إنجاز الفلسطينيين ينعكس استقراراً في مخيمات لبنان

27/05/2021 07:31AM

كتب عمار نعمة في "اللواء":

عكس إيقاف الحكومة الاسرائيلية عدوانها على الشعب الفلسطيني، حتى اللحظة، قتلاً وتدميراً وتهجيراً، ما أفرزته الوقائع على الارض والتي لم تكن في حاجة أصلاً لكي يتم إثباتها بعد الفشل الاسرائيلي مرارا في السنوات الماضية، أو بالأحرى فشل بنيامين نتنياهو، في تغيير الوقائع على الأرض.

منذ البداية إتضح سوء التقدير الاسرائيلي مع محاولة تهجير المقدسيين في حي الشيخ جراح مرورا بالرد الحارق على الرسائل الفلسطينية الصاروخية ومنها التي وصلت أولا الى القدس نفسها، ثم في محاولة تطويق الحركة الاحتجاجية في أراضي فلسطين التاريخية للعام 1948 عبر محاولة قمع انتفاضة الفلسطينيين عن طريق المستوطنين، وليس انتهاءً بسياسة الارض المحروقة في غزة.

هو سوء تقدير مستمر ليس جديدا، وان كان البعض يشير الى ان نتنياهو قد أفاد من تصعيد الوضع لخدمة حراجة وضعه الداخلي بعد خروج رئاسة الحكومة من يده وخشيته من محاكمة قد تودي به وراء قضبان السجن، ومن يعلم قد تضع خاتمة لمستقبله السياسي.

وبغض النظر عما إذا كان نتنياهو قد تمكن من تعويم نفسه أو لا، وهو أصلا ادعى نصره كالعادة في المعركة على «الارهاب» وتوجيه ضربه له ولأنفاقه، الا ان عدم تمكنه من تحقيق المكاسب التي يريدها الاسرائيليون وأولها هيبة الردع العسكري والشعور بالحماية ما جلب عليه السخط الداخلي، سيضره أيضا ويصوره بمظهر المهزوم وسط تحفز لتصويب السهام عليه من قبل أخصامه، ناهيك عن التوتر في العلاقة مع راعيه الاميركي المفترض الذي بات تحت راية ادارة ديموقراطية مغايرة لسابقتها الجمهورية المتطرفة.

والحال انه لم يكن امام نتنياهو، الذي بدأت منذ لحظة وقف إطلاق النار متاعبه الداخلية وقد انتهت الحرب، المزيد من الخيارات التي تمكنه من تحقيق نقطة تحول في المعركة وهو بحث منذ الاسبوع الماضي عن مخرج مشرف له ينزله عن الشجرة ويخرجه من ورطته، حتى اختار انهاء العمليات الآن كون شعبه سيخسر كلما طال أمد الحرب.

ويلجأ اليوم الى الاقتصاص من ثورة فلسطينيي الخط الأخضر وهو لجأ الى إطلاق عنان عصابات إجرامية بعد استعماله المستوطنين قبل ذلك، ويستعمل مصطلحات جديدة وخطيرة مثل «تصفية الحسابات» و«بنك الاهداف» والتصويب على «عناصر إجرامية»، وهي مصطلحات تستعمل للمرة الاولى مع سكان البلاد.

على ان الفلسطينيين انجزوا الاهم في معركة كانوا هم من أعلنوا توقيتها، بعد قدرة الردع، عبر وحدة الشعب في الاراضي المحتلة لتشمل سكان أراضي العام 48 الذين غالبا ما سموا بـ«عرب 48»، والذين هبوا خارج اطار قياداتهم واتسموا بالشجاعة وبعنصر الشباب كما بالعنصر الوطني الجامع غير الديني. وفي موازاة ذلك تحركت الضفة الغربية ومعها حركة «فتح» والسلطة الفلسطينية في رسالة على ان القدس تشكل عاملا جامعا للفلسطينيين لا يمكن المس به.

كما ان العامل العربي والدولي ساعد في الضغط السياسي وشكل الحراك الشعبي المؤيد للفلسطينيين في الخارج واشتعال وسائل التواصل الاجتماعي، مؤازرة للقضية حتى بات نتنياهو يشعر بالحصار ليطلب تسوية أخرجتها القاهرة، التي اتخذت موقفا صلبا منه على رغم دقة علاقتها بحركة «حماس» في غزة وهي جزء من «الإخوان المسلمين» في العالم. 

وبانتصار الفلسطينيين في الداخل واستقرار الحال، يخرج المحور الداعم لهم في المنطقة أقوى في ظل مرحلة تُرسم إرهاصاتها ملامحها مع فترة هامة من فك الاشتباك انعكاسا لتقدم كبير في الحوار الاميركي الايراني حاول نتنياهو عرقلته من دون جدوى، الذي تمظهر في انفتاح بين الخليج وإيران في موازاة خرق يجب التوقف عنده في الملف السوري، بينما يبقى إخراج التسوية الحل في الملف اليمني التي ستتخذ وقتاً.

ولعل من مصلحة الجميع في المنطقة البناء على فك الاشتباك هذا والتحضير لحوار جديّ لتخطي ما حصل في السنوات القليلة الماضية حين كانت المنطقة تلتهب بالتوترات وبخرق لخطوط حمراء بدت عصيّة على التجاوز في السابق.

إنتظار مفاعيل 

الحوار الأميركي الإيراني

ولبنان معني بالتأكيد بكل ما يحصل. وهو سيفيد من الوحدة الفلسطينية في الداخل التي ستنعكس حتما على المخيمات على اراضيه استقرارا وجهدا موحدا في محاصرة الخلايا التي تريد العبث بالأمن الفلسطيني واللبناني المشترك، والتي تنتظر الفرصة لاستئناف تحركاتها ليس فقط في المخيمات بل أيضا خارجها.

وفي الايام الماضية، لم يكن لبنان معنيا بالتصعيد على حدوده الجنوبية باستثناء رسائل فلسطينية صاروخية صوتية أكثر منها فعالية، بينما راقبت السلطات الامنية والحزبية عن كثب التحركات الشعبية على الحدود مع الاراضي المحتلة والتي لم تخرج في شكل عام عن الاحتجاج الشعبي. 

في موازاة ذلك، فإن لبنان ينتظر مفاعيل حوار فيينا بين واشنطن وطهران ما سيتمظهر على صعيد تشكيل حكومته للخلاص من أزمته السياسية التي لم يعد لشعبه طاقة على تحملها. هناك من يعتبر ان الازمة الحكومية اللبنانية ليست بالتعقيد الذي يمنع حلّها من قبل الافرقاء المحليين وان الامر لا يتعدى الخلاف على مقاعد وزارية بعد ان تمت تسوية الباقي. لكن الانفراجات الدولية والاقليمية سيكون لها الدور الاساس في خرق الجمود الحالي المؤذي جدا في بلد يسير قدما نحو ازمة اجتماعية غير مسبوقة وربما نحو ما يعرف بـ«الفقر المدقع»، أي ببساطة عدم القدرة على التلبية المادية اليومية للحاجات الجسدية من الغذاء!


المصدر : اللواء

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa