سعد الحريري..mini غازي كنعان

20/11/2020 07:00PM

كتبت صفاء درويش في السياسة: 

في التسعينيات حضرت التسويةالسياسية برعاية الوصاية، فولد التحاصص بين راعي الطائف والحالة الأمنية القائمة، فكان النظام. حينذاك لم يكن هناك تمثيل مسيحي فعلي. كان يؤتى بمن يرضى عنهم غازي كنعان بالتكافل والتضامن مع رفيق الحريري وشركاء النظام القائم، فيأتي وزير مسيحي ليس بمقدوره اليوم حسم معركة انتخابية بلدية في بلدته ومسقط رأسه. يومها لم يكن هناك كتل مسيحية أساسية، ولا حتى ثانوية، وكان المستزلم هنا والمتوسل هناك، يصل للمنصب العام. ليس في الوزارة وحدها، بل في مختلف السلطات. رئاسة الجمهورية هي الأخرى كان لا يختارها المسيحيون، على عكس باقي الطوائف. حتى أنّ هذا الأمر تجسّد بمقاطعة المسيحيين للإنتخابات النيابية عام 1992 دون أن يتأثّر أحد من مكوّنات هذه السلطة.

منذ العام 2005، سقطت فكرة التعليب، وانتهى زمن فرض الوزراء المسيحيين "المقطوعين من شجرة"، وأتى الوقت الذي باتت فيه الكتل النيابي هي من تحدّد ممثلّيها بالتوافق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة. لم يستطع مستأثري التسعينيات وأوائل ال2000 أن يتابعوا بالأداء نفسه، لا سيما بعد التسونامي الذي شكّلتها عودة ميشال عون من المنفى وكذلك خروج سمير جعجع من السجن وإخراج حزب الكتائب من الرعاية السورية بخروج كريم بقرادوني منه. 

منذ ذلك الحين، عاش لبنان شبه حكم ذاتي توافقت القوى بداخله على تشكيل الحكومات. بعد 15 عامًا على خروج الجيش السوري، عاد إبن شريكهم السابق، سعد الحريري، ليعيد إحياء أسلوب والده مستغلًا المبادرة الفرنسية التي ولدت أساسًا لتنظيم الخلاف واستمرار الحكم. 

ما لم ينتبه له الحريري في طريقه نحو احتكار التمثيل المسيحي وتسمية الوزراء المسيحيين، أن الياس الهراوي لم يعد في بعبدا، وأن نائلة معوّض وفارس بويز ونقولا فتوش لم يعودوا هم من يمثلوا الناخب المسيحي في المجلس النيابي، وعليه هذا الأمر بات مستحيلًا. يريد سعد الحريري اليوم استغلال المبادرة الفرنسية، لإزاحة ميشال عون جانبًا. آلاف الجنود وأسطول من الطائرات وميليشيات داخلية تحدّاها ميشال عون وعاد أقوى، فكيف بسعد الحريري المتسلّح بزمرة مستشارين وقناة تلفزيونية مغلقة وحلفاء يتخلّون عنه كل ساعتين، أن يكسر ميشال عون؟

الأكيد اليوم، أن لا حكومة ستبصر النور بتاتًا إن لم تكن كل القوى على الصعيد الوطني لا الطائفي فقط ممثلة خير تمثيل. والأكيد أن أمام الحريري خيار واحد من شرطين عليه تطبيقهما في حال أراد العودة للحياة  السياسية من بوابة الحكومة هما: وحدة المعايير والإشتراك مع رئيس الجمهورية في قرار التشكيل.

كلّما عادت الوصايات الخارجية عاد البعض ليحاول ازاحة المسيحيين جانبًا، فهل ستنجح تجربتهم من جديد أم أن خيوط جديدة ستُحاك هذه المرة لمنع محاولاتهم هذه إلى الأبد؟


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa