من ملياردير النفط لمستشار الأمن القومي.. قرارات عفو رئاسية أثارت الجدل

26/11/2020 03:01PM

اعتاد الكثير من رؤساء الولايات المتحدة أن يصدروا قرارت بعفو رئاسي قبل انتهاء فترة ولايتهم، ولاسيما في الفترة الثانية باعتبار أنهم سيغادرون البيت الأبيض نهائيا ودون رجعة، غير أن تلك الكثير من قرارات العفو غالبا ما كان يثير الجدل بشأن توقيته والشخصيات التي يشملها ذلك العفو.

والعفو هو أحد سلطات الرئيس الأميركي طبقا للدستور، وتسمح له هذه السلطة بإلغاء العقوبات أو أي عواقب قانونية عن جريمة أو جرائم فدرالية سواء بعد توقيع العقوبة أو قبلها. ولايحق للرئيس أن يعفو عن جرائم تتعلق بقوانين الولايات، وليس القانون الفيدرالي. 

ويشترط للعفو لكي يسري أن يقبل به المعفو عنه، لكن هناك الكثير من الخطوط الرمادية المحيطة بسلطة الرئيس في العفو، ومسائل عالقة لم تفصل فيها المحاكم الدستورية. 

ولم يشذ الرئيس الأميركي الحالي، دونالد ترامب عن تلك القاعدة إذ أصدر عفوا رئاسيا عن مستشاره السابق لشؤون الأمن القومي، مايكل فلين، الذي واجه اتهامات بتقديم معلومات مغلوطة لمكتب التحقيقات الفيدرالية "FBI" فيما يخص التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية عام 2016.

ويعتبر هذا القرار الأول لترامب، بعد إعلان فوز خصمه الديمقراطي، جو بايدن بانتخابات الرئاسة الأميركية. 

وأقر فلين، الجنرال المتقاعد، كونه مذنبا، عام 2017، بالكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي فيما يخص تواصله مع السفير الروسي إلى الولايات المتحدة، قبل استلام ترامب الرئاسة في يناير من العام ذاته. 

وسعى فلين إلى سحب اعترافه، بحجة أن المدعين انتهكوا حقوقه الشخصية وأقنعوه بإقرار ذنبه ضمن صفقة قانونية، وتم تأجيل إعلان حكمه عدة مرات. 

وقال ترامب في تغريدة، الأربعاء: "إنه ليشرفني أن أعلن بأن الجنرال مايكل تي فلين حصل على عفو شامل، تهانينا لمايكل ولعائلته الرائعة، أعلم بأنكم ستحظون بعطلة عيد شكر مذهلة". 

استياء من العفو عن فلين

وقد أثار قرار ترامب بالعفو فلين استياء الكثير من قبل النخب السياسية سواء في الحزب الديمقراطي أو حتى في صفوف الحزب الجمهوري نفسه.

فقد اعتبر رئيس لجنة شؤون الاستخبارات في مجلس النواب آدم شيف، أن ترامب "استغل" صلاحياته في إعلان العفو عن  فلين.

وغرد شيف حسابه الرسمي في موقع تويتر، قائلا، إن "دونالد ترامب قد استغل مرارا حقه في العفو لمنحه لأصدقائه وحماية من قدموا له غطاء. والآن أصدر عفوا عن مايكل فلين الذي كذب من أجل إخفاء تعاملاته مع الروس".

وكانت وزارة العدل الأميركية بصدد إسقاط التهم عن فلين، لكن القاضي الفدرالي علق في مايو الماضي إصدار القرار في قضيته.

وكان فلين قد استلم مهامه في يناير 2017 مستشارا للأمن القومي، ولكنه استقال بعد بضعة شهور ، وتحديدا في 13 فبراير من  نفس العام، عقب فضيحة اتصالات مع روسيا.

وجرى اتهام فلين بمناقشة موضوع العقوبات الأميركية مع السفير الروسي في الولايات المتحدة قبيل تولي ترامب مهام الرئاسة، فيما أفادت تقارير بأنه قد ضلل مسؤولين أميركيين بشأن محادثته تلك مع السفير الروسي.

وقال فلين  وقتها في رسالة استقالته، إنه قدم "ايجازا بمعلومات غير كاملة من دون قصد لنائب الرئيس المنتخب (مايك بنس) وآخرين بشأن اتصالاتي الهاتفية مع السفير الروسي".

هل يعفو عن نفسه؟

ويمكن لترامب أيضا أن يعفو عن الأشخاص الذين جرى إدانتهم بعد التحقيق الذي أجراه المحقق روبرت مولر  بما في ذلك بول مانافورت وجورج بابادوبولوس اللذين أنهيا مدة عقوبتهما بالفعل ، لكن قد يسعى الرئيس الأميركي إلى تقويض عمل مولر بشكل رمزي من خلال العفو عنهما.

ولكن يبقى السؤال المهم هل يستطيع ترامب أن يصدر عفوا رئاسيا مسبقا بحق نفسه، تحسبا لمواجهته أي قضايا تتعلق بفترته الرئاسية؟ وهنا سيكون القول الفصل للمحاكم الفيدرالية فيما إقرار هذه السابقة التي ستكون الأولى من نوعها.

كلينتون.. وعفو مثير للجدل

ومن قرارت العفو الذي أثارت ضجة كبيرة وقتها، ما فعله الرئيس الأسبق بيل كلينتون الذي أصدر عفواً عن أخيه غير الشقيق روجر كلينتون والملياردير الهارب آنذاك مارك ريتش مما أدى إلى إجراء تحقيق جنائي فيدرالي، ولكن في النهاية لم تُوجه إليه اتهامات.

والملياردير الراحل "مايك ريتش" كان يعرف بلقب "ملك النفط"، والذي استطاع أن يحقق ثروة فلكية بلغت عشرات المليارات عن طريقه بيعه النفط الإيراني بطرق ملتوية وغير قانونية.

وقد أدى تهربه من الضرائب وتعامله مع النظام الإيراني بعد الحظر الأميركي إلى ملاحقته قضائيا  ليهرب إلى سويسرا في العام 1983 .

وبقي ريتش مطاردًا حتى العام 2001 عندما أصدر كلينتون عفوًا عنه في الأيام الأخيرة له في البيت الأبيض، ووهو القرار الذي عرض كلينتون لانتقاد شديد أحس بعده بالندم.

وقد توفي ريتش في سويسرا في منتصف العام 2013 عن 78 عامًا، منهيا سيرة أحد عمالقة تجارة النفط والمؤسس لها بعد حياة مليئة بالنجاحات والثراء والصفقات غير المشروعة مع أنظمة وصفت بالقمعية والديكتاتورية.

أوباما.. والعفو عن سنودن

بالمقابل، رفض الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، الضغوط التي تعرضها لها بهدف العفو عن  إدوارد سنودن الذي زود موقع ويكيليكس بفيض من المعلومات السرية والهامة.

وتزامن ذلك مع عفو أوباما عن الجنرال السابق جيمس كارترايت الذي أدين بالإدلاء بإفادة كاذبة لمكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) خلال تحقيق بشأن تسريبات تتعلق بهجوم معلوماتي أميركي استهدف البرنامج النووي الإيراني في العام  2010.

كما شمل عفو أوباما وقتها تخفيف عقوبة تشيلسي مانينغ المحللة السابقة بالمخابرات العسكرية الأمريكية التي تقضي عقوبة السجن 35 عاما لتسريبها ملفات سرية إلى موقع ويكيليكس.

ووجه سنودن وقتها الشكر  إلى أوباما في تغريدة على حسابه بتوتير، وذلك بعد الإعلان عن نبأ تخفيف عقوبة مانينغ. 


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa