مانشيت "الجمهورية": التأليف من سياسة «الجزرة» الى «العصا».. والراعي: الحكومة ثمّ التدقيق الجنائي

12/04/2021 06:39AM

تدخل البلاد الى أسبوع جديد من دون حكومة، وكل أسبوع يكون أسوأ مما سبقه ليس فقط بسبب التردّي المالي المتواصل، والذي يُنذر بكوارث في حال تُركت الأوضاع بلا معالجة جذرية وفورية، إنما بسبب أيضاً وصول أصحاب الشأن في الداخل والخارج إلى اقتناع بأنّ الخروج من الفراغ بات يحتاج إلى قوة ما فوق بشرية، أي إلى معجزة، خصوصاً انّ كل وساطات الداخل اصطدمت بحائط رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، وكل وساطات الخارج لقيت المصير نفسه، وسرعان ما تبدّد التعويل على الحركة الديبلوماسية الأخيرة، مع فتح عون معركة التدقيق الجنائي، قبل ان ينهي وزير الخارجية المصري سامح شكري جولته، وقبل ان يبدأ الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي لقاءاته، وجاء الانطباع الذي خرج به كل من شكري وزكي سلبياً جداً، ومفاده انّ الاعتبارات الشخصية تطغى على المصلحة اللبنانية العامة، وسجّلا مخاوفهما مما ينتظر لبنان في حال عدم المبادرة إلى تأليف الحكومة.


في ظلّ التعثر والتعطيل الذي تواجهه المبادرات الداخلية الهادفة الى إنجاز الاستحقاق الحكومي، بدا على الخط الفرنسي انّ التعويل الوحيد في هذه المرحلة هو على العقوبات التي يتمّ التحضير لها على مستوى الاتحاد الأوروبي. إذ بعد فشل «سياسة الجزرة»، لم يبق سوى استخدام «سياسة العصا» علّها تفتح باب التأليف، في حال رُبطت العقوبات ومن ثمّ فكّها بتأليف الحكومة. ويبدو انّ الاتجاه لفرض هذه العقوبات جدّي لثلاثة أسباب أساسية:

 

ـ السبب الأول، يتعلّق بصورة الاتحاد الأوروبي عموماً، وفرنسا خصوصاً، ولن تسمح باريس بأن تُضرَب هيبتها وصورتها مثلما ضُرِبَت في لبنان، من خلال رفض تطبيق المبادرة الفرنسية التي تشكّل مصلحة لبنانية بالدرجة الأولى، كما لن تسمح بالتعامل مع مبادرات رئيسها وتخصيصه لبنان بزيارتين متتاليتين بهذه الخفة والاستلشاق.

 

- السبب الثاني، كون العقوبات ستشكّل المدخل الوحيد لتأليف الحكومة. فبعد توسُّل كل الوسائل وأساليب الضغط السياسية، لم يبق سوى العقوبات التي تعاملت معها بالتحذير أولاً قبل اللجوء إلى استخدامها على قاعدة «أُعذِرَ من أنذَر»، ويُخطئ كل من يعتقد انّها ستكتفي بالتهويل فقط لا غير.

 

- السبب الثالث، يرتبط بالرسالة التي أرادت توجيهها إلى الداخل اللبناني والخارج، وفحواها انّ كل من «يستوطي» حائط فرنسا او الاتحاد الأوروبي عليه ان يعيد النظر في سياساته من الآن فصاعداً.

 

وفي موازاة كل هذا المشهد، تبقى مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، التي أكثر ما ينطبق عليها المثل القائل «لا معلّق ولا مطلّق»، ولكنها الوحيدة المتبقية، وتشكّل مساحة مشتركة بين الجميع، ويمكن العودة إليها متى فُتحت أبواب التأليف، كونها القاعدة التي يمكن الانطلاق منها والاتفاق على أساسها. ولكن في الانتظار، ما زالت جسور التواصل بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف مقطوعة، والأسوأ انّ البلاد دخلت في سخونة سياسية تُضاف إلى السخونة الشعبية بسبب سوء الأوضاع المالية.

 

 

في هذه الأثناء، وعلى رغم الدعوات الدولية والمحلية الى تقديم ملف تأليف الحكومة على ما عداه من الملفات المطروحة على اكثر من مستوى، ظلّ الجمود يحكم حركة الرئيسين عون والحريري. إذ ساد صمت مستغرب في قصر بعبدا و«بيت الوسط»، ولم تُسجّل طوال عطلة نهاية الاسبوع اي اتصال يوحي بإمكان البحث في ملف التأليف، رغم النصائح التي حملها الموفدون العرب والأجانب للإسراع في تأليف الحكومة كأولوية تتقدّم على بقية الإستحقاقات المطروحة.

 

وتوافقت مصادر الطرفين، على انّ الوساطات الجارية لم تحقق اي خرق بعد في الجدار المسدود، وانّ التأليف بات استحقاقاً ثانوياً في ضوء حرب المصادر المفتوحة على نبش التاريخ في العلاقات بين «التيار الوطني الحر» من جهة وكل من «القوات اللبنانية» وتيار «المستقبل» وحركة «امل»، على خلفية الحديث عن «التدقيق الجنائي»، والرغبة في ان يكون اولوية على بقية الملفات، ولا سيما منها الملف الحكومي، وما أثاره من جدل عقيم بين هذه الاطراف.

 

 

وفي ظلّ المواقف التي اطلقها امس اكثر من مرجع روحي وسياسي وحزبي، وما حملته من مقارنات بين الحاجة الى الحكومة قبل التدقيق الجنائي او بعده، غرّد الرئيس عون مساء امس عبر صفحته على « تويتر»، فقال من دون ان يسمّي احداً ممن قصده: «الفاسدون يخشون التدقيق الجنائي، أما الأبرياء فيفرحون به».

 

 

وفي اطار الحركة الدولية في اتجاه لبنان، يصل وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل إلى بيروت بعد غد الاربعاء، للقاء المسؤولين اللبنانيين الكبار، في زيارة وصفت بأنّها الاخيرة له للبنان والمنطقة قبل ترك مركزه نهاية الشهر الجاري.

 

وإلى الملف الحكومي الذي لن يكون اساسياً، عُلم انّ الزيارة تتصل بإمكان احياء المفاوضات غير المباشرة في الناقورة في شأن ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، والصيغ المقترحة اميركياً، قبل تجميد المفاوضات، ولمواكبة مساعي تعديل المرسوم 6433 الخاص بحقوق لبنان.

 

 

وفي ظلّ التعطيل المستمر للتأليف الحكومي، اندلع سجال سياسي عنيف بين حزب «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر». فردّت «القوات» في بيان، على «الهيئة السياسية لـ«التيار» برئاسة النائب جبران باسيل، التي اتهمت الدكتور سمير جعجع بأنّه ساهم عام 90 في ضرب صلاحيات رئيس الجمهورية، فأكّدت «أنّ من ضرب الصلاحيات هو من دمّر المنطقة الحرة منذ اللحظة الأولى التي تسلّم فيها رئاسة الحكومة الانتقالية، فأشعل حروبه العبثية تارة بحجة التحرير، وطوراً من أجل الإلغاء، وفي الحالتين سعياً إلى رئاسة جمهورية كانت كلفتها إسقاط الجمهورية، ورئاسة الجمهورية، وتهجير عشرات آلاف المسيحيين واللبنانيين، وتدمير منطقة حرة كانت سيّجتها «القوات اللبنانية» بالشهداء، والنضال، والدماء الزكية على مدى 15 عاماً كاملاً فأسقطها العماد ميشال عون في 15 شهراً فقط». وأضافت: «من ضرب صلاحيات رئيس الجمهورية هو من دمّر المنطقة الحرة بحجة مواجهة الميليشيات، فيما هو أول حليف وأكبر مظلّل للميليشيا التي رفضت تسليم سلاحها بحجة المقاومة».

 

بدورها، ردّت اللجنة المركزية للإعلام في «التيار الوطني الحر»، على «القوات»، فقالت: «لن نزعج اللبنانيين ببيان ردّ على «القوات اللبنانية» من 11 بنداً، ولكن نقول قولًا واحداً عن السيد سمير جعجع: من مارس الاجرام أيام الحرب والاغتيال السياسي، أيام السلم لا يحق له الكلام بالأخلاق السياسية، ومن يمارس أعلى درجات الفساد السياسي بأخذ المال من الخارج (fundraising) لصرفه انتخابياً، وبذخ ما جباه من اللبنانيين على قصوره ورفاهيات حاشيته، لا يحق له الوعظ بالفساد. ما أقبح المجرم عندما يتكلم بالعفة».

 

وردّت «القوات»، على ردّ «التيار» فقالت: «انّ اتهام «القوات» بالفساد السياسي، هو اتهام باطل ومردود لأصحابه، لأنّه، حتى بشهادة أخصام «القوات»، فهو أنظف من مارس السياسة والشأن العام، وأما أنتم، فملاحقون بعقوبات مجتمعات العالم المتحضّرة بسبب فسادكم، بينما «القوات» كانت وما زالت مضرب مثل في ممارستها للشأن العام».

 

وتزامناً مع اشتعال «حرب البيانات والمصادر» بين «التيار» و«القوات»، ردّت مصادر كتلة «التنمية والتحرير» على ما سمّته «المزاعم التي تحاول جهة سياسية يعرفها اللبنانيون ويُعرف لونها»، قاصدة «التيار الحر» من دون ان تسمّيه، فقالت انّ هذه الجهة «تحترف في تضليل الرأي العام وتشويه الحقائق، ويعرف اللبنانيون ايضاً جهلها وتجاهلها لقراءة وفهم اللغة العربية أو بالأحرى احترافها فن التفريط بالثوابت الوطنية، وانعاشاً للذاكرة نوضح الحقائق التالية:

 

أولاً: إنّ إتفاق الإطار الذي أعلنه دولة الرئيس نبيه بري قد رسم القواعد العامة للتفاوض في ترسيم الحدود اللبنانية، لا سيما الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة، من دون الدخول أبداً في مسألة تحديد المساحة الجغرافية المنوي التفاوض عليها (لا مساحة 850 كلم ولا مساحة 2000 كلم )، وهذا الكلام تبلّغه الوفد اللبناني المفاوض مباشرة وصراحة من الرئيس نبيه بري، قبل ذهاب الوفد الى جولة التفاوض الاولى في الناقورة.

 

ثانياً: لم يصدر أي موقف عن كتلة التنمية والتحرير أو عن رئيسها أو عن اي من اعضائها، او عن حركة «امل» أو من قيادييها، بأنّهم ضد توقيع المرسوم الجديد، بل على العكس، فدولة الرئيس نبيه بري، عندما تمّت مراجعته بهذا الامر، كان كلامه واضحاً انّ هذه المسألة برمتها هي في عهدة السلطة التنفيذية، وتحديداً عند رئيس الجمهورية، وقد دعا الرئيس نبيه بري مراجعيه وقتها بالقول: «فليمارس كل واحد من موقعه صلاحياته في هذا المجال». فكتلة «التنمية والتحرير» وحركة «أمل» لم يكونا في يوم من الايام ضدّ توقيع هذا المرسوم، والكلام الوحيد الذي عبّرا عنه في هذا الاطار هو الآتي: المطلوب الحفاظ على المصلحة الوطنية العليا بما لا يؤثر على وحدة الموقف اللبناني ولا يفرّط بحقوق لبنان في ارضه وترابه ومياهه قيد أنملة.

 

ثالثاً: اما للجهة السياسية التي تروّج لمثل تلك الاضاليل وتجنّد لنشرها عبر مختلف وسائل الاعلام ووسائط التواصل الاجتماعي بعض الاقلام والكتبة بطريقة «غبّ الطلب» فنقول :»حدودنا وحقوقنا وسيادتنا قد رُسمّت بتضحيات الآلاف من الشهداء، لن نفرط بها تحت أي ظرف من الظروف، وموقفنا من هذه الثوابت ليس بحاجة لشهادة من أحد».

 

وختمت المصادر: «انّ اساليب تشويه الحقيقة لم تعد تنطلي على اللبنانيين من خلال اللجوء الى سياسة التعمية عن المشكلة الاساس ومسببيها. فكفى هروباً الى الأمام. عليكم ان تتحمّلوا التبعات الكاملة عن إفشال كل المحاولات الصادقة لتشكيل حكومة طال انتظار اللبنانيين لها. فأنتم المعرقلون لها تحت «جنح» ما يسمّى «الثلث المعطل».

 

 

وفي غضون ذلك، حفلت عطلة نهاية الاسبوع بجملة مواقف لقيادات روحية، انتقدت بشدة التأخير المتمادي في تأليف الحكومة، ومحذّرة من المخاطر التي تحيق بالبلاد من جراء الانهيار المالي والاقتصادي وانعكاسه الخطير على اوضاع البلاد.

 

وفي هذا الاطار، توجّه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي خلال قداس الاحد في بكركي، الى المسؤولين قائلاً: «ألّفوا حكومة واخجلوا من المجتمعين العربي والدولي ومن الزوار العرب والأجانب. ألّفوا حكومة وأريحوا ضمائركم». ورأى «أنّ جدّية طرح التدقيق الجنائي هي بشموليته المتوازية لا بانتقائيته المقصودة. وأصلاً، لا تدقيق جنائيا قبل تأليف حكومة». وشدّد على أنّه «حريّ بجميع المعنيين بموضوع الحكومة أن يكّفوا عن هذا التعطيل من خلال اختلاق أعراف ميثاقية واجتهادات دستورية وصلاحيات مجازية وشروط عبثية، وكل ذلك لتغطية العقدة الأم، وهي أنّ البعض قدّم لبنان رهينة في الصراع الإقليمي ـ الدولي. لا نريد العودة إلى أزمنة لبنان الرهينة والوطن البديل، في ما نحن على مسافة يومين من الذكرى السادسة والأربعين لاندلاع الحرب على لبنان».

 

وختم: «ما نخشاه هو أن يكون القصد من تعطيل تشكيل الحكومة هو الحؤول دون أن تأتي المساعدات لإنقاذ الشعب من الانهيار المالي. فالبعض يريد أن يزداد الوضع سوءاً لكي يفتقر الشعب أكثر ويجوع، فييأس أو يهاجر أو يخضع أو يقبل بأية تسوية، وتتمّ السيطرة عليه وعلى الدولة. أوقفوا إذلال الناس، أوقفوا المسّ بأموال المودعين من خلال السحب من الاحتياط. أوقفوا الهدر تحت ستار الدعم. ثقوا ايها المسؤولون، أنّ شعبنا لن يخضع، وان أجيالنا لن تيأس».

 

 

ومن جهته، مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان، قال في رسالة الى اللبنانيين لمناسبة حلول شهر رمضان المبارك الذي يبدأ غداً: «ليست في البلاد أزمة دستورية، بل البلاد ضحية الاستئثار والانهيار، والارتهان للمحاور، والتدمير المتعمّد للمؤسسات، والاعتداء على عيش المواطنين واستقرارهم وأمنهم». وتوجّه الى معرقلي تشكيل الحكومة، قائلاً: «كفاكم تعنتاً واستكباراً وتصلّباً وتزويراً وخرقاً للدستور. البلد في خطر داهم، ويعيش قمة الانقسام والتشرذم والفوضى، والسبب هو في تأخير ولادة الحكومة، وتعطيل المؤسسات الرسمية. أقلعوا عن أنانيتكم، وخدمة مصالحكم الشخصية. لبنان لم يعد يتحمّل مزيداً من الخراب والانهيار والدمار، وكل يوم تأخير في تأليف الحكومة، هو خسارة للوطن والمواطن. المطلوب تقديم التسهيل لا التعطيل، ولا وضع العقبات في طريق تشكيل الحكومة. هناك أياد خبيثة تعمل في الخفاء على عرقلة الجهود العربية الشقيقة المشكورة، وعلى إفشال المبادرة الفرنسية، وتحاول القيام بابتزاز سياسي لا مثيل له، لكل هؤلاء نقول: لا يا سادة، بالكيديات والعنتريات والحقد الدفين، وبث السموم، لا يُبنى لبنان، ولا يستقيم فيه الميزان، إلّا بالمحبة والتراحم والتعاون، والمحافظة على صلاحيات كل مؤسسة من مؤسسات الدولة. إيّاكم والغرور، فلن تنالوا مبتغاكم من تحقيق مآربكم، لأنّها تخالف المنطق والأصول».

 

وتوجّه دريان بنداء «الرجاء والاستغاثة والامل الى الاخوة العرب»، قائلاً: «تعوّدنا أن لا تنسونا في الشدائد، ونحن لنا ملء الثقة بكم، وبمؤازرتكم، ودعمكم، ومساعدتكم، فلا تتخلّوا عنا ولا تتركوا الشعب في ضياعه، كي لا يكون فريسة سهلة لمن يريد بلبنان واللبنانيين شراً».

 

 

ومن جهته، قال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، امس خلال قداس إلهي في مطرانية بيروت: «لا نسمع إلّا مسؤولين يدينون بعضهم بعضاً ويتبادلون الإتهامات». وسأل: «هل أصبحت المسؤولية إدانة للآخر بدلاً من العمل معه من أجل الخير العام؟». وأضاف: «جميعهم يتذمرون من الوضع ويشكون من الفساد، لكنهم يتهرّبون من التدقيق الجنائي ومن كل تدقيق ومحاسبة. تُرى هل يخشى البريء من المحاكمة؟». وقال: «الشعب موجوع، مريض، جائع، يائس، لذا عليه محاسبة كل مسؤول، وعدم الإنجرار وراء الزعماء بطريقة لا واعية». وتابع: «لقد كان لبنان واحة الشرق بجمال طبيعته، وجامعة الشرق التي يقصدها طالبو العلم والمعرفة من كل صوب، ومستشفى الشرق الذي يداوي محيطه. كان موئل الأحرار ومثال الإنفتاح والتنوع والحرية والديموقراطية. أين هو الآن؟ إنّه بلد مفلس، منهار، مظلم، فاسد، معزول عن العالم، (...) أصبحنا بلداً يدمن تفويت الفرص وتضييع الوقت. أصبحنا عاجزين حتى عن تأليف حكومة تتولّى زمام الأمور وتقوم بالإصلاحات الضرورية لضخ بعض الأوكسجين في رئتي البلد».

 

وفي اول خطوة لتنفيذ ما انتهى اليه الاتصال الهاتفي بين الرئيس ميشال عون ونظيره السوري بشار الأسد، يلتقي وزير الخارجية والمغتربين شربل وهبة غداً مع السفير السوري علي عبد الكريم علي للبحث في سلسلة من الملفات العالقة بين البلدين، وقد مضى وقت طويل على عدم انعقاد مثل هذا اللقاء.

 

وقالت مصادر اطلعت على حركة الإتصالات الأخيرة بين بيروت ودمشق لـ «الجمهورية»، انّ البحث سيتناول مجموعة من الملفات لا تقف عند موضوع ترسيم الحدود البحرية شمالاً، وما هو مقترح من آليات ستقود الى احياء الاتصالات، بعدما كُلّف رئيس الوفد اللبناني الى المفاوضات غير المباشرة مع الجانب الاسرائيلي في الناقورة العميد بسام ياسين، برئاسة الوفد الى اي مفاوضات مقبلة مع سوريا، للبحث في الخلاف الناشئ نتيجة توغل الجانب السوري في البلوكين 1 و2 النفطيين اللبنانيين في الشمال.

 

وعلمت «الجمهورية»، انّ جدول اعمال اللقاء يضمّ مجموعة من الملفات الأخرى، ومنها طلب لبنان إعادة النظر في مجموعة الرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضتها السلطات السورية على عبور شاحنات الترانزيت التي تحمل البضائع الى العراق والأردن ومنها الى دول الخليج العربي، والتي تجاوزت بأربعة او خمسة اضعاف تلك السابقة وتجاوزت الـ 5000 دولار اميركي احياناً، وهو ما يعوق تجارة الترانزيت ويسيء الى العلاقات التجارية المتبادلة بين البلدين وما بين بيروت وبغداد وعمان وغيرها من العواصم العربية والخليجية.

 

وفي الوقت الذي توقعت هذه المصادر ان يُصار الى تشكيل لجنة تعيد النظر في الرسوم المفروضة اذا تجاوب الجانب السوري، عُلم انّ البحث سيتناول ايضاً ملف اعمال التهريب الجارية على النقاط الحدودية الشرعية وغير الشرعية بين البلدين، ومنها تهريب المشتقات النفطية المدعومة والغاز والقمح والأدوية الى سوريا، مقابل تهريب البضائع الزراعية والمنتجات الصناعية السورية، تجنباً لتسديد الرسوم الجمركية في اتجاه لبنان، وسط الدعوة الى التشدّد من الجانبين. فلبنان لا يمكنه ان يتحمّل ثقل النزوح السوري في لبنان ونقل كميات من المواد المدعومة من لبنان الى سوريا في وقت يفتقدها الجانب اللبناني، فيدفع كلفتها اكثر من مرة من احتياطي المصرف المركزي ونسبة غلاء الأسعار نتيجة انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية.

 

وفي جانب من اللقاء، سيتناول البحث ملف النازحين السوريين والاستعدادات الجارية في موسكو لعقد مؤتمر دولي ثانٍ للنازحين، يخفف من ثقل النزوح الى لبنان واعادة النازحين الى المناطق الآمنة في سوريا، وهي التي اتسعت الى درجة يمكن ان تستوعب نسبة كبيرة منهم، مع الإستعداد للبحث في نقل المساعدات التي يتلقونها في بيروت لتصل اليهم في مناطق العودة.

 

 

وفي هذه الأجواء، انضمّ مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي الوزير السابق جهاد أزعور، الى مجموعة القيادات الدولية والأممية والدولية التي تناولت الوضع في لبنان خلال الفترة الاخيرة، فأكد انّ «لبنان لا يمكنه إخراج نفسه من أزمته الاقتصادية من دون حكومة جديدة وإطلاق إصلاحات متعثرة منذ فترة طويلة». واضاف: «انّ تغيير الاتجاه لا يمكن أن يتمّ على أساس مجزأ. إنّه يتطلب نهجاً شاملاً».

 

واشار الى انّ «الإصلاحات يجب أن تركّز على القطاع المالي والتمويل العام والحوكمة والفساد والمرافق الخاسرة التي ساهمت في زيادة الديون، وانّه في ظلّ غياب حكومة جديدة قادرة على قيادة هذا التحول، من الصعب جداً توقّع تحسذن الوضع في حدّ ذاته». وختم: «انّ حزمة الإصلاح هي نقطة البداية، ومن أجل ذلك تحتاج إلى حكومة جديدة».


المصدر : الجمهورية

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa