أن المسألة الحكومية قرّبت المسافات بين اللقاء التشاوري وتيار المستقبل، لكن "الفيروس التاجي" عاد وابعدها، حين اتخذ كرامي لنفسه حد فاصلاً عن ضيفته يتجاوز المترين مرسماً الحدود الصحية لا السياسية بينه وبين الوفد الضيف.

سياسياً، لم يفضِ اللقاء في الرملة البيضاء إلى اي شيء ملموس ما خلى الاعتراف الصريح والمباشر الذي ناله "التشاوري" من قبل المستقبل. جل ما قدمه "التشاوري" وعداً بالتعاون في تشكيل الحكومة تاركاً إحتمالات التسمية إلى الطريقة التي سيتعامل بها الرئيس سعد الحريري حيال مطالب اللقاء وحضوره. عملياً، طالب اللقاء بأكثر من لقاء معه بل بإعتراف كامل غير منقوص من الحريري به. بحكم المصلحة، ثمة إعتقاد أن رئيس تيار المستقبل قابل للتنازل في ما له صلة بالتشاوري طمعاً في الأصوات عند التكليف. النقطة العالقة هي إنسحاب الاعتراف على مرحلة الثانية التي يتخوف أعضاء اللقاء في أن ينكث الحريري في عهوده بعد أن يأخذ مراده في المرحلة الاولى.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa