مصالح الناس أولًا: حرب عون على الفساد في الضمان الإجتماعي

10/12/2020 08:59AM

كتبت صفاء درويش في "السياسة": 

لم يحد ميشال عون يومًا واحدًا عن محاربة الفساد. ميشال عون قائد الجيش أراد سحق الميليشيات لتقوم الدولة. حارب الإحتلالات لتقوم الدولة. هو نفسه، عندما انتخبه الناس نائبًا عنهم شرّع لأجلهم، لتقوم الدولة. ميشال عون القائد والنائب هو نفسه رئيس الجمهورية. حملات شعواء، غادرة، لم تبدأ لتنتهي وليس هدفها مواجهة عون فحسب، بل إضعاف الجمهورية. في خضم المعركة مع أعداء الإصلاح، بقي الرئيس صلبًا في ملفات عديدة ما زالت تشكّل بالنسبة إليه جوهر مكافحة الفساد. بالنسبة لعون، على القضاء فتح كل الملفات التي لها علاقة بحياة الناس ومالية الدولة من أجل اكتشاف خباياها والتدقيق فيها، وإمّا إجلاس اعواججها أو ضرب الفاسدين فيها لعلّها تصطلح.

هذا الأداء ظهر في من خلال ذهاب الرئيس بعيدًا في معركة اقرار التدقيق المالي الجنائي في مصرف لبنان، ولكن هل كان فرض التدقيق هو انجاز عون الأوّل؟

عام 2018 تقدّم خمسة أعضاء من مجلس ادارة الضمان الإجتماعي بتقرير لرئاسة الجمهورية يفنّد عددًا من القضايا التي تحوم حولها علامات استفهام كبيرة، وشبهات فساد راسخة. حُوّل التقرير المفصّل إلى وزارة العدل التي بدورها حوّلته إلى النيابة العامة التمييزية.

النائب العام التمييزي غسان عويدات كلّف بدوره النيابة العامة المالية التحقيق في الملف. هنا يُسأل هل تم استدعاء الأعضاء الخمسة للتحقيق، أو واحد منهم على الأقل، لإطلاق تحقيق شفاف بالمعلومات المقدمة؟ وهل طُلب التعاقد مع شركة تدقيق حسابات يستند القضاء فيها لاتهامات الأعضاء للمدير العام؟ يبدو أن هذه الآلية لم تحصل ليعاد ويُحوّل الملف إلى النيابة العامة التمييزية.

النائب العام التمييزي غسان عويدات عاد وكلّف احد معاونيه، القاضي غسان خوري، التحقيق في الملف حيث استمع الى بعض اعضاء مجلس الادارة، ولا يزال الموضوع قيد التحقيق .

وهنا السؤال: هل جرى تكليف احد مكاتب التدقيق ليتولى التدقيق في حسابات الصندوق وفي عملياته المالية ونظمه المعلوماتية لاطلاق تحقيق معمق وشفاف في ظل دخول البلاد فعلياً في موجة التدقيق الجنائي في عهد ميشال عون ؟

تفاصيل التقرير تظهر تخبّطًا غير منطقي، ومخالفات يكاد يفوق الهدر فيها المليارات، دون حسيب أو رقيب. على سبيل المثال فقد اتخذ المدير العام للضمان الإجتماعي، بحسب اتهامات التقرير ومعدّيه، تدبيرًا قضى بالتوقف عن تعيين مدقق حسابات خارجي بحسب ما تفرض المادة 73 من قانون الموازنة العامة لسنة 2001 تعيينه، فبقيت الحسابات العائدة لأعوام 2011 و2012 و2013 و2014 و2015 س2016 بدون تدقيق بالرغم من مطالبة مجلس الإدارة بوضع دفتر شروط واجراء استدراج عروض لتعيين الخبير المفروض قانونًا، فلماذا الهرب من التدقيق الخارجي؟ 

الأمور لم تنتهِ هنا، بل اتخذ المدير العام تدبيرًا آخرًا يُعد فاجعة حقيقية، وأيضًا بحسب التقرير، حيث قضى باعتبار الأرصدة الدائنة والمدينة والسندات غير الموجودة في محفظة المستندات العائدة لما قبل العام 2007 والواردة في كشوفات حساب المؤسسات، غير حائلة دون اعطاء الإفادة المنصوص عليها في الفقرة 1 من المادة 10 من نظام براءة الذمة إلى المؤسسات التي سبق أن حصلت على عمليات براءة ذمة محصورة أو شاملة، إلى حين الإنتهاء من عمليات التدقيق في هذه الأرصدة خلال سنة من تاريخ 21 نيسان 2017 وهو الأمر الذي لم يبدأ حتى بعد مرور سنة على التدبير الصادر عن المدير العام. من الواضح أن هذا التدبير أدّى إلى شطب ديون الصندوق السابقة للعام 2007، فألا يُعتبر هذا تشريعًا للمخالفات؟ أو حتى إقرار بعدم صحة حسابات ما قبل العام 2007؟

الفضائح لا تتوقف هنا، بل تتابع فصولًا، إلّا أن أكثرها غرابة، واثارة للضحك، هو اقدام المدير العام على التعاقد مع 115 شخصًا بصفة عتّال بطريقة التكليف بخدمات شتّى، ومن بينهم فتيات جامعيات، ثمّ كلّف أحد المفتشين أن يجري مراقبة على الصندوق للتحقيق في مخالفة الفقرة 4 من المادة 80 من قانون الضمان الإجتماعي المرتكبة من صاحب العمل (الصندوق ممثلًا بمديره) الناتجة عن اغفال التصريح عن التحاق شخص خاضع للضمان بالعمل بحسب ما يعرض التقرير أيضًا وأيضًا. وضع بعد ذلك المدير العام نفسه تحت تصرف المفتش لإستجاوبه. المسرحية لم تنته هنا، بل عمد بناء على تقرير المفتش غير المكتمل إلى اعادة توصيف عقود الإلتزام بعقود العمل، وبإخضاع الأشخاص المعنيين لأحكام قانون الضمان بمفعول رجعي لعشر سنوات. قامت بعدها الإدارة بتسجيل المضمونين الجدد وأعطتهم أرقامًا في سجلات الصندوق، الأمر الذي فضح مناورة المدير العام، يقول التقرير!

تأتي هذه الحادثة بعد تمني خرج عام 2013 للحكومة والمجلس النيابي كي يصار إلى استثناء الصندوق من أحكام المادة 54 من قانون موازنة 2004 بهدف ايجاد نظام استخدام وتعيين وتعاقد خاص بالصندوق.

هذا غيض من فيض مغارة علي بابا في الضمان الإجتماعي في حال اثبتت ادعاءات الأعضاء الخمسة. 

سيستمر ميشال عون في ملاحقة الفساد أينما حل وسيبقى التدقيق المالي الجنائي هو الأسلوب الأقوى للوصول إلى الحقيقة، فيما تبقى القوانين وأيادي الفساد المنغرسة داخل أروقة الدولة تقف حائلًا بوجه مشروع الإصلاح، فالحرب على الفساد سجال،  لا يُحسم بين ليلة وضحاها. ولكن يبقى السؤال الأهم: لماذا لم تقم عشرات آلاف المؤسسات المهدورة حقوقها في الضمان بثورة تُنزل موظفيها إليها؟ لا جواب!


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

12/03/2025 11:03PM

إمرأة بريطانية يلتهمها كلباها بعد شهر من وفاتها

12/03/2025 10:47PM

إطلاق نار قرب مستوطنة أرئيل بالضفة الغربية وإصابة رجل

12/03/2025 10:31PM

مجهولون يسرقون محل خضار

12/03/2025 10:13PM

السيدة الأولى تؤكد إلتزامها بدعم حقوق المرأة في مؤتمر نيويورك

12/03/2025 10:08PM

السيدة الأولى نعمت عون من المؤتمر الدولي للجنة وضع المرأة في نيويورك: لا سلام وأمن وديمقراطية وازدهار من دون مجتمع يعترف بحقوق نسائه ومع إقتراب الإنتخابات البلدية والنيابية في لبنان لدينا فرصة لاختيار مسؤولين ومسؤولات يؤمنون بدور المرأة ويعملون من أجله

12/03/2025 10:07PM

السيدة الأولى نعمت عون من المؤتمر الدولي للجنة وضع المرأة في نيويورك: أجدد الإلتزام باستكمال ورشة الإصلاحات وحملات التوعية والتي بدأتها الحكومة بتعيين 5 وزيرات لتولي حقائب وزارية تؤثر تأثيرًا مباشرًا على حياة المرأة

12/03/2025 10:03PM

إليك الطريقة المثالية لإطالة عمر بطارية هاتفك

12/03/2025 09:49PM

الفاتيكان يكشف عن آخر تطورات الحالة الصحية للبابا فرنسيس

تواصل إجتماعي

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa