أزمة تواقيع بين الرئاستين.. فهل يحق لعون ما لا يحق لدياب، ومن المسؤول عن التعطيل؟

14/04/2021 02:18PM

كتبت هبة علّام في السياسة:

لم يلبث أن أنهى وزير الأشغال والنقل ميشال نجار الجدل الحاصل حول توقيعه على مرسوم تعديل الحدود البحرية (مشروع تعديل مرسوم 6433)، وتثبيت حق لبنان في مساحة إضافية. حتى ظهرت إشكالية جديدة تمثلت بإعادة رئاسة الجمهورية مرسوم التعديل الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء بعد أن وقع عليه رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، بحجة وجوب إجتماع الحكومة لاتخاذ القرار به قبل ارسالها الى رئيس الجمهورية ميشال عون.

لكن الوقت ضيق، ولا يحتمل المزيد من الاخذ والرد والتناتش بين الصلاحيات الرئاسية، على اعتبار أنه مرتبط ببدء العدو الإسرائيلي التنقيب عن الغاز في حزيران المقبل، في جزء من المساحة التي يضمّها التعديل إلى المنطقة اللبنانية.

وبالتالي يجب تثبيت الحق وإبلاغ الامم المتحدة حتى يتوقف التنقيب، لأنه بصدور المرسوم تصبح المنطقة المضافة متنازع عليها، فتمتنع بذلك الشركات عن البدء بالتنقيب.


وبعيدا عن السياسة، كيف يمكن قراءة مواقف الرئيسين عون ودياب دستوريا وإداريا؟

بداية، ولأن شمّاعة "حكومة تصريف الأعمال" يُعلّق عليها أي خلاف مرتبط بالمراسيم والقرارات المهمة، يجب الإنطلاق من المبدأ العام الذي أقرته المادة 64 من الدستور، والتي تشير الى أن الحكومة لا تمارس صلاحياتها عند استقالتها أو قبل نيلها الثقة إلا بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال، ما يعني أنه على الرغم من أن هذه المادة دعت الى تقييد صلاحيات الحكومة الا انها أبقت على الكثير منها لاسيما المهمة، وقد حددت مصطلح "الحكومة" للتأكيد على ممارسة الصلاحيات مجتمعة، الا ان الواقع اليوم غير ذلك، حيث أن الوزراء يصرّفون الاعمال منفردين. 

ما يعني أن الحكومة يمكنها أن تجتمع وتتخذ قرارات استثنائية على غرار مرسوم تعديل الحدود البحرية، الذي يعد من المواضيع الأساسية، وقد عددت المادة 65 من الدستور تلك المواضيع، وهي تحتاج لموافقة أغلبية الثلثين في الحكومة، ومن بين هذه القضايا: المعاهدات والإتفاقيات الدولية، التعبئة العامة، إعادة التقسيم الإداري، الموازنة...

وبما أن الاتفاقيات الدولية وإعادة التقسيم الإداري هي مصداق من مصاديق ترسيم الحدود الذي يندرج في إطار اعادة تقسيم إداري ويُوثَّق بدوره ضمن معاهدة دولية، وبالتالي فإن هذا المرسوم يستوجب اغلبية الثلثين.

وعليه، كان يجب على الحكومة أن تجتمع وتتخذ قرارها نظرا للطابع الإستثنائي المرتبط بأهمية تثبيت الحدود، فبحسب الإجتهاد الدستوري والإداري، الحالات التي تستوجب اجتماع الحكومة واتخاذ التدابير الإستثنائية هي التدابير التصرفية الإستثنائية التي ترتب خطرا ما على النظام أو الأمن أو المصلحة العامة في لبنان. 


أما بالنسبة للرئيس عون، فكان بإمكانه أن يوقع على المرسوم من دون إعادته الى مجلس الوزراء والطلب أن تتخذ الحكومة قرارها مجتمعة بحسب ما أوردنا أعلاه. على اعتبار أنه جرت العادة، حين تعذّر اجتماع الحكومة أن يوقع الوزير المختص على مشروع المرسوم، ثم رئيس الحكومة، ثم رئيس الجمهورية تحت عنوان "الموافقة الإستثنائية" ولو في ظل تصريف الأعمال.

والجدير بالذكر هنا، أن كثير من الموضوعات هي أقل أهمية من ترسيم الحدود جرى تمريرها تحت هذا العنوان. فحجة رئاسة الجمهورية بالمبدأ دستورية وصحيحة، ولكن لكل قاعدة استثناء، خصوصا عندما لا يكون التصرف القانوني جديد وإنما مكرر. 

وإذا كان رد عون مبني على قاعدة أن هذا المرسوم يحتاج لأغلبية الثلثين في الحكومة، فلماذا مُرّرت مراسيم التعبئة العامة التي تندرج ضمن المادة 65 تحت عنون الموافقة الإستثنائية، فيما يتم التذرع اليوم بصلاحيات الحكومة في مسألة على هذا القدر من الأهمية والسرعة؟


في خلاصة ما تقدم، كان على الرئيس دياب أن يدعو الحكومة الى اجتماع لتتخذ قرارها، لان المرسوم من ضمن التدابير التصرفية الإستثنائية، وإهماله يرتب ضررا على المصلحة العامة، بالمقابل كان على الرئيس عون أيضا أن يوقع على المرسوم طالما ان الحكومة يتعذّر اجتماعها مهما كانت الأسباب نظرا لضيق الوقت، وقبل الغوص في خلفيات تعذّر اجتماع الحكومة وما يدور حولها من ذرائع سياسية، التي قد تكون متعلقة بأسباب سياسية لا دستورية لدى دياب الذي يرد حساباته بعدما أسقطت حكومته. فيما يريد عون أن يعيد الطابة الى ملعب رئاسة الحكومة لاسيما وأنه من أشد الداعين الى تفعيل عملها مجتمعة، وبالتالي قد يكون هذا من قبيل الضغط على دياب، أو قد يكون ضغط على المعنيين بتشكيل الحكومة للإسراع بانجاز هذا الملف. 


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa