الملازم بطل ولكن...

قبل يومين تناقل اللبنانيون مشهد الملازم اللبناني محمد قرياني وهو يبعد الأسلاك الشائكة عند الحدود متوثبا كالنمر وغاضبا كالعاصفة امام جنود اسرائيليين يحملون بدورهم السلاح ...

المشهد بلا شك جميل ومؤثر وإنا لفخورون ببطلنا من الجيش اللبناني إنما أيضا هذا المشهد يدمع العينين.

يدمع العينين لأن الملازم اللبناني الشاب رفض أن تخسر بلاده حفنة من التراب لأنه لم يقتنع في كينونته النفسية بمعادلة القوة العسكرية-التكنولوجية لصالح العدو الاسرائيلي ولا يريد ولا يعترف ان بلاده، وطنه وامته ليسوا بخير بل في اسوأ مرحلة زمنية في التاريخ  اجتماعيا، سياسيا، اقتصاديا، ومذهبيا .

حمل روحه على كفه مدافعا عن حياة يملؤها القهر والفقر والعوز والديون وسوء الامانة وتبعثرها الخيبات ،

 يدافع عن من؟

أعن ارض وهل يملك فيها ملازمنا مترا او  منزلا وكم يلزمه من سنوات ليسدد قرض الاسكان، المتوقف حاليا.

 يدافع عن من؟

أعن مدرسة مجانية او عن جامعة وطنية قادرة ان تستوعب كل طلاب لبنان ومن دون الحاجة للتزلف امام جامعات خاصة تنهب الناس؟ أعن مستشفى تعالجه ولا تلزم اهله بيع الغالي والرخيص لمعالجته؟

يدافع عن من؟

عن قصور لصوص وشركات ومصارف تحكم بلاده وتزرع الارض فسادا  بعد ان ملأتها ديونا هائلة واستباحة للاملاك العامة؟

الاسرائيلي اللعين كان هناك ويحمل ايضا سلاحه الا ان ذلك الجندي المحتل يعرف لماذا يدافع عن حدود بلاده، اذ أن دولته تؤمن لشعبه الرفاهية وتقدم له الضمانات ولا نعرف عن دولته اللئيمة الا محاربة الفساد واعتقالات لرؤساء بتهم متعددة من اهمها استخدام السلطة والفساد...

كيف يدافع المقهور بالروح عن بلاد  تظلمه وكيف تهون الحياة من اجل ان يبقى علم البلاد مرفرفا بكرامة فوق ربى الوطن.

كيف يكون العدو الحقير ارقى من بلادنا ولماذا نحن ورغم الفاجعة ما زلنا نهتف "كلنا للوطن".موازين القوة لصالح المحتل لكن معادلة الكرامات لصالح اهلنا. فوحده الكبرياء ووحدها الكرامة، وحدها المدرسة و الاخلاق، وحدها تربية الام الطاهرة تجعل من الملازم الفقير بطلا دائما ويبقى السؤال... لماذا امهات ومدارس لصوص الهيكل اللبناني لم يعتنوا  ولم يقدموا التربية الصالحة لأبنائهم حتى كبروا على النهب والدين والتبعية والطائفية ؟ولماذا تنقصهم المناقبيةوالكرامة؟ ولماذا لم نسمع لغاية اليوم بأن القضاء في بلدنا حاكم احدهم ؟

الجواب بسيط، ندافع عن التراب لأننا من تراب و لانه تراب الاجداد وسيبقى لنا وليس للدولة او للصوص دولة سيحاكمهم التاريخ إن فلتوا من عقاب اطفالنا...