طرابلس ترفض الإقفال... "لن نموت من الجوع في بيوتنا"

26/01/2021 06:55AM

كتب مايز عبيد في "نداء الوطن": 

احتلّت مدينة طرابلس المشهد شمالاً في اليوم الأول على تمديد قرار الإقفال العام، فكان يوماً احتجاجياً بامتياز. ولم تهدأ التحركات احتجاجاً على الإقفال والتمديد له منذ يوم الجمعة الماضي وبشكل متفاوت، لكنها توسّعت أمس الإثنين.

الإحتجاجات هذه فجّرها قرار التمديد للإقفال من الخامس والعشرين من شهر كانون الثاني وحتى الثامن من شباط، في مدينة أغلب سكانها وأهلها من العمال المياومين ويعتاشون من عملهم اليومي سواء على بسطات القهوة أو الخضار أو في محلات البيع المتنوعة في الأسواق. ثوار طرابلس نزلوا ظهر أمس إلى ساحة عبد الحميد كرامي (النور) وقطعوا كل الطرق المؤدية إليها، وأشعلوا الإطارات ومستوعبات النفايات ورموها وسط الطريق، وانضمّ إليهم عدد من المتضرّرين من قرار الإقفال من أبناء المدينة. وشهدت أكثر من منطقة في طرابلس مسيرات عدّة لا سيما في منطقة القبة وشارع المئتين، تندّد بقرار الإقفال الجائر وبالسلطة التي تمارس سياسة التجويع ضدّ شعبها. وتميزت تلك المسيرات بمشاركة شبابية واسعة. ولم تخل الإحتجاجات لا سيما في ساحة النور من صدامات مع القوى الأمنية التي عمدت إلى ضرب أحد الثوار (ج.م) ما فاقم التصعيد.

وفي شرح لما حصل قال أحد ثوار ساحة النور لـ"نداء الوطن": "نزلنا إلى الساحة من دون كمامات، ليس لأننا ضد الوقاية أو السلامة العامة لكنّ الطريقة التي يتعاطون بها مع موضوع ""كورونا" رهنت كل شيء في هذا البلد لهذا المرض وكأن ليس هناك أي أمراض أخرى. فالمستشفيات لا تستقبل إلا مرضى "كورونا" والناس محجورون في بيوتهم من دون أكل بحجة "كورونا" .. نحن سنموت من الجوع بسبب حجر "كورونا"... ما يحصل حرام وكارثي ولن نقبل به بعد الآن تحت أي ذريعة وندعو كل أبناء المدينة إلى النزول إلى ساحات العزّ والكرامة لنرفض هذا التجويع، وهي ميتة وسنموتها، فلتكن بكرامتنا".

ويمكن القول عن حماوة مشهد الأمس ومواجهاته بأنّه الأكثر زخماً في احتجاجات ما بعد توقف الثورة وإزالة شعاراتها من ساحة النور، ما أعاد إلى الأذهان مشاهد ما بعد 17 تشرين 2019 في عروس الثورة (طرابلس). لكنّ الملاحظ في الإحتجاجات الأخيرة التي تشهدها طرابلس أنها صورة حقيقية عن وجع مدينة بأكملها، حاصرها الجوع والحرمان وتآكلها التهميش والنسيان. هذه المدينة التي لم تحترم لها السلطة في لبنان خصوصيتها في يوم من الأيام ولا في هذه الظروف كأفقر مدينة على ساحل المتوسط، ولكن تعاملت معها بفظاظة تامّة، وأنّ ما عليها وعلى أهلها إلا أن ينفّذوا القرارات مهما كانت تبعاتها الإقتصادية والإجتماعية والإنسانية على أبناء المدينة. ففي طرابلس التي يكتسحها الفقر وتتفشى البطالة بين شبابها، ثمّة آلاف العائلات تعتاش على الـ 20 ألف ليرة وأقلّ، فإذا حُرمت من مصدر دخلها تصبح معرّضة للموت والإنهيار.

وشهدت طرابلس أمس أيضاً وقفة أمام بلديتها، طالبت بالإسراع في تركيب وتشغيل المستشفى الميداني الذي خصّص للمدينة من الهبة القطرية ولم يتمّ تنفيذه حتّى الآن.

وتطرح الإحتجاجات اليومية المستمرة والمرشّحة للتصاعد بشكل أكبر وأوسع في الأيام المقبلة، إشكالية التعاطي مع قرار الإقفال العام في الأيام المقبلة، من دون تقديم البدائل المادية للعائلات التي تمكّنها من العيش والصمود في أقسى ظروف تمرّ بها المدينة. كما تؤشّر هذه الإحتجاجات إلى أنّ وتيرتها السلمية السابقة لا سيما بعد ثورة 17 تشرين لا بد أن تتغير من الطابع المهرجاني الإحتفالي إلى ثورة الغضب ولقمة العيش التي يُحرم الناس منها اليوم بسبب فرض حظر التجوّل والإقفال التام.


المصدر : نداء الوطن

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa