عودة الجدل حول "خانة الديانة" في مصر

29/08/2021 03:27PM

عادت قضية حذف خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي في مصر إلى الواجهة مرة أخرى، بعد رفع دعوى قضائية تطالب وزارة الداخلية بإلغاء هذه الخانة.

وأثارت هذه القضية جدلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر خلال الأيام الماضية، وأيدها الكثير من الفنانين مثل لقاء الخميسي وأحمد فهمي، إضافة لعدد من الكتاب والشخصيات العامة، حيث قال المطالبون بحذف خانة الديانة إن استمرارها يعتبر تمييزا عنصريا بين أبناء الوطن الواحد، وإن إلغائها دليل على مدنية الدولة.

بينما يرى المعارضون لفكرة حذفها أنها "محاولة لطمس الهوية الإسلامية للمجتمع المصري".

وأكدت الدعوى التي رفعها المحامي نجيب جبرائيل، رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، أمام محكمة القضاء الإداري، أن استمرار خانة الديانة في البطاقة "يسبب نوعا من المشكلات للمواطنين".

وأوضحت الدعوى أن بطاقة الرقم القومي تعد مرآة عامة لإثبات الشخصية وأصبحت وثيقة هامة في كل دول العالم، حيث تدون بها البيانات الشخصية وتسهل كثيراً من الأمور الحياتية مثل التعامل مع البنوك والمرور وغيرها.

وأشارت الدعوى إلى أن "استمرار وجود خانة الديانة ببطاقة الرقم القومي يظل أمرا غير مفهوم، خاصة وأننا في دولة شعبها متدين بطبعه وهذا سر تفرده وتفوقه، ومن ثم فإن وعي المرء وإدراكه وإيمانه بعقيدته لا يكون من خلال مجرد لفظ يكتب سواء بمسلم أو مسيحي ببطاقة الرقم القومي".

وذكرت الدعوى أن "بعض ضعاف النفوس يستبعدون بناء عليها بعض المواطنين من التعيين في الوظائف الكبرى، كما أن التضييق وصل إلى عقود الإيجار والتملك التي تؤثر على اتمامها في بعض الأحيان وجود تلك الخانة".

قال جبرائيل إنه رفع الدعوى لما تسببه هذه الخانة من مشاكل وفتن طائفية، مشيرا إلى أنها تسببت في إقصاء المسيحين من الكثير من الوظائف، على حد قوله. واتهم جبرائيل الأندية الرياضية في مصر برفض ضم رياضيين وأطفال إليها فقط لأنهم مسيحيون.

وذكر جبرائيل في تصريحات لموقع قناة "الحرة" أنه رفع قضية مشابهة في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك ولكن تم رفضها، ولكنه يرى أنه في عهد السيسي الجو مهيأ ليحدث ذلك ويتم إلغاء خانة الديانة.

بينما يرى أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، الدكتور عبد المنعم فؤاد، أن خانة الديانة في البطاقة تعبر عن هوية الشخص، مشيرا إلى أهميتها في الزواج والميراث لأن لكل دين شعائرها فيهما.

وأضاف فؤاد في تصريحات لموقع قناة "الحرة" أن المجتمع المصري "مسالم ومستقر، ومن يطالبون بحذف خانة الديانة لا يعرفون بطبيعة الشعب المصري".

وقال المشرف على أروقة جامع الأزهر إنه "لم نسمع أنه تم في مصر التفرقة بين أشخاص على أساس الدين بعد مشاهدة خانة الديانة في البطاقة"، وتساءل مستنكرا: "هل شاهدت ضابطا يغير معاملته بعد الإطلاع على خانة الديانة في البطاقة؟".

جاءت هذه الدعوى بعد أيام من تصريحات من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإحدى القنوات المحلية عن "العقيدة وفهم الدين". وقال السيسي: "كلنا اتولدنا المسلم وغير مسلم بالبطاقة والوراثة، لكن هل حد يعرف إنه يجب أن نعيد صياغة فهمنا للمعتقد الذي نسير عليه؟".

وأضاف السيسي: "كنا صغيرين مش عارفين.. لما كبرنا هل فكرت ولا خايف تفكر في المعتقد الذي تسير عليه صح ولا غلط؟ هل فكرت السير في مسيرة البحث عن المسار حتى الوصول إلى الحقيقية؟".

وذكر جبرائيل أن "تصريحات السيسي الأخيرة أثبتت أن العقيدة ليست بالبطاقة، وأشار إلى "أنه بعد تصريحات الرئيس الأخيرة أصبح يوجد قبول لهذه الفكرة"، وأن الكثير من المفكرين والفنانيين اتصلوا به وأعلنوا دعمهم لفكرة المطالبة بإلغاء خانة الديانة.

وليست هذه المرة الأولى التي يثار فيها هذا الموضوع في مصر منذ ثورة 25 يناير 2011، فقد رفض البرلمان مشروع قانون في عام 2018 لسن قانون ينص على حذف خانة الديانة من البطاقة.

وفي 2016، قررت جامعة القاهرة، إلغاء خانة الديانة كمتطلب فى كافة الشهادات والمستندات والأوراق التى تصدرها أو تتعامل بها الجامعة، ومن بينها شهادات تخرج الطلاب الأوراق والمستندات الخاصة بهم فى الجامعة، بحسب صحيفة "اليوم السابع".

ولا تعترف الحكومة المصرية في الأوراق الرسمية إلا بالديانة الإسلامية والمسيحية واليهودية فقط، وفي 2009 صدر حكم قضائي يسمح للبهائيين بوضع علامة "-" أمام خانة الديانة بعد ما كان يتم تسجيلهم كمسلمين رغما عن إرادتهم.

كما تثار قضايا وأزمات عند رغبة أي شخص تغير ديانته في الأوراق الرسمية بين الديانات الثلاث المٌعترف بها.

من جانبه، قال أستاذ الفقة المقارن بجامعة الأزهر الشريف، الدكتور أحمد كريمة، إن هذا قرار مؤسسي مجتمعي لا يتم اتخاذه بناء على رغبة شخص ما، بل لابد أن يصدر من وزارة الداخلية والمخابرات العامة لأن له أبعاد كثيرة، على حد قوله. 

وأكد كريمة في تصريحات لموقع قناة "الحرة" أنه في حالة اتخاذ مثل هذا القرار، سيتسبب مشاكل كثيرة خاصة فيما يتعلق بالزواج.

بينما يرى جبرائيل أن شهادة الميلاد تحتوي على خانة الديانة وتكفي لاستخدامها عند الزواج. وقال "البطاقة مجرد ورقة ولا تعبر عن العقيدة".

وأشار إلى أن "الحديث على أن هوية مصر إسلامية أو مصر دولة إسلامية هذا خطأ يجب أن التخلص منه فورا، لأنه يعبر عن دولة دينية وليس دولة مدنية".

بينما ذكر فؤاد أن من يطالبون بحذف الخانة يريدون استهداف هوية المجتمع واستقراره، وتساءل: "لماذا يتم إثارة سفاسف الأمور ويتم إزعاج المجتمع بها بدلا من الاهتمام بالصناعة والتقدم"، بحسب تعبيره. 


المصدر : الحرة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa