اللغة العربيّةُ في زمن الأونلاين... هل نجحت التّجرِبة؟

يعاني معظم المعلّمين في المدارس الرسميّة والخاصّة من شحّ الموارد الرقميّة التي يمكن استخدامها في التعلّم عن بعد. وتختلف التجربة بين موادّ وأخرى، فتعليم اللغات، ولا سيّما العربيّة، أمر رتيب على شبكة الانترنت، ما لم يحصل المعلّم على موارد تفاعليّة، توظّف فيها الوسائل السمعيّة والبصريّة، والبرمجيّات الحديثة في إنتاج نصوص وتمارين معاصرة تؤدّي الغاية منها في جذب المتعلّمين لتعلّم المادّة. "تواصل أونلاين" و"تواصل جونيور" موقعان من إنتاج دار التّواصل للبحوث والدّراسات التربويّة بالتعاون بين الخبيرَين التربويّين باتريك رزق الله وسمير إيليّا، ويوفّران هذه الموادّ التفاعليّة بتجربة بدأت عام 2012، أي قبل ثماني سنوات من الآن، ولا تزال مستمرّة حتّى تاريخه.

ويعتبر الخبير التّربوي باتريك رزق الله أنّنا بلغنا النّسخة الثانية من موقع تواصل أونلاين، المنصّة الرقميّة التي توفّر محتوى حديثًا للمعلّمين والمتعلّمين باللغة العربيّة، وهي نسخة متطوّرة، تتضمّن أشرطة وتمارين تفاعليّة في مختلف نوافذ اللغة ولا سيّما في القواعد وأساليب التّعبير ودراسة النصّ، يعمل على إنتاجها متخصّصون، كما يمكن للمعلّم في هذه المنصّة المشاركة في إعداد التمارين وتوفير النصوص وغيرها مباشرة لطلابه، عبر برمجة متطوّرة تسمح له بذلك ويشرف عليها متخصّصون بالبرمجة التربويّة.

ويضيف رزق الله أنّ المعلم بحاجة اليوم إلى منصّات حديثة توفّرها شركات عالميّة كـ "مايكروسوفت" و"غوغل كلاس" و"زوم" وغيرها، لكنّه بحاجة أيضًا إلى موارد لم تستطع الدولة توفيرها لكلفتها العالية جدًا، ولأنّها تحتاج إلى وقت وجهد كبيرين. وفي حال توافر هذان الأمران بلغنا مرحلة متقدّمة في التعلّم عن بعد، بما يريح المعلّم، ويسمح للمتعلّم بالتّعلم على نحوٍ مرنٍ ومفرح.

وعن "تواصل جونيور"، الذي تشرف عليه المستشارة التربويّة سيّدة الأحمر، يقول رزق الله إنّ الموقع يتضمّن أهدافًا تمّ تحديدها بشكل دقيق، وتشمل جميع الصفوف في المرحلتين الأساسيّتين الأولى والثانية، من الحرف إلى الكلمة فالجملة، كما تمّ اختيار الألوان بشكل دقيق بما يتناسب مع أعمار الأطفال والمتعلّمين، ووفق منهجيّة واضحة تراعي المواد في المنهاج اللبناني. والأهمّ أنّنا نختار في الموقعين أمثلة تعبّر عن وضعيّات تواصليّة معاصرة وعن مواقف حياتيّة يعيشها المتعلّم، وهذه الناحية كان يشكو منها المتعلّمون في وقت سابق، حين كانت ولا تزال بعض النصوص بعيدة عن البيئة التي يعيش فيها المتعلّم. والموقع سيوفّر خلال أيّام أكثر 40 ألف سؤال وتمرين للأطفال والمتعلّمين من الصف الأساسي الأوّل ولغاية الأساسي السادس، على أن تستكمل المواد في "تواصل أونلاين" المتوافر حاليًّا والمتاح استخدامه لجميع المدارس.

ويختم رزق الله أنّ المطلوب اليوم ابتكار أساليب جديدة في عمليّة التّعليم، أسوة بجميع القطاعات التي تتطوّر باستمرار، بفعل أدوات التكنولوجيا الحديثة. وهذا ما نقوم به في تعليم اللغة العربيّة، على أمل أن تستطيع مجاراة العصر في شكل سريع، كي نكون دائمًا عند حسن ظنّ المتعلِّمين الذين انقلبت الأدوار معهم، فأصبحوا اليوم هم الذين يقومون باختبار قدرتنا على التقدّم والتطوّر.

وتثبت هذه التجربة أنّ المعلّم اللبناني يستطيع التكيّف مع الظروف الصعبة وبخاصّة في لبنان حيث الظروف الماديّة صعبة كذلك الظّروف التربويّة التي تشهد توتّرًا بين وزراء حاليين وسابقين ومسؤولين في مؤسّسات تربويّة. على أمل الاستمرار في هذا الأداء في جميع الموادّ لأنّ ثروة لبنان كما يقال دائمًا تبقى في التربية النموذجيّة التي طالما ميّزته في هذه البقعة من الشرق.