One Man Show في وزارة الصحة: تغييب نقابة الأطباء عن الحرب ضد الكورونا

19/01/2021 10:19AM

كتبت صفاء درويش في "السياسة": 

أزمة صحية تاريخية يمر بها لبنان للمرة الأولى تتطلب تضافرًا في الجهود من أجل اجتيازها، فيما يبدو أنّ هناك من قرر التعامل معها على أساس الوان مان شو. استياء كبير في صفوف نقابة الأطباء نتيجة تغييب دور النقابة عن ادارة الأزمة الخطيرة، والتي أودت لبنان حتى الآن نحو اجتياز السيناريو الإيطالي، ودخلت البلاد مرحلة عدم توفّر أسرّة للمرضى الجدد وكذلك شبه اختفاء أجهزة التنفّس من السوق المحلية.

تشير المعلومات إلى أن النقابة مغيبة بشكل كبير عن كل مستجدات موضوع الكورونا، حيث لا تشارك وزارة الصحة النقابة بداتا الأرقام ولا الحالات التي تُسجّل، ولا حتى في نتائج تحقيقات حالات الوفاة لا سيما على صعيدي الأطباء والممرضين، الذين يقفون في الخطوط الأمامية للمواجهة. فحتى الآن، لم تزوّد وزارة الصّحة النقابة بأسباب اصابة هؤلاء الأطباء، أكان من خلال معاينتهم ومعالجتهم للمرضى وهذا يجب معرفته من أجل تعميم أساليب تجنّبه، أو من خلال مخالطتهم لعامة الناس في حياتهم العادية والمناسبات الإجتماعية. 

أجواء نقابة الأطباء تشير بوضوح أن وزارة الصحة تفتقر بشكل كبير لنظام واضح وواحد للعمل، حيث يُربط كل تفصيل بشخص الوزير، وهو على رغم من عمله الدؤوب وجهده الكبير ولكن هناك أسلوب من العمل المؤسساتي يجب أن يُطبّق وإلا سنكون أمام نتائج كارثية كما هي اليوم. تجلّى هذا الموضوع في اطلالات نقيب الاطباء الاعلامية حيث بدا محلّلًا واعظًا أكثر منه مدركًا وعالمًا بمسار الأمور، كون الوزارة تتكتّم عن المعلومات التي لديها ولا تشارك أهل الإختصاص بما قد يكون مفيدًا لمواجهة الوباء.

سوء في التواصل هو عنوان العلاقة بين الوزارة والنقابة، وفي هذا الإطار يُعيد البعض تغييب النقابة إلى الإختلاف في وجهات النظر الذي وقع قبل فترة بين وزير الصحة حمد حسن والنقيب شرف أبو شرف لجهة حصر توزيع واعطاء اللقاحات في الصيدليات اضافةً لاجراءات اخرى، فالوزير حسن أصدر هذا القرار، وهو قرار قانوني في المناسبة، دون مراعاة تطبيقه على نطاقه الكامل بكافة مساراته. فالقانون يمنع الصيدلي من اعطاء الوصفات الطبية كما يمنعه من تجديد الوصفات المزمنة، فبعض هذه الأدوية المزمنة بحاجة لمعاينة وفحوصات طبية لما لها من خطورة قد تصل لحد الموت. هذا الأمر والذي تضمّنه قرار الوزير الا ان الوزارة لم تتابع تطبيقه، ولذلك لا يزال خارج اطار التنفيذ. إضافة إلى منع قرار الوزير بيع أدوية المضادات الحيوية دون وصفة طبية، وذلك لعدم خسارة فعالية هذه الأدوية على أجسام المرضى في ظل عدم اختراع مضادات جديدة عالميًا ولضمان القاء فعاليتها لاطول وقت ممكن، وهذا الجزء من القرار لم يُطبّق أيضًا دون أي ردة فعل من الوزارة. كل هذا طالبت به النقابة ولم يحصل، فوقع سوى التفاهم بين الوزير والنقيب، ويدفع اللبنانيون اليوم ثمن تغييب النقابة عن الإستراتيجية والقرار الصحيين في لبنان. 

اليوم، دخل لبنان فترة الشهر الأخير الذي يسبق وصول الدفعة الأولى من اللقاحات الخاصة بوباء الكورونا. يشرح أحد الأطباء آلية تحضير اللقاحات وهي عملية ليست بالسهلة، وبحاجة لتدريب فرق محترفة على تحضير الجرعات، وكذلك فرق لوجستية على تنظيم عملية اعطاء اللقاحات كونها تُعطى لكل 6 أشخاص في وقت متزامن تقريبًا، كما لا يجوز ترك اللقاح أكثر من ساعتين في درجة حرارة عادية كونه يفقد فعاليته. هذا الأمر يُظهر بوضوح حاجة لبنان لإشراك نقابة الأطباء في القرار والخطة وكذلك الإدارة كون اعطاء اللقاحات هو أمل اللبنانيين الأخير في مواجهة الوباء، وذلك بعد وصول الأمور إلى حدودها القصوى. فالنقابة بامكانها المساهمة بتجهيز الطواقم المخوّلة تقديم اللقاحات اضافةً الى القيام بحملات توعية تساهم بطمأنة اللبنانيين وتنظيم اندفاعهم نحو نيل اللقاح.

من الواضح أن ما وصل إليه اللبنانيون اليوم هو حالة من انعدام الأمان والإطمئنان، أكان من خلال الوضع الصحي على الأرض أو من خلال تعاطي الإعلام مع انتشار الوباء في البلاد، وهو ما يجب أن تعترف الوزارة أنها لم تضبطه بالشكل المطلوب، وأن مسألة نشر الطمأنينة من جديد تبدأ من خلال التعاون والإشتراك الكاملين مع نقابة الأطباء لما لها من دراية في الدرجة الأولى، وسلطة ادارية تمكّنها من التحكّم بكل ما يُمكن أن يخرج على ألسنة العاملين في القطاع الصحي. فهل سنشهد تعاونًا بين الوزارة والنقابة لما فيه خير اللبنانيين أم أن التفرّد في القرارات الصحية سيبقى هو عنوان المرحلة المقبلة؟


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa