عبد الغني طليس: أنا.. في المكتبة الوطنية الفرنسية!

16/07/2021 09:49AM

كتب الشاعر والصحافي عبد الغني طليس: 

خير المفاجآت ،تلك التي تحدُث ولم تكن أصلاً تفكّر بها أو تسعى إليها. هذا هو بالضبط ما حصل معي في إدخال ديواني "موسى الصدر يحاكم الزمن العربي"الى المكتبة الوطنية الفرنسية ،وعَرْضه لزوّارها، ومعروف أنها إحدى أكبر المكتبات الوطنية في أوروبا..

وأصدقائي الكثُر الذين يعرفون فرنسا أكثر مني،

وقصَدوا المكتبة لشؤون بحثية أدبية وعلمية في حياتهم، شرحوا لي قيمة ان يكون ديواني بين كتبها، فضلاً عن المعنى "الوطني" بأن شاعراً لبنانياً نال هذا التكريم.

لا أعرف عدد الدواوين الشعرية اللبنانية المعروضة في المكتبة الوطنية الفرنسية ،وأصدقائي قالوا إنها قلّة، وهذا ما دَفَعني الى التساؤل الذي يطرح إشكالية عميقة نعاني منها في لبنان:

أوَليسَ غريباً أنني أصدرت خلال عشر سنوات، أربعة دواوين، لم تحظَ من الصحافة الثقافية المحلية سوى بأخبار عابرة، بعيداً من أي موقف نقدي أو مقالة تقاربُ ما كتبت…حتى يجيء الاعتراف الجميل من المكتبة الوطنية الفرنسية؟ وإذا كان بعض المسؤولين عن الصفحات الثقافية اللبنانية (وهُم "زعامات" شِعر ونقد!) قد أعلنوا  لي شخصياً عدم قدرتهم على "التدخل" في الشّعر الكلاسيكي او الموزون المُقَفى لأنه يحتاج اختصاصيين به ،فماذا عن النقاد-الشعراء الذين يكتبون شِعر التفعيلة والقصائد العمودية أحيانا،وكانوا "يُسِرّون" لي بأن في شِعري كلاسيكية جديدة صياغةً وأفكاراً وصُوَراً ومعاني،لكنهم فعلياً "فضّلوا" تجاهل الدواوين الأربعة..ديواناً بعد ديوان؟

وهل في المكتبة الوطنية الفرنسية أشخاصاً أكثَر علْماً بالشعر العمودي واكثَر حرية في تحديد موقفهم مما يقرأون ..أم أن "الشّعطة" الأنانية عندنا  ،حتى لا أقولُ غير ذلك ،هي السبب؟

انا ،بكل جوارحي ،أشكر المكتبة الوطنية الفرنسية،وأعتبر أنها ،ككل المؤسسات الثقافية الغربية ،حين تعطي رأياً في أثر أدبي ،لا تخلط معه السياسة ،لأنّ ما تصوّرتُه من آراء عن الواقع العربي اليوم ،على لسان موسى الصدر في الديوان لا يلتقي أبداً مع "الخط"السياسي الفرنسي المعروف..وهذا بذاته يكشف ،في مكان آخر ،كيف خلَت الدواوين الشعرية اللبنانية التي يرغب أصحابها دائماً بالمشاركة في الجوائز العربية من أي إشارة إلى أي موقف "سياسي" قد تعارضه  الدولة التي وضَعَت الجائزة،حتى لا تُستبعد تلك الدواوين فوراً!

لم أكتب في ديواني"موسى الصدر يحاكم الزمن العربي" سياسةً ، بل طوّعتُ الموقف السياسي بالوجدان والروح الإنسانية

والتسامي الذي عُرف عن أفكار الصدر ،واللبنانيون الذين عاصروه يدركون أيّ شخصية وفكرٍ  ومقاربات، كان يملك .

أما القصائد الأخرى في الديوان ،فمحاولات اقتراب

حميم وعميق الى شخصيات كالإمام علي كعقل وفروسية، والمُتنبي كشاعر أبدي آمتدح من هم أدنى منه قيمة،وعاصي الرحباني كقلعة موسيقية شعرية مسرحية،أما الفصل الأخير فهو قصائد مناجاة ربانية وتأمُّل في الأديان والبشر والكون،بصفاء المؤمن الذي يقول : أنا عارفٌ رَبّاً يفوق تصوُّري / فلتُطلق الأديان بعضَ سراحي …

واذا جاءني "الترياق" المعنوي الطيّب من المكتبة الوطنية الفرنسية ،فإنني أطلب من أهل الإعلام الثقافي ان يكملوا التجاهل،حتى تكون دواوين أُخرى لي قد دَخَلَت المكتبة الفرنسية،حسب طَلَب مسؤولة المكتبة في اتصالها الهاتفي معي .

أما الذين احتفلوا معي بالخبر الفرنسي ،فأعرفهم وأحبهم ولم أتخيل موقفهم إلا كما كان.. حباً وكرامةً.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa