أين أخطأ "أنيس نصار"؟

24/11/2018 06:39AM

عندما قرأتُ التعلقيات المستنكرة من مناصرين قواتيين وأخرى تصطاد في الماء العكر للحديث التلفزيوني "المقتطع" خارح سياقه للنائب أنيس نصار عن كتلة "الجمهورية القوية", عدت لأنبش في مكتبتي تقريراً صحفياً مبنياً على شهادات عناصر سابقين في حزب الله. تلك الشهادات أدلى بها عددٌ من مقاتلين قدامى في الحزب ممن حاربوا في الـ1996 وعام 2000 في صفوف "المقاومة". هؤلاء نفسهم رفضوا القتال بسوريا وعارضوا انخراط الحزب في أتون تلك الحرب. هم نفسهم الذين رأوا أنّ التدخل بسوريا هو خيانة لـ"المقاومة" ولتحويل دماء "شهداء الوطن" ضد الاحتلال الإسرائيلي إلى ميليشيات غاصبة للشعب السوري. 


هذه الشهادات لقدامى الحزب فسّرت كثيراً حول التحوّلات في الأجندة أو متغيّرات وفق الظروف. "مقاومة" حيناً وذراع إيراني ميليشوي أحياناً. حملت "راية الوطنية" ضد الاحتلال في فترات وحملت راية "ولاية الفقيه" في أخرى.


لكنّ هذه الازدواجيّة رفضها كثيرون. عناصر من "قدامى حزب الله" قاتلوا فعلا وقلباً ضد الاحتلال الإسرائيلي دفاعاً عن لبنان! من سقطوا بوجه الاحتلال "شهداء" وأخوتنا في الوطن والوطنيّة. أمّا من كان من تحت الطاولة يوظّف تلك الحروب لأجندات مشبوهة هم الخائنون للشهداء أولاًّ. فقضية الدفاع عن لبنان قد يتاجر بها قادة ومنتفعون و"خبثاء" لكنّ كثيرين ممن قاتلوا الاحتلال الإسرائيلي لا شكّ في نوايا معظمهم ووطنيّتهم.


قضية الدفاع عن لبنان قد يتاجر بها قادة ومنتفعون وخبثاء


وهنا نعود إلى تصريح النائب أنيس نصار حين قال: "حزب الله لعب دورا في عملية فجر الجرود وحارب الإرهاب"، وأنّ "كل شهيد سقط لحزب الله دفاعا عن لبنان وأرض لبنان هو شهيد "القوات اللبنانية". وتابع:"أرض لبنان مسؤولية الجيش اللبناني، وحزب الله نفسه يقول هذا الكلام". وشدّد نصّار على "أننا نحن سنبني دولة".


وفي هذا التصريح الذي ينقله المقال هناك ما هو بين السطور. أخطأ أنيس نصّار بالحديث بين السّطور لأنّ السياسة هي فنّ تبسيط الأمور للمتلقّي. هذا الكلام بين السطور قلّة يقرأونه وكثرٌ يقتطعونه ويروّجونه لتوظيفه سياسياً. مخاطبة الشعب لا يمكن أن تكون بين السطور. وهنا أخطأ أنيس نصّار. أما في قوله إنّ "شهداء حزب الله هم شهداء القوات" فلم يخطئ لأنّ من سقط ضد الاحتلال السوري ومن سقط ضد الاحتلال الإسرائيلي يجمعهما "الدفاع عن لبنان" كأفراد ! لا كأجندات لاحقة!


ولكن... لم يخطئ أنيس نصّار حين يقول إنّ من سقط على أرض الوطن دفاعاً عن "القضية اللبنانية فقط لا غير هو "شهيد". فمن سقط بوجه الإسرائيلي يوماً (حتى عام ٢٠٠٠) وهو لا علم له بالأجندات الحقيقية، وظنّ أنه يدافع عن لبنان، هو "شهيد". ولكن!!! يبقى السؤال اليوم هل يدافع حزب الله عن القضية اللبنانية أم عن المشروع الإيراني؟ وهنا المفارقة. وحبّذا لو أعاد عناصر حزب الله حساباتهم وساءلوا قياداتهم حول نجاعة الارتهان لمشروع إيراني على حساب لبنان الذي لم يخذلهم أبناؤه حين كانوا "يدافعون" عن لبنان .. والدفاع عن لبنان ينطبق على عناصرهم وقد لا ينطبق على قيادتهم!

Image

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa