الأزمة الاقتصادية في لبنان تُنعش مهن الخياطة وإصلاح الأحذية

21/05/2021 06:31AM

كتبت بولا أسطيح في "الشرق الاوسط":

عادت المهن التي كانت على طريق الاندثار في السنوات الماضية إلى الحياة في لبنان، بتأثير مباشر من الأزمة المالية والاقتصادية التي تشهدها البلاد منذ نهاية عام 2019.

وبات عدد كبير من اللبنانيين يسعى لإصلاح سلع كانوا يستبدلونها من دون تفكير قبل سنوات، فإذا بهم اليوم يبحثون عمن يصلحها لهم ويجددها.

وتتكدس الملابس التي هي بحاجة أعمال خياطة لدى نهى عاد (55 عاما) والتي كانت قد نقلت أعمال الخياطة التي تتقنها من محل لم تعد قادرة على دفع إيجاره قبل 4 سنوات إلى منزلها حيث بات يقصدها عدد من الزبائن تقول إنه تضاعف قبل أشهر. وتشير عاد التي كانت تخصص فترة بعد الظهر لأعمال الخياطة إلى أنها باتت تضطر اليوم لبدء الأعمال بوقت أكبر فقد بات يقصدها من لم تكن تتوقع على الإطلاق أنه قد يلجأ لتصليح لملابسه، بحيث إنه كان يشتري ملابس جديدة كل شهر أو شهرين، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «مع تضخم أسعار الملابس بشكل غير مسبوق وبقاء الرواتب على ما هي عليه رغم انهيار سعر صرف الليرة بات القسم الأكبر من اللبنانيين غير قادر على شراء الملابس». وتقول عاد: «كثيرون يطلبون توسيع أو تضييق الملابس والبعض يريد رتي ملابس قديمة وهذه أعمال (أي الرتي) لم نكن نقوم بها إلا نادرا في السنوات الماضية».

وكما الملابس كذلك الاحذية، إذ يعمد قسم كبير من المواطنين لإصلاح أحذية قديمة ما أدى لانتعاش هذه المهنة. حتى أنه تم افتتاح محال جديدة لإصلاح الأحذية في أكثر من منطقة بعد ارتفاع الطلب على أعمال مماثلة.

ويشهد أحد محال بيع وتصليح الأدوات الإلكترونية في منطقة الجديدة شرق بيروت زحمة يوم الجمعة صباحا، حيث يصطف المواطنون بانتظار دورهم سواء لوضع أغراض جديدة للتصليح أو استعادة أغراض وضعوها قبل فترة. أحدهم يحمل مجففاً للشعر وآخر مروحة كهربائية. ويقول إيلي فخري (33 عاما) لـ«الشرق الأوسط» إنه منذ أشهر ازدهر عمله واضطر للاستعانة بشخص يساعده، لافتا إلى أن المواطنين يأتونه بمختلف أنواع الأغراض التي عادة ما كانوا يتخلون عنها مباشرة في حال تضررت ويشترون سلعا جديدة، «أما اليوم وباعتبار أن معظم هذه الأدوات مستوردة ومع انهيار سعر الصرف لم يعودوا قادرين على تحمل ثمنها الباهظ لذلك يعمدون إلى تصليحها، لذلك يصح معنا المثل القائل «مصائب قوم عند قوم فوائد!». ويشهد لبنان منذ عام ونصف العام أزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة، وشحّاً في السيولة بالدولار وتدهوراً قياسياً في قيمة العملة الوطنية. وحاليا يتخطّى سعر صرف الدولار في السوق السوداء 12 ألفاً و500 ليرة فيما لا تزال معظم رواتب الموظفين وفق سعر صرف 1500 ليرة ما أدى لتدهور الظروف الاجتماعية والاقتصادية وبات أكثر من 50 في المائة من اللبنانيين تحت خطّ الفقر في حين تخطّت نسبة التضخّم 140 في المائة في العام 2020، ويشير الخبير في الشركة «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى تراجع القدرة الشرائية بشكل كبير لدى الغالبية الساحقة من اللبنانيين، فبيع الأجهزة الكهربائية والمنزلية مثلا تراجع بنسبة 70 في المائة فيما تراجع بيع الألبسة والأحذية 80 في المائة، المواد الغذائية والاستهلاكية 35 في المائة، السيارات بنسبة 80 في المائة، المحروقات لا سيما البنزين بنسبة 25 في المائة، حركة المطاعم 50 في المائة وقد تم تسجيل تراجع كبير في حركة السفر.

من جهته، يوضح أستاذ السياسات والتخطيط في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور ناصر ياسين أن مؤشر أسعار الاستهلاك الذي يحدد تضخم الأسعار ارتفع عام 2020 بنسبة 146 في المائة وهو ارتفاع كبير جدا، وزيادة أسعار الملابس والأحذية بنسبة 559 في المائة، والمفروشات بنسبة 655 في المائة وذلك خلال عام واحد، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «كل ذلك مرتبط بانهيار سعر الليرة وبكون الأكثرية الساحقة من هذه السلع مستوردة». ويضيف «من دون أن ننسى أن دخل 42 في المائة من اللبنانيين لا يزال ما دون المليون و400 ألف ليرة ما يجعل من الصعب أو حتى المستحيل أن يواصلوا شراء سلع جديدة ما يحتم إقدامهم على إصلاح السلع الموجودة لديهم».


المصدر : الشرق الاوسط

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa