آخرهم زاده... 5 علماء نووي إيرانيين إغتيلوا خلال 10 سنوات

28/11/2020 09:14PM

نشر موقع "ميدل إيست آي" الإخباري تقريرًا أعدَّته الصحفية شيرين خليل، سلَّطت فيه الضوء على عملية اغتيال محسن فخري زادة، أشهر عالم نووي إيراني، التي جرت مؤخرًا ولم تكن الأولى من نوعها؛ إذ جرى تنفيذ سلسلة اغتيالات للعلماء النوويين الإيرانيين في العقد الماضي.

وأشارت الكاتبة في مستهلّ مقالها إلى الخطر المحدق بالعلماء النوويين في إيران؛ إذ اغتيل ما لا يقل عن أربعة علماء نوويين في العقد الماضي في حوادث تفجير سيارات وإطلاق النار بينما استُهدف عدد آخر من العلماء لكن كُتِبت لهم النجاة. وقد أطلق مسلحون النار يوم أمس الجمعة على محسن فخري زادة المهندس المسؤول عن البرنامج السري النووي المزعوم لإيران لأجل تطوير قنبلة ذرية في سيارته في كمين بمدينة آبسرد خارج العاصمة الإيرانية طهران.

ذكرت الكاتبة أن محسن فخري زادة، الضابط في الحرس الثوري الإيراني، أشهر عالم نووي إيراني نظرًا لتوليه مسؤولية البرنامج النووي الإيراني، "مشروع 111". وفي أعقاب اغتيال زميله ماجد شهرياري في عام 2010، وصفت الأمم المتحدة محسن فخري زادة بأنه رأس مدبر في جهود طهران للحصول على رؤوس نووية.

لا تزال تفاصيل الهجوم الذي نُفِّذ يوم الجمعة غير واضحة، لكن حسين سلامي، قائد الحرس الجمهوري الإيراني، اتَّهم أولئك الذين استهدفوا محسن فخري زاده بالعمل على منع إيران من الوصول إلى العلوم الحديثة.

وجدير بالذكر أن هناك تاريخًا طويلًا لقيام القوى العالمية بسلسلة اغتيالات للعلماء باعتبار ذلك شكلًا من أشكال الحرب؛ بدءًا من الحرب العالمية الثانية إلى الحرب الباردة، على أساس أن العلماء والمهندسين لديهم القدرة على تحويل مسار القدرات العسكرية مما يجعلهم على رأس قوائم المستهدفين.

وألمح التقرير إلى أن إيران قد وجَّهت أصابع الاتهام إلى كل من إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية بعمليات الاغتيال السابقة لعلمائها على الرغم من نفي كلا الدولتين تورطهما في ذلك.

وأوضحت الكاتبة أن مسعود علي محمدي، أستاذ فيزياء الجسيمات بجامعة طهران، أُغتِيل في 20 كانون الثاني 2010 بقنبلة كانت على ما يبدو مزوَّدة بجهاز تحكم عن بُعد، وكانت مُثبتة على دراجته البخارية. وفي ذلك الوقت، أكدت السلطات الحكومية الإيرانية، وكذلك زملاؤه في الجامعة، أن علي محمدي الذي وُصِف بأنه "غير سياسي" لا علاقة له بالبرنامج النووي الإيراني.

وآنذاك، قال علي مُغاري، رئيس قسم العلوم بجامعة طهران، عن علي محمدي إنه: "كان أستاذًا معروفًا لكنه لم يكن ناشطًا سياسيًّا". ومع ذلك، وقَّع علي محمدي خطابًا مع مئات آخرين، قبيل عام واحد من اغتياله، عبَّر فيه عن تأييده لمرشح المعارضة الرئيس، رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي في الانتخابات الرئاسية في ذلك العام.

ولا تزال السلطات الإيرانية تصف علي محمدي، عقب وفاته، بأنه أحد المناصرين للحكومة كما ألقت القبض على عديد من المشتبه فيهم واتهمتهم بالعمل لصالح جهاز المخابرات الإسرائيلي.

وبعد مضي 11 شهرًا من مقتل علي محمدي اغتيل أيضًا مجيد شهرياري، العالِم النووي المسؤول عن إدارة "مشروع كبير" لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية. وبحسب ما ورد، أوقفَ سائق دراجة بخارية سيارة شهرياري وثبَّت قنبلة عليها أدَّت إلى مقتله وإصابة زوجته وسائقه ولكنهما نجيا من الموت.

وقال الرئيس، آنذاك، محمود أحمدي نجاد إن مَنْ وراء ذلك الهجوم كان "بلا شك النظام الصهيوني" والحكومات الغربية، بينما نَفَت الولايات المتحدة وإسرائيل تورطهما في هذا الحادث.

وأصيب فريدون عباسي، زميل شهرياري، في هجوم مماثل في اليوم نفسه لكنه نجا بعد نقله إلى المستشفى. وكان عباسي رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية في ذلك الوقت وفَرض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عقوبات عليه. ووصفت الأمم المتحدة عباسي بأنه عالِم كبير في وزارة الدفاع وأنه كان "يعمل على نحو وثيق" مع محسن فخري زاده.

وفي غضون ذلك، تعرض برنامج إيران النووي أيضًا لهجوم إلكتروني. واعترف أحمدي نجاد، في ذلك الوقت، بأن تلك الهجمات الإلكترونية نجحت في "تعرض أجهزة الطرد المركزي لعدد محدود من المشاكل مع البرنامج".

وأضافت الكاتبة أن العالِم الإيراني داريوش رضائي نجاد تعرض أيضًا إلى مصير دموي في تمّوز عام 2011، حيث أطلق مسلحان يستقلان دراجتين بخاريتين الرصاص عليه بعد ظهر يوم السبت، مما أدَّى إلى إصابة زوجه في الهجوم. ويُعتقد أن رضائي نجاد، وهو طالب دكتوراة في جامعة نصير الدين طوسي، كان يعمل على جهاز تفجير القنابل النووية وأنه، وفقًا لتقارير إسرائيلية، شُوهِد على نحو متكرر وهو يدخل مختبرًا نوويًّا في شمال طهران.

وردَّت السلطات الإيرانية بأن مثل هذه المعلومات الاستخباراتية ليست صحيحة، ووصفت رضائي نجاد بأنه لا يعدو كونه رجلًا أكاديميًّا. وقد قال وزير المخابرات الإيراني حيدر مصلحي آنذاك إن "الطالب الذي اغتيل لم يكن ضالعًا في مشروعات نووية ولا علاقة له بالقضية النووية".

ولفت التقرير إلى أن إيران نفت مرارًا وتكرارًا أي رغبة لديها في صُنْع قنبلة نووية، بيد أن القوى الغربية أصرَّت على أن إيران تنوي القيام بذلك. وكانت التوترات تتصاعد في عام 2011، حيث كانت الولايات المتحدة وإسرائيل والاتحاد الأوروبي تخشى أن تقترب إيران من النجاح في محاولاتها المزعومة للوصول إلى المواد الانشطارية.

وأردف التقرير أنه في يناير 2012 أي بعد أقل من عام، أصبح مصطفى أحمدي روشان الهدف التالي على قائمة الاغتيالات. واستُخدِم سائق دراجة بخارية آخر في مقتل روشان، إذ صعد هذا السائق إلى سيارة روشان وثبَّت عليها قنبلة مغناطيسية، وقد لقى روشان وسائقه حتفهما على إثرها.

وكان روشان أستاذًا في جامعة تقنية في طهران ومشرفًا على قسم في معمل تخصيب اليورانيوم في مدينة نطنز. وجاء مقتله بعد أسبوع من إعلان أكبر مسؤول نووي إيراني عن قرب بدء الإنتاج في ثاني أكبر موقع لتخصيب اليورانيوم.

وقبل شهرين، نشرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة تقريرًا زعمت فيه أن العلماء الإيرانيين ينخرطون في جهود سرية متواصلة لتصنيع سلاح نووي. وأصدرت وكالة الطاقة الذرية الإيرانية بيانًا حذَّرت فيه من أن "عمل أمريكا وإسرائيل الشائن لن يغير مسار الأمة الإيرانية".

وأدانت الولايات المتحدة جريمة القتل ونَفَت أي مسؤولية لها عن هذا الحادث، بينما أصدر المتحدث العسكري الإسرائيلي في بيانٍ على فيسبوك ما يشبه عدم إنكار لتورط إسرائيل في هذا الحادث. وكتب العميد يؤاف مردخاي: «لا أعرف مَنْ الذي انتقم من العالم الإيراني، لكنني بالتأكيد لن أذرف دمعةً عليه».

وفي ذلك العام، بدأت محادثات نووية جادة بين إيران وست قوى عالمية معروفة باسم مجموعة 5 +1؛ وهي مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (الصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة).

وتوقفت الاغتيالات وانطلقت عجلة المفاوضات التي كانت تمضي بوتيرة غير منتظمة خلال السنوات الماضية. وفي يونيو (حزيران) 2013 أصبح حسن روحاني، المفاوض النووي السابق، رئيسًا لإيران.

وبحلول أيلول، شارك الزعيم الجديد في مكالمة هاتفية مع الرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما، مسجلًا أعلى مستوًى للمحادثات بين إيران والولايات المتحدة منذ عام 1979. وفي غضون أربعة أشهر، جرى تنفيذ بعض بنود الاتفاق النووي، وبحلول حزيران 2015، أعلنت إيران ومجموعة 5 + 1 عن اتفاق شامل يُعرف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA).

بيد أن الرئيس الأميريكي دونالد ترمب قد انسحب من الاتفاق النووي المتعدد الأطراف في 8 أيار عام 2018، وأعاد فرض سلسلة من العقوبات المشددة على إيران. وعندما فشلت إيران في حشد ما يكفي من الدعم الأوروبي للضغط على الولايات المتحدة ضد حملة العقوبات المتصاعدة والتي تمارس عليها "أقصى ضغط"، بدأت إيران في انتهاك شروط الاتفاق، واستأنفت بعض أجزاء من برنامج التخصيب النووي الذي توقف العمل به.

وتصاعدت حدة التوترات بين الولايات المتحدة وإيران منذ ذلك الحين، ووصلت عدة مرات إلى ما أسماه كثيرون بأنهما "على شفا الحرب"، لا سيما عندما أمرت إدارة ترامب باغتيال الجنرال الإيراني الكبير قاسم سليماني في كانون الثاني 2020.

واختتمت الكاتبة تقريرها مؤكدة أن الرئيس المنتخب جو بايدن، الذي شارك في تلك المفاوضات خلال عهد أوباما، أعرب عن استعداده لاستئناف المحادثات مع إيران، لكن القلق يتزايد بشأن خطط الرئيس المنتهية ولايته الخاصة بإيران ومنشآت تخصيب اليورانيوم التابعة لها خلال أسابيعه الأخيرة في الحكم.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa