مُصيبة برّي تجمع جعجع وباسيل

21/11/2020 03:46PM

كتبت جويس عقيقي في "السياسة"

يوم الخميس 19 تشرين الثّاني عند السّاعة الواحدة ظهراً، هكذا وبشكل مفاجئ، ومن دون أي مؤشّرات استباقيّة، وزّع خبر من عين التّينة يقول إن رئيس مجلس النّوّاب نبيه بري دعا إلى جلسة للّجان المشتركة الأربعاء في 25 تشرين الثّاني السّاعة 10:30 صباحاً، للبحث في اقتراحي قانون انتخاب واقتراح يتعلّق بانتخاب أعضاء مجلس للشّيوخ.

للوهلة الأولى تظنّ أنّ رئيس المجلس نبيه بري يعيش على كوكبٍ آخر!

فكيف يمكن أن يدعو لجلسةٍ تبحث في قانون الانتخاب وفي انتخاب مجلس شيوخ و"البلد منهار" و"الناس ما معها تاكل"؟!"

لكن عندما تتعمّق أكثر بالموضوع تدرك أن حسابات برّي أبعد من ذلك بكثير! الحسابات تبدأ بالتّحقيق الجنائيّ ولا تنتهي بإعادة الإمساك بزمام السّلطة في لبنان.

بما يخصّ التحقيق الجنائيّ، يريد برّي أن يردّ الصّاع صاعين لفريقي "التّيّار" و"القوّات".

كيف؟

"التّيّار" و "القوّات" يصرّان على المضيّ حتّى النّهاية في ملفّ التّحقيق الجنائيّ رغم أنّ شركة التّدقيق الجنائيّ "ألفاريز ومارسال" أبلغت المعنيّين في لبنان انسحابها من عمليّة التّدقيق وإلغاء الاتّفاقية الموقّعة مع وزارة المال  لعدم حصولها على الأوراق والمستندات المطلوبة للمباشرة بتنفيذ مهمّتها.

 فنائب رئيس "حزب القوّات اللّبنانيّة" النّائب جورج عدوان، استفاد الأسبوع الماضي من منصبه كرئيس للجنة "الإدارة والعدل" النّيابيّة  ليضرب عصفوري رئيس المجلس نبيه بري وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة بحجر واحد: حجر التّحقيق الجنائيّ، فطالب بتحقيق جنائيّ في مصرف لبنان وفي "ماليّة" الدولة (أي وزارة المال الّتي كانت في الفترة الأخيرة بيد وزراء برّي) وفي المؤسّسات الأخرى ورفع عدوان من لهجته تجاه الحاكم منتقداً كيف كان يطمئن اللّبنانيّين إلى أنّ اللّيرة بخير وتبيّن أنّها ليست كذلك!

أما "التّيّار الوطنيّ الحرّ" فموقفه واضح من التّحقيق الجنائيّ لا بل هو يحمل رايته وخصوصاً في وجه برّي وسلامة!

ودعا بعد انسحاب شركة "ألفاريز ومارسيل" إلى تحديد المسؤولين عن إجهاض التّدقيق الماليّ في حسابات مصرف لبنان وقال رئيسه النّائب جبران باسيل إنّ تعطيل التّدقيق الجنائيّ جناية!

وأمام اتّفاق "التّيّار" و"القوّات" ضد برّي في الملفّ وعلى قاعدة "ملفّ مقابيل ملفّ" ، استخدم برّي خيار هزّ العصا وقرّر إمساك "القوّات" و"التّيّار" من اليد التي تؤلمهما ألا وهي: "قانون الانتخاب".

فقانون الانتخاب الذي أقرّ في 16 حزيران 2017 على أساس النّسبيّة وفق 15 دائرة، والّتي جرت على أساسه الانتخابات النّيابيّة الأخيرة، هو الأفضل بالنّسبة إلى المسيحيّين لأنّه استطاع إنصافهم للمرّة الأولى منذ عام 1992 واستطاعوا من خلاله تحقيق نسبة تمثيل عالية، لذلك قرّر برّي معاقبة "القوّات" و"التّيّار" بأكثر ما يهزّ عرش شعبيّتهما!

وبالتّالي فإنّ "مصيبة" قانون الانتخاب ستجمع "التّيّار" و "القوّات"!

مصادر "القوّات" تقول عبر "السّياسة" إنّ برّي يلعب بطرحه هذا خارج إطار اللّحظة السّياسيّة، فهو يبدو غير مبالٍ بأحوال البلاد وتسأل: "بالوقت اللّي البلد منهار اقتصاديّاً وسياسيّاً وعايش حالة كارثيّة رايحين نبحث بقانون الانتخاب؟" أليس هذا الأمر معيب بحقّ اللّبنانيين؟! وتضيف المصادر: "الأولوية اليوم لإنقاذ البلد وللسّير بالمبادرة الفرنسيّة وتشكيل حكومة تنقذ ما تبقّى من الدّولة قبل فوات الأوان، لا للمناكفات!"

وتقول مصادر "القوّات" إنّ طرح بري غير بريء في هذه اللّحظة السّياسيّة!  وتضيف إنّ المحور الّذي يمثله برّي اليوم يرى بعد العقوبات الأميركيّة على  الوزراء علي حسن خليل ويوسف فنيانوس وجبران باسيل، وبعد السّلام العربيّ مع إسرائيل وبعد الثّورة وفي ظلّ الأزمة الاقتصاديّة والانهيار التّامّ في البلد، تحوّلات خارجيّة وداخليّة قد تؤدّي إلى خسارة محور "الممانعة" ولمحاولة إعادة الإمساك بمفاصل السّلطة من جديد.

وتضيف المصادر: "يريد برّي أو فريق "الثّنائيّ الشّيعيّ" تحديداً أن يعيد الأكثريّة إليه، ولذلك يطرح قانون انتخاب على أساس: "لبنان دائرة واحدة وفق النّسبيّة" لأنّ هذا القانون يطيح الدّيمقراطيّة التّوافقيّة ويكرّس الدّيمقراطيّة العدديّة الّتي تمكّن فريقاً مذهبيّيّاً في لبنان (الشّيعة) من الاستفراد بقرار اللّبنانيّين عبر السّيطرة على البرلمان".

 وبالتّالي يبحث "الثّنائيّ الشّيعيّ" بحسب مصادر" القوّات" عن التّربّع على عرش النّظام في لبنان وتحديداً البرلمان، فيصبح النّظام اللّبنانيّ شبيهاً بنظام البعث في سوريا! والأمر لا يمكن أن يتحقّق إلّا من خلال مؤامرة على الدّستور والانقلاب على الميثاق عبر الذّهاب باتّجاه قانون انتخاب جديد يفرز هيمنة فريق على مجلس النّواب من دون الآخر تختم مصادر "القوّات" لتقول ختاماً إنّه على "التّيّار الوطنيّ الحرّ" أن يتصرّف كما تصرّف في الجلسة السّابقة وأن يسقط الشّرعيّة عن جلسة اللّجان المشتركة عبر الحضور بوزنه الثّقيل ومعارضة القانون تماماً كما ستفعل "القوّات" وتسأل مصادر "القوّات" هنا: "اللّي دافع عن حقوق حرّاس الأحراج المسيحيّين ما في يدافع عن قانون الانتخاب؟"

كما مصاد "القوّات" تستغرب مصادر "التيّار الوطنيّ الحرّ"  عبر"السّياسىة" دعوة برّي لجلسة تناقش قانون الانتخاب، في الوقت الّذي ترزح فيه البلاد تحت وطأة الأزمات المعيشيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والسّياسيّة وترى أنّ دعوة برّي جاءت خارج سياق الأولويّات، إذ إنّ الأولويّة اليوم هي للأوضاع المعيشيّة والاقتصاديّة ولتشكيل حكومة إنقاذ تحقّق إصلاحات.

وتسأل مصادر "التّيّار" عبر "السّياسة": كيف يمكن لقوى سياسيّة ترفض إجراء انتخابات نيابيّة مبكرة (أي "حزب الله" و "أمل") أن تدعو للبحث في قانون الانتخاب؟

وعمّا إذا كانت دعوة برّي ردّاّ على ملفّ التّحقيق الجنائيّ تقول المصادر: "أكيد ملفّ التّحقيق الجنائيّ جزء من الأسباب الّتي دفعت برّي إلى "زكزكتنا" عبر الدّعوة للجلسة، لكنّ دعوته هذه ليست الأولى من نوعها، فهو سبق أن دعا منذ فترة إلى جلسة لمناقشة قانون الانتخاب قبل بروز ملفّ التحقيق الجنائيّ".

وعمّا إذا كانت لدى برّي و "حزب الله" نوايا بالإمساك بزمام السّلطة عبر الهيمنة على مجلس النّوّاب كما تقول مصادر "القوات" تجيب مصادر "التّيّار" بدبلوماسيّة مراعاة الحليف: "لأ نحنا مش مسيّسينها هالقدّ!"

"لن نقبل بأن نذهب إلى قانون أسوأ ولن نفرّط بصحّة التّمثيل الّي أنجزناه في القانون الحاليّ" تقول مصادر "التّيّار" بوضوح وتختم: "سنقف مع "القوّات" في صفٍّ واحد وسنكرّر تجربة المرّة السّابقة فنحضر الجلسة ونعارض تغيير قانون الانتخاب!"


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa