الشيوعي: لمواجهة على مستوى التحديات..

30/11/2020 05:43PM

 لاحظ المكتب السياسي للحزب الشيوعي في بيان، ان "لبنان يمر اليوم بظروف هي الأخطر في تاريخه، فإلى جانب التطورات المتسارعة في المنطقة، والسباق المحموم نحو الحروب والعقوبات وفرض الإدارة الاميركية الحالية برئاسة ترامب الشروط، فإن المشهد الداخلي يؤكد مدى تعقد الأزمة واتساعها، على المستويات كافة السياسية والاقتصادية والمالية والصحية والاجتماعية، المتجهة حكما نحو المزيد من التفاقم، مع احتمال وقف دعم السلع الاستهلاكية الأساسية".

ولفت الى ان "عملية تشكيل الحكومة تستمر محكومة بدائرة الشلل والتعطيل، بسبب التجاذبات المصلحية والفوقية بين أطراف المنظومة الحاكمة، من جهة، وتصاعد وتيرة التدخلات الخارجية، من جهة أخرى. وتضاف إليهما تبعات جائحة كورونا التي تفتك بالشعب اللبناني في غياب أي سياسة صحية جدّية ومسؤولة، وتطلق العنان لآليات البطالة والحرمان والفقر والتهميش الاجتماعي".

واكد ان "الوضع الحكومي، كما الاقتصادي والاجتماعي، يظهر عجز المنظومة السياسية عن توفير العلاجات التي ينتظرها الشعب اللبناني، في وقت تبقى عيون القوى الحاكمة شاخصة نحو "حلول" موعودة من الخارج. ويرجح ألا تكون حكومة في المدى المنظور، في انتظار معرفة دفة الإدارة الأميركية الجديدة وطريقة تعاملها مع الملفات المترابطة في المنطقة (صفقة القرن، التوطين، إيران، سوريا). وأمام انسداد الأفق السياسي وتفاقم تداعيات الانهيار الاقتصادي والاجتماعي ليس للمنظومة الحاكمة شيء تقدمه إلى الشعب سوى المزيد من الاحباط والقلق والفقر والبطالة والجوع والمرض وتهجير الكفايات، فضلا عن انتشار الجريمة والمشاهد الميليشيوية المتجددة والخطاب المذهبي. يمكنها أن تشكل البيئة الملائمة لأي تفجير أمني داخلي أو لعدوان أميركي - صهيوني على لبنان".

ورأى "أمام هذا الخطر الداهم، أن إسقاط المنظومة الحاكمة ومشروعها الانتحاري هو واجب وطني لإنقاذ لبنان على أساس مشروع وطني للتغيير يحمل برنامجا محددا لبناء الدولة الوطنية الديموقراطية، دولة العدالة الاجتماعية، برنامجا يوقف مسار الانهيار الاقتصادي والاجتماعي ويفتح أفق المستقبل أمام اللبنانيين ويضع حدا فاصلا للتنازلات المتدحرجة أمام الضغوط الاميركية والصهيونية في المجالين السياسي والاقتصادي. فالموقف الأميركي المعلن الذي تعبر عنه كل يوم السفيرة الأميركية يشكل تدخلا عدوانيا وقحا في شؤون لبنان الداخلية، وهذا الأمر ما كان ليحصل لولا تواطؤ واستسلام وتبعية المنظومة الحاكمة التي أساءت ممارساتها وتسيء إلى كرامتنا الوطنية في الصميم".

وإذ ندد ب"هذه التدخلات والعقوبات المفروضة على قوى وشخصيات سياسية وقطاعات"، حذر "هذه المنظومة المتهالكة من الاستجابة إليها".

وتابع: "لقد أفشلت قوى السلطة المحاولة الأولى لقيام تحقيق جنائي في الحسابات المالية للدولة ومصرف لبنان، بسبب تحجج حاكمية مصرف لبنان بالسرية المصرفية حتى على حسابات الادارات والمؤسسات العامة. وبعدها تولى مجلس النواب القيام بعمل يشبه العمل المسرحي في محاولة للمضي في تمييع موضوع التحقيق، عبر التوصية الفضفاضة التي اتخذها "للقيام بتحقيق واسع في كل الوزارات والمؤسسات العامة". إذ كيف لمجلس نيابي فشل في التحقيق في ملف واحد (ملف مصرف لبنان) أن يوسع بيكار (اطار) التحقيق على كل مؤسسات الدولة واداراتها، وأن يشرع ضد نفسه وضد منظومته السلطوية الفاسدة التي تتحمل مسؤولية نهب المال العام. إن الاجماع المسرحي لكل الكتل النيابية على هذه التوصية يشي بأن ما حصل هو في الواقع امعان في التهرب من دفع الثمن وفي حماية المصالح التحاصصية المتبادلة التي وفرت سياسات مصرف لبنان أحد أهم مرتكزاتها. إن التحقيقات في تفجير مرفأ بيروت قد دخلت في دهاليز منظومة الحكم وباتت مادة للابتزاز السياسي، وفي عهدة قضاء مصادر أمره من أوليائه".

وأضاف: "ما يجري فعليا يعكس اتجاه قوى السلطة تحييد المسؤولين الحقيقيين عن الإهمال والفساد، من وزراء ورؤساء من صلب المنظومة الحاكمة، وتحويل التحقيق إلى تحقيق بيروقراطي والقائه على عاتق بعض الموظفين بتهمة التقصير الوظيفي، أو على شركة التعهدات التي لم تلتزم معايير السلامة. أمّا حقوق مئات الشهداء وآلاف الجرحى فسوف يكتفى باعتبارهم إما شهداء كشهداء الجيش أو كمضمونين يستفيدون من تقديمات الضمان الاجتماعي. وعليه يذهب الحق العام صفرا وتقفل عليه جريمة العصر الكبرى. إن هذا المنحى يدفعنا إلى رفضه والضغط، وبكل الوسائل المتاحة، شعبيا وقانونيا، إذ يبقى رهاننا على الشارع وقواه".

وتابع: "أما كورونا، فيقع بين قطاع صحي متهالك نتيجة إضعاف القطاع الصحي العام من قبل الحكومات المتعاقبة، وتغاضي الدولة عن التكتلات الاحتكارية المتحكمة بالقطاع الصحي الخاص، لا سيما سوق الدواء ومستلزمات التجهيزات الطبية والاستشفائية. وتفتقد الدولة إلى سياسات صائبة في مجال الفحوص والتتبع وتوفير الأسرة وفرض اجراءات الإقفال المناسبة لكل مرحلة. وتفاقمت الأزمة المعيشية، بما فيها الصحية منها، أكثر لعدم تخصيص الدولة موارد لدعم العمال والمياومين والشركات والمؤسسات الصغيرة، وهي التي تضم الفئات الأكثر حاجة للدعم، فيما أقر المجلس النيابي مجتمعا دعما بقيمة 450 مليار للمستشفيات الخاصة و300 مليار للمدارس الخاصة. وأمام هذا العجز الرسمي وغياب خطة صحية واضحة وعدم قدرة المواطنين الأكثر فقرا على التزام الحجر بسبب الحاجة الى العمل وسط غياب أي دعم، سيكون الوضع المعيشي والصحي مرشحا للتفاقم حتى إشعار آخر، مع ارتفاع عدد الوفيات وتداعيات اجتماعية خطيرة. ومع بدء الحديث عن إنتاج اللقاحات ووصولها إلى لبنان خلال بضعة أشهر، يطرح الحزب ضرورة توزيع اللقاحات بشكل منهجي مدروس وعادل بحيث يبدأ مع المسنين وأصحاب الأمراض المزمنة والقطاع الصحي وغيره من القطاعات ذات الاختلاط الكثيف أولا، وليس على قاعدة الزبائنية والفساد والمحسوبيات كما هو سائد في كل ممارسات قوى السلطة في الإدارة العامة".

ورأى ان "الوضع الاقتصادي والمالي، يتجه بشكل متسارع نحو مزيد من التردي بسبب انكفاء المنظومة الحاكمة عن اتخاذ أي اجراءات علاجية، في وقت تستمر الضغوط التي يمارسها القطاع المصرفي - المصارف ومصرف لبنان - ويستمر تهريب الأموال إلى الخارج، مثلما

يستمر السطو الفعلي على الودائع المصرفية عبر إخضاعها لأسوأ عملية "هيركات".

ولفت الى ان "المجاعة آتية مع استمرار تآكل القطاعات الانتاجية وإقفال المؤسسات والصرف التعسفي وانهيار القيمة الشرائية للعملة الوطنية، ومع توقع رفع الدعم أو ترشيده على قدم وساق بطلب من مصرف لبنان. ومن هنا نرى أن لا حل إلا بكسر المنظومة القابضة على عنق الشعب اللبناني، وإرساء الأسس لنظام بديل".

ورأى ايضا ان "المؤشرات المتسارعة للتطبيع تضع المنطقة أمام واقع مختلف، فيما يعيش الوضع العربي أسوأ أيامه: عملية الفرز السياسي أصبحت بائنة، حلف التطبيع جاهز للانقضاض، وبطلب أميركي صهيوني، لتصفية القضية الفلسطينية في إطار "صفقة القرن"، ولبناء تحالف سياسي عسكري لمواجهة كل من لا ينضم إلى التطبيع وصفقاته. وتستهدف إيران اليوم بضربات أمنية واغتيالات لمسؤولين أمنيين ونوويين. وتتعرض سوريا لاعتداءات صهيونية مستمرة، كما هي حال غزة وكل المقاومين والمنتفضين في الضفة الغربية والأراضي المحتلة".

وختم: "إن لبنان الغارق في أزماته منتظرا الترياق الآتي من الخارج، ومن ماكرون غيره، لن يقوى على الصمود أكثر. فمهما كانت الاجراءات، فما هي إلا مسكنات لإمرار الطامة الكبرى المحدقة بالمنطقة. لبنان في مخاض رسم الأدوار المطلوبة منه. استشراء الخطاب المذهبي والطائفي، والذي بان في النقاشات الأخيرة حول قانون الانتخاب، وهو الواقع على خطوط التقاطعات ومصالح الدول النفطية، سيفاقم الشلل الواقع فيه، والذي، ربما هو المطلوب اليوم، مدعوما بضغط اقتصادي ومالي وخطر أمني صهيوني. الكباش سينتج منه مزيد من التوترات ومن فرض الشروط والعقوبات، وتردي الوضع المالي سيؤدي باللبنانيين إلى حد المجاعة وتعطل مؤسسات الدولة. لا حل مع هذه المنظومة بل الحل يأتي من خارجها. والمواجهة حتمية".


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa