التيار و"الحزب" يتابعان تطوير ورقة التفاهم

20/05/2021 01:15PM

كتبت صفاء درويش في "السياسة": 

لم يكن التيار الوطني الحر منذ نشأته بعيدًا عن اللبنانيين جميعًا، فمع عودة العماد ميشال عون إلى لبنان عام 2005 فتح ذراعيه للجميع داعيًا إلى وحدة اللبنانيين خلف مشروع بناء الدولة. ما أبعد هؤلاء عنه هو مشروعه الإصلاحي الذي تحسّس الجميع بعده رقابهم، وهذا بيت القصيد.

مرّ الوقت وتمكّن التيار الوطني الحر بالفعل من اثبات مصداقيته عبر التقائه مع من كان يومًا ما في المقلب الآخر، حزب الله. 

حزب الله قبل الـ2005 كان النقطة الأبعد عن التيار. في الطرح كانت القوات اللبنانية وتيار المستقبل والحزب التقدمي الإشتراكي وقرنة شهوان ولقاء البريستول وحتى حركة أمل في نقطة أقرب من الحزب. أُرعب الجميع من طرح مكافحة الفساد فيما ذهب التيار والحزب حتى النهاية في توقيع ورقة التفاهم.

بعد سنوات عليها، ورغم نجاحها، هناك ما بات بحاجة لتطوير وربّما لتعديل. اليوم اجتمعت اللجنة التنفيذية المنبثقة عن الحزبين مع من الكوادر الحزبية لبحث آلية تعديل التنسيق في الأرضية المشتركة وذلك في اطار تطوير ورقة التفاهم، وهي باتت في عمق النقاش العملاني التنفيذي في هذا الإطار. هذا الإجتماع من ناحية الشكل والمضمون ومستوى المشاركة يُعد الأوّل من نوعه هذه الفترة، حيث يهدف إلى نقل التفاهم والتنسيق من الصف القيادي الأول إلى القيادات على الأرض.

فالتيار الذي يؤكّد على حق لبنان في حماية نفسه يركّز على نقطتين أساسيتين هي بناء الدولة من خلال مكافحة الفساد وتطوير النظام بما يوقف تعطيله.  

تؤمن قيادة التيار أن التيار والحزب منذ البدء كانا جسدان منفصلان، وسيبقيان، ولكنّ هذا التحالف لم يكن من عبث، بل إنّه جنّب لبنان الكثير من المساوئ والأخطار، ودفع بمشروعي الحزبين نحو مسارات متقدّمة. 

هنا، لا يجب أن يُحصر انفتاح التيار بعلاقته مع الحزب فقط لا عير. ففي ورقته السياسية يقول التيار الوطني الحر أن غاية التفاهم ليست ثنائية بل تهدف لاشراك الجميع فيه. من هنا، يمكن الكشف عن أن التنسيق السياسي مع تيار المستقبل كان بأوجّه وكان التياران يتّجهان بخطوة كبيرة نحو ترسيخ العلاقة بشكل كبير قبل 17 تشرين 2019، وقبل أيام من اجتماع كان سيحصل مع الوزير جبران باسيل لإطلاق عجلة هذا التنسيق تراجع المستقبل دون تبرير واضح أكان السبب محلي أم خارجي. هذا الأمر ينسحب على القوات اللبنانية التي عادت وخرجت هي نفسها من التفاهم مع التيار الوطني الحر.

بالعودة لما يحصل اليوم فإن أجواء التيار تجزم أن بقاء حزب الله في موقع المحايد لجهة المعركة تجاه الفساد والفاسدين في لبنان ساهم باحداث شرخٍ على المستوى الشعبي بات بحاجة لعلاج على مستويات عدة: على المستوى السياسي العام، على المستوى الاعلامي والخطابي، وعلى المستوى التشريعي التنفيذي. هذا العلاج المرجو لا يعني ان الحزبين لا يجتمعا على قضايا مشتركة، بل أن الإختلاف لا يُحوّل إلى خلاف نتيجة تغليب المصلحة الوطنية.

تحترم وتتفهم قيادة التيار كل ما يؤمن به الحزب على الاصعدة كافة انطلاقًا من احترام حق الإختلاف بين اللبنانيين، وهي سعت طوال السنوات الماضية لتكريس هذا المبدأ، فيما حصل تفلّت كبير على الصعيد الشعبي بين الجمهورين. يشعر التيار، بأن جمهور حزب الله دُفع في الفترة الاخيرة، متأثّرًا بجماهير قريبة من بيئته، نحو توجيه انتقادات لاذعة للتيار انطلاقًا من نقاط اختلاف طبيعية. العمل بعد تطوير ورقة التفاهم ينطلق من أساس ترسيخ فكرة أنهما بيئتين حليفتين ولكنها مختلفتين، وان هناك قضايا قد تكون اساسية لدى أحد منهما لا يتبنّاها الآخر، وهنا على الجمهور عدم الاندفاع نحو المواجهة، بل التقدير، وهذا بحاجة لجهد كبير على صعيد التثقيف السياسي والتوجيه الحزبي. 

على صعيد متصل، يجب العمل بجدية وسرعة للتركيز على نقاط الإتفاق المشتركة والقضايا الوطنية في سبيل التقريب بين اللبنانيين.

ما يفعله التيار اليوم يرسّخ نظرته للبنان، ويظهر بوضوح استقلاليته عن اي مشروع داخلي او خارجي، وان اجراء تفاهمات على أكثر من صعيد كان بوسعه نقل لبنان من ضفّة إلى ضفّة لتذليل الصعوبات في الحياة السياسية وتطوير النظام بما يليق بمستقبل اللبنانيين وآمالهم.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa