لا موازنة ولا رؤية اقتصادية.. لبنان نحو الانهيار السريع

24/01/2021 01:00PM

كتبت داني كرشي في "السياسة": 

"لا يمكن أن يشكِّل تصريف الأعمال وغياب حكومة أصيلة حائلاً دستورياً أمام إعداد وإقرار موازنة العام ٢٠٢١"، هذا ما كشفه الباحث في الشؤون المالية والاقتصادية البروفسور مارون خاطر.

بعيداً عن وباء كورونا ومأساته، والفساد والمحسوبيات والمناكفات السياسية، لا تزال موازنة العام 2021 التي يفترض أن تكون من المهمات الأولى لأيّ حكومة، عالقة في مكان ما. دستورياً، كان من واجبات وزير المال في حكومة تصريف الاعمال غازي وزني، تسليم مشروع موازنة 2021، الى الحكومة لدراستها واحالتها الى مجلس النواب، في أيلول 2020، على أن يتم إقرارها بمهلة اقصاها منتصف تشرين الأول 2020. 

لكن المجلس النيابي لم يتسلّم شيئاً، وقرر في جلسته الأخيرة الموافقة على تشريع الإنفاق من دون موازنة وفقاً للقاعدة الإثني عشرية بدءا من شباط 2021. فما تداعيات هذا الامر؟

"بدايةً، لا يمكن أن يشكِّل تصريف الأعمال وغياب حكومة أصيلة حائلاً دستورياً أمام إعداد وإقرار موازنة العام ٢٠٢١، لأنه في ذلك انتهاكٌ للمادة ٨٣ من الدستور كما لِقرار المجلس الدستوري ٥/٢٠١٧"، هذا ما يؤكده الباحث في الشؤون المالية والاقتصادية البروفسور مارون خاطر في حديثه لـ"السياسة".

ويلفت الى ان "الموازنة موجب دستوري مفروض على السلطة التنفيذية وإن كانت مستقيلة. فهي من اساسيات قيام الدولة وانتظام المالية العامة ورسم التوجهات الاقتصادية والمالية والاجتماعية.

 ولعدم وجود موازنة في العام ٢٠٢١ تداعيات كثيرة ليس أوَّلُها عودة الصَرف على القاعدة الاثنتي عَشرية وما ينتج عنها من فسادٍ وهدرٍ وغياب للرؤية وتفعيل لعمل المجالس والمؤسسات والصناديق والعقود بالتراضي. فالحاجة إلى موازنة في العام ٢٠٢١ ينطلق من ضرورة وضع تشخيص دقيق ورسميّ لحجم الأزمة وانعكاساتها على إيرادات الدولة ونفقاتها وعلى الواقع النقدي والمالي الناتج عن تدهور سعر الصرف واستنزاف احتياطي مصرف لبنان". 

البروفيسور خاطر يتابع: "قد يساعد ذلك في رسم خطة طوارئ إجتماعية تبعد شبح الجوع وترسل إشارة استغاثة موضوعية إلى المجتمع الدولي والجهات المانحة. بناءً على ما تقدم، يشكل عدم تأليف حكومة جديدة والغياب المتعمد للموازنة تكريسًا رسمياً للمجهول قدرًا للبنان واللبنانيين".

البروفيسور خاطر: غياب الموازنة يدفع لبنان نحو الانهيار بخطىً اسرع

من جهة أخرى، يوضح البروفيسور خاطر أن "الصرف عشوائيا يساهم بانسداد الأفق السياسي والحكومي المتمادي ما يجعل الانهيار الشامل أكثر حتميَّة.

 وفي هذا الإطار، يدفع غياب الموازنة لبنان نحو هذا الانهيار بخطىً اسرع. فغياب التخطيط الإنفاقي والرؤية الماليَّة يسببان تحول الإدارة المؤسسية العِلمية إلى إدارة عشوائية فورية، مما يزيد الوضع المتأزم مالياً واقتصاديًا من عواقب هذه العشوائية ومن خطورتها في ظلِّ تهاوي الواردات والتحويلات وغياب الاستدانة والمساعدات".

البروفيسور خاطر يشير الى أن "اخطر ما في هذه العشوائية تهديدها للأمن الاجتماعي والغذائي والصحي للبنانيين الذين أضعفتهم الأزمات وارهقتهم المآسي".

غياب الموازنة يؤدي  إلى استمرار تدهور سعر الصرف. 

أما عن تأثر هذا الأمر على العملة الوطنية، البروفيسور مارون خاطر يلفت الى ان "عدم وجود تصوُّر مبدئي لمستقبل لبنان الاقتصادي والمالي وغياب الخطط الانقاذية والموازنات، يؤدي  إلى استمرار الأزمة ومعها تدهور سعر الصرف. 

الباحث في الشؤون المالية والاقتصادية البروفسور مارون خاطر يختم موضحا أنه "في ظلِّ غياب الثقة وتوقف التدفقات النقديَّة والمساعدات الخارجية وعدم إمكانية المصرف المركزي على التدخل، سيستمرُّ ارتفاع مستوى التضخم وفقدان الليرة لقدرتها الشرائية. أما غياب الموازنة فيفاقم الأزمة إذ يفضي الى عدم تمكن الدولة من تحقيق التوازن بين إيراداتها ونفقاتها أو على الأقل تحديد المشكلة بدقَّة لطلب المساعدة، ما يؤدي الى عدم توفر الأموال لتأمين رواتب القطاع العام المتآكلة أصلاً ولتامين التغطية الصحيَّة، مما قد يتسبب بكارثة اجتماعية".

أمام هذا الواقع السوداوي، وفي وقت تتوالى المصائب على لبنان، ما زالت القوى السياسية ترفض وضع البلاد على سكة قطار الإصلاحات المباشرة. ومع استمرار الدولة بسياسة "النصب" و"والنهب"، يبدو ان اللبنانيين سينتقلون من مرحلة التقشف إلى مرحلة الأكل من أكتاف لحمهم الحي.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa