"فداء للمقاومة". خلف هذه العبارة وقف المدافعون عن النائب علي حسن خليل ووزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس، بعدما فرضت عليهما العقوبات الأميركية. وعلى هذا الحجر استندت الحملات الدعائية للأحزاب التي احتضنت مطولا هذين الرجلين. والغريب أن القضاء اللبناني وبعد أكثر من شهر ونصف على صدور هذه العقوبات. 

الإطلاع على نص العقوبات الأميركية يظهر نتيجة ما توصلت إليه التحقيقات ويكشف تفاصيل مثيرة. 

"تجيير عقود، خدمات سياسية، استخدام من أجل مكاسب مالية، تحويل اموال بطريقة تجنب العقوبات الاميركية لحساب مؤسسات تابعة لحزب الله، عمليات فساد"... كلّها وقائع تحدث عنها التقرير الأميركي واستند عليها لفرضه العقوبات. 

ما يهمنا كمواطنين ولبنانيين ليس الشق المتعلق في حزب الله بالدرجة الأولى وإنما الحديث عن تورط الرجلين بعمليات فساد، في بلد يعاني من الإفلاس. 

ولأن الإفلاس ليس ماديا فقط وإنما أخلاقيا أيضا، لم يتحرك القضاء اللبناني لإثبات هذه التهم أو نفيها. لم يتحرك حتى ولو صوريا بشكل يوحي بأنّ ما زال لهذه الجمهورية هيكلا يمكن الاستناد عليه. 

فعلى الرغم من أنّ واجب القضاء في هذه الحالة اعتبار العقوبات بمثابة إخبار يتحرك على أساسه، فالشخصان المعنيان لبنانيان و"الجريمة" ارتكبت في لبنان. أحد من السلطة القضائية التي ترزح تحت سيطرة السلطة الحاكمة و"رؤوسها الكبيرة" لم يحرك ساكنا.

مرّ الخبر مرور الكرام، غطى عليه الملف الحكومي والتناتش الذي دار على وزارة المال، مُحي من ذاكرة البعض وطُبع بشكل مخالف للسياق عند البعض الآخر. وبكثير من الخفة والوقاحة اختفى الملف من الواجهة وصار الرجلان بطلين خارقين يواجهان الأميركي ويتحملان غبنا هذه العقوبات. 

كان على القضاء أن يثبت أنّ وظيفته ليست ملاحقة من يكتب "رأيه" في منشور على فيسبوك أو في تغريدة على تويتر، كان عليه أن يثبت أنّ وظيفته ليست شرطة رأي وأن مهمته الحفاظ على أموال اللبنانيين. ولأن الفرصة لا تزال سانحة، فإنّ ما سبق هو بمثابة إخبار لأي شخص نزيه في هذا القضاء لديه من الجرأة والشجاعة ما يكفي لتبني هذا الملف. 

مع الإشارة، إلى أنّ عقوبات أميركية جديدة في طريقها إلى لبنان، ستطال قريبا حلفاء لحزب الله.