لم يسقط القناع عن "السيّد حسن"

13/11/2018 06:39AM

عندما نعود إلى خطاب السيد حسن نصرالله في ثمانينيات القرن الفائت يقول بالحرف والكلمة, بالصوت والصور: "  أُلخّص, في الوقت الحاضر ليس لدينا مشروع نظام في لبنان. نحن نعتقد أنّ علينا أن نُزيح الحالة الاستعمارية والإسرائيلية وحينها يمكن أن يُنفذَ مشروع. ومشروعنا الذي لا خيار لنا أن نتبنّى غيره كوننا مؤمنين عقائديين, هو مشروع الدولة الإسلامية وحكم الإسلام وأن يكون لبنان , ليس جمهورية إسلامية واحدة وإنما جزءٌ من الجمهورية الإسلامية الكبرى التي يحكمها بالحق صاحب الزمان والمكان ونائبه الولي الفقيه الإمام الخميني".

 

بعد العام 2000 راح الحديث يدور عن خطاب مختلفٍ لحزب الله وأمين عامه حسن نصرالله اللذين واكبا المتغيّرات السياسية وأصبحا على قناعة بـ"تعذّر" قيام هذا المشروع الذي نادى به نصرالله في بداياته, وتحوّلا إلى مشروعٍ "وطنيٍ لبناني مقاومٍ". صدرت مؤلّفاتٌ وكتبٌ للترويج لهذه الفكرة التي انطلت على بعض الأفرقاء السياسيين, وتمنّى آخرون تصديقها فعاشوا في غيمة "الأمنية السياسية". وهكذا شيئاً فشيئا, حصل الحزب على طمأنينة داخلية ليتغلغل ويتوسّع في التركيبة البنيوية لما يسمّى بـ"لبنان الرسمي".

 

عام 2005, حصل ما لم يكن بالحسبان. اغتيل رفيق الحريري وظُنّ أن الاغتيال سيمرّ كغيره من الاغتيالات السياسية في لبنان. لكن.. "لا كلّ ما يتمناه المرء والحزب يدركه!" طُرد النظام السوري من لبنان وتفتّح "ربيع لبنان" بعد انكفاء قدرات الحلفاء وعلى رأسهم حزب الله. وهنا كان لا بدّ من "صدمةٍ" تعيدُ الحزب إلى مربّع "المقاومة" التي بها ومنها يقتات للبقاء و"الاستمرارية". وفيما كانت المؤشرات الاقتصادية في صيف 2006 كالسهم منطلقة في فلا سماء لبنان لتُعيد لنا أغنية الكبير الراحل وديع الصافي "لبنان يا قطعة سماء", استفاق اللبنانيون على سماءٍ ملبّدة بمقاتلات إسرائيلية تدمّر لبنان بعد أن قرّر الحزب "أحادياً" خطف جنود إسرائيليين في عملية نوعيّة لم تكن من "النوعيّة الوطنية" التي تتقرّر على الطاولة السياسية الداخلية. يومها قالها السيد حسن بالفعل المكلِف: قرار السلم والحرب له!


المؤشرات الاقتصادية في صيف 2006 كانت كالسهم منطلقة في فلا سماء لبنان

 

وهنا بين شباط/آذار 2005 وتموز 2006, تناقض بأركان القوّة. ففيما كان جلاء القوات السورية عن لبنان بادرة إيجابية واعدة, قد تُعيد الأخوة في حزب الله إلى الحضن الوطني كحزب سياسي يبدّي لبنان على مصالح "الولي الفقيه" كما يسمّيه السيد حسن, إلا أن نقطة التحوّل بين التاريخين حصلت في مار ميخائيل في شباط 2006 في ما سمّي بـ"ورقة التفاهم" أي قبل أشهر فقط على "حرب تموز". الأحداث وتواريخها وارتباطها تتضح بمراجعة موضوعية للأحداث, التي لا تُخفَ متى تراجعنا خطوة وأعدنا القراءة والحساب.

 

عام 2007 و2008, ضُرب الاقتصاد اللبناني حين نُصبت الخيام في وسط بيروت وعلت الأعلام البرتقالية والصفراء وغيرها من أعلام الحزب القومي وحركة أمل لتتشكّل جبهة سياسية – عسكرية بدت واضحة المعالم مذاك وبأنها من يقرّر الحرب والسلم والاقتصاد و"مستقبل" البلاد بعد مرور 10 سنوات.

 

اليوم, قالها السيد حسن بعد 10 سنوات على عام 2008 ! ففي ذلك العام سيطر على وسط بيروت في مشهدٍ يحاكي "انقلاب صنعاء".. لكنّ لبنان نجا من عدم اكتماله نسبياً. قال "السيد حسن" في زمن "العهد القوي": أنا القوي وأنا العهد! رفع إصبعه بوجه اللبنانيين قائلاً "اسمعوا يا لبنانيين ويا رؤساء ويا بطاركة ويا مفتين... افعلوا ما شئتم ! لا أسماء! " بمعنى الأمر لي!

لكنّ هذا التصعيد الكلامي لم يأتِ من فراغ ولا من ملفّ تشكيل حكومة أو غيره بل هو "استبسال هرّ حُشر في الزاوية فخرمش". نعم! في موسم العقوبات خاف السيّد حسن وصرخَ! لكن إلى متى؟َ!

وهنا تحضرني تصريحات أخيرة لنواب كتلة "لبنان القوي" التابعة للرئيس عون وتتّهم "مغرضين" بوضع عصا في دولاب "العهد القوي". لكن... إذا لم يسقط القناع عن السيد حسن لأنه لم يرتدِه يوماً, عسى الغشاوة تختفي من أمام من ظنّ أنه "قوي" بالتفاهمات وأنه سيحكم بالإصلاح والتغيير في زمن حزب الله. فالحزب يسيطر على لبنان ويعرقل مؤسساته وقيام دولة فيه. ويحضرني مجددا تصريح مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي حين قال من على منبر السراي الحكومي: "فاز محور المقاومة" وذلك في نوفمبر 2017. وأشار إلى محور المقاومة بالعراق وسوريا ولبنان واليمن وكأنهم "سيطروا" على العواصم الأربع.

 

لا لم يسقط القناع عن "السيد حسن" فهو كان واضحاً منذ البداية بولاءاته, لكن يبقى التساؤل حول حلفائه وعمّا إذا كانوا مقنّعين أو مغشوشين؟!


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa