"حُرّ" في دجلة، و "معصومة" في الفرات.. هكذا صار العراق "بلاد ما بين الطّفلَين"

19/10/2020 08:57PM

بينما أكتُب عن امرأةٍ رمت ابنيها في نهر دجلة.. تجلس أمامي امرأةٌ دفعت نصف عمرها لتنجب... ولم تفعل!

في الـ 2020 لم يعُد "العقر" عيبًا، أمّا نقص الامومة عند النساء حتى اللواتي لم ينجبن، عارٌ! 

الخصبُ نعمة خُصّت بها كُلّ إناث المسكونة، من النّاقة لأُنثى الشمبانزي، بينما الحنان لم يكُ يومًا سمة فطريّة.. كثرٌ أنجبن ولسن سوى "والدات".

أهلُ بلاد ما بين النهرين، كما أهل كلّ هذه الارض، آمنوا بعشتار آلهةً. 

عشتار آلهة الخصب والتجدّد، عشتار أُمُّنا، مع أنّها لم تُنجبنا.. 

كيف لحفيدات عشتار أن يتنصّلن من أمومتهنّ؟ كيف لهنّ أن يركلن بطونهنّ وأولادهنّ فيها؟ كيف لنسوةٍ أن ينتشلن أرحامهنّ بدون رحمةٍ؟ أنا البنتُ، لا أقدر! 

بخُطًى ثابتة، أمسكت سيّدة عراقيّة بأيدي طفليها وقادتهما الى نهر بلاد ما بين النّهرين، بجرأةِ لبؤة، تدافع عن أحشائها، حملتهما واحدًا تلو الآخر، ورمتهما في نهرٍ لو نطق، للوّن نفسه اللون الاحمر حدادًا.. فالاسود التي تلبسه تلك المجرمة ليس لون الحداد ولا الايمان ولا الحزن حكمًأ.

لم تراقب هذه المرأة في طفولتها كيف تحمي أُمّ القطط صغارها من والدهم، فتترك حُّب عمرها لتحمي ثمرة هذا الحُبّ!

لم تسمع قصص الحيوانات المفترسة، أي تلك التي لا رحمةً في قلبها.. كيف يقتاتُ أبناءُ الاسد من خير أُمّهم! 

لم تنخزها حلمة صدرها، وهي ترميهم، مع أن لا سبيل للحياة عندهم إلّا صدرها.. 

مع أنّ مدخل الدُنيا عندهم طاقةُ بين قدميها.. 

حين نُغرم نُشبّهُ من نُحبّ بجنينٍ، لم يلده عقرنا.. كيف لأُمٍّ أن تحتمل سلخ أطفالها عنها؟ بملء أيديها!! 

على نساء الكون، أن يخضعن لفحص أُمومةٍ قبل الانجاب! 

فأُمّي، جعلت منّي أُمّا قبل أن يبلغ عمري الخامسة، حين طبطبت على كتف لعبتي لأنني نسيتُ أن أُبقيها في سريري الليلة الماضية... 

اليوم في العراق، طفلان ذهبا يلعبان على ضفاف دجلة، صارا في عمقة وردَتين، إن طاف غدًا أو بعد غدٍ هذا النهر لا تخافوا، هذه الطبيعة الأُمُّ تبكي.. 

اليوم، العالم يقف على هاوية إنسانيّته، ويهزُّ خصره على إيقاع جريمةٍ قد توازي موت أدونيس... 

عشتارُ اليوم استأصلت رحمها، تفّت على خلفتها، هشّمت جسدها، فطافت روحها فوق نهر دجلة..


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa