بعد 10 سنوات على انطلاقها.. ماذا بقي من ثورات "الربيع العربي"؟

23/11/2020 11:32AM

قبل نحو 10 سنوات، أدت احتجاجات عارمة في الشرق الأوسط إلى سلسلة غير متوقعة من الأحداث غيرت المنطقة بشكل لا رجعة فيه.

من الانهيار السريع للأنظمة التي كان يعتقد أنها لا تقهر إلى صعود وسقوط "خلافة" داعش، دخل الشرق الأوسط خلال العقد الثاني من القرن الـ21 في حالة من الاضطرابات المستمرة.

سلسلة الانتفاضات التي هزت المنطقة، منذ أواخر عام 2010 وسرعان ما أطلق عليها اسم "الربيع العربي" انتهت بنتائج متباينة لكن تبدو في النهاية "العديد من البلدان اليوم أسوأ حالا" بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.

أعقبت الاحتجاجات الشعبية، التي اندلعت في تونس ومصر وليبيا واليمن، إصلاحات مخيبة للآمال في أحسن الأحوال، ورد فعل عنيف أو صراع شامل في أسوأ الأحوال.

ومع ذلك، فإن روح الثورات لم تمت بعد، كما اتضح من الموجة الثانية من الانتفاضات التي اشتعلت في السودان والجزائر والعراق ولبنان، بعد ثماني سنوات، من الموجة الأولى.

لينا منذر، المؤلفة والمترجمة لبنانية التي تتحدر عائلتها من مصر وسوريا، قالت لفرانس برس إن شيئا ما تغير "في نسيج الواقع نفسه" منذ ذلك الحين.

وأضافت أن هذه الاحتجاجات أثبتت أن "الناس قادرة على الثورة ضد أسوأ الطغاة، وأن هناك ما يكفي من الشجاعة في الناس الذين يعملون معا لمواجهة جيوش بأكملها".

شرارة تونس

لم يكن التونسي محمد البوعزيزي، الذي أشعل النار في نفسه في 17 ديسمبر 2010، ثم توفي متأثرا بجراحه في الرابع من يناير 2011، أول من يضحي بنفسه في تونس أو المنطقة، لكن وفاته أثارت غضبا لم يسبق له مثيل، ورغم أنه لم يتم التقاط قصته بواسطة كاميرا، انتشرت الحادثة على نطاق واسع.

أجبرت حركة الاحتجاج في جميع أنحاء البلاد الرئيس التونسي، زين العابدين بن علي، على الفرار بعد نحو 10 أيام من انطلاقها.

وفي غضون أسابيع، اندلعت الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في مصر وليبيا واليمن. 

وعندما امتد الغضب إلى شوارع القاهرة، أكبر مدينة في المنطقة وبوتقتها السياسية التاريخية، اكتسبت الاحتجاجات لقب "الربيع العربي".

عاصفة الأمل

كان هناك شعور بالأمل والنشوة في جميع أنحاء المنطقة وبقية العالم. خرج الناس بصوت واحد وهو "الشعب يريد إسقاط النظام"، ليس في بلد واحد لكن في جميع المنطقة، وانتهت الاحتجاجات بإسقاط "بعض أكثر الديكتاتوريات الراسخة في العالم".

انتهى حكم حسني مبارك في مصر، وبن علي في تونس، ومعمر القذافي في ليبيا، وعلي عبد الله صالح في اليمن، وعمر البشير في السودان العام الماضي، وبدا أن "انهيار الأنظمة الاستبدادية في المنطقة لا يمكن إيقافه".

"الشتاء العربي"

لكن بعد "الربيع العربي"، حدث "الشتاء العربي" إذ "لم يتم ملء الفراغ الناجم عن سقوط الأنظمة بإجراء الإصلاحات الديمقراطية التي طالب المتظاهرون بها.

وباستثناء تونس "حيث توجد ديمقراطية هشة الآن"، انهارت كل دولة من دول الثورة على طريقتها الخاصة. 

في مصر، سرعان ما "انتهت تجربة قصيرة ومبهجة في حكم المصريين أنفسهم" وفي البحرين، المملكة الخليجية الوحيدة التي شهدت احتجاجات جماهيرية، تم قمع الانتفاضة بوحشية، وحصل المحتجون في المغرب على إصلاحات تجميلية.

وانقسم الثوار الليبيون السابقون إلى مليشيات عديدة أدت إلى تقسيم البلاد، وانزلق اليمن إلى صراع أهلي تؤججه الطائفية.

في سوريا، قتل النظام أكثر من 380 ألف شخص، وترك الصراع البلاد في حالة خراب وتسبب في أسوأ نزوح بشري منذ الحرب العالمية الثانية.

وتسرب المتشددون إلى ليبيا وسوريا واليمن، من خلال التخفي وسط المحتجين. كانوا يراقبون انهيار هذه الدول، بينما كانوا يزدادون قوة حتى أعلن داعش "الخلافة" في عام 2014، في منطقة بحجم بريطانيا تمتد عبر سوريا والعراق.

العنف المفرط الذي نشره التنظيم على وسائل التواصل الاجتماعي وقدرته على جذب آلاف المقاتلين من أوروبا والعالم غرس الخوف في الغرب وأنهى حماسه للديمقراطية.

وتحول تركيز العالم إلى مكافحة الإرهاب بدلا من إزالة الأنظمة الاستبدادية، التي سرعان ما أعادت تصوير نفسها على أنها الملاذ الأخيرة ضد التشدد الإسلامي.

دروس جديدة

اندلعت موجة جديدة من الاحتجاجات المطالبة بالشفافية والإصلاح الديمقراطي، العام الماضي، في السودان والجزائر والعراق ولبنان.

وترددت الشعارات ذاتها مجددا، ما يؤكد أن روح 2011 لا تزال حية وتعتبر مصدر إلهام لشباب المنطقة.

أرشين أديب مقدم، الأستاذ في مدرسة لندن للدراسات الشرقية والأفريقية، قال لفرانس برس، إن المطالب الأساسية للاحتجاجات لا تزال تحت السطح و"سوف تخرج في الفرصة التالية مثل تسونامي سياسي".

ويُظهر التاريخ أن الثورات تحتاج إلى سنوات عديدة لتحقيق نتائجها المرجوة، ومع ذلك فإن "التغييرات الأقل وضوحا لا يمكن عكسها بسهولة".

الروائي المصير، علاء الأسواني، الذي شارك في أحداث مصر، قال إن "الثورة مثل الوقوع في الحب، تجعلك شخصا أفضل".

منذر، التي عاشت انتفاضة لبنان في عام 2019 تتفق على أن كل ما سيأتي بعد ذلك، والطريقة التي ينظر بها الناس إلى قادتهم وبقية العالم تأثرت بشكل دائم".

وقالت: "لقد عشنا طويلا في عالم حاول أن يغرس فينا فكرة أن التفكير المجتمعي مشكوك فيه وأن الفردية مرادفة للحرية. إنها ليست كذلك. الكرامة مرادفة للحرية".


المصدر : فرانس برس

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa