البرلمان الليبي يؤجل استجواب الحكومة

30/08/2021 05:12PM

تستضيف الجزائر، اجتماعا وزاريا لدول الجوار الليبي، لمساندة ليبيا في إنهاء أزمتها ودعم خارطة الطريق وإزالة العراقيل التي تعيق إجراء الانتخابات.

ويشارك في الاجتماع وزارء خارجية كل من ليبيا والجزائر ومصر وتونس والسودان ومالي وتشاد، بالإضافة إلى الاتحاد الأفريقي وممثل الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا يان كوبيتش.

وفي كلمتها في الاجتماع، قالت وزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، إن ليبيا لن تدخر جهدا في سبيل التعايش الإقليمي العالمي، وأكدت أن بلادها تطلع إلى بناء شراكة استراتيجية مع دول الجوار.

وأضافت: "نحن في عمل دؤوب لاستكمال مراحل توحيد المؤسسات الليبية"، وأشارت إلى أن "أكثر ما ينهك الدول التي تشهد أزمات هو التدخلات الهدامة من طرف دول أخرى".

وتابعت المنقوش: "التدخلات الخارجية في الشأن الليبي تناقض الأعراف الدولية"، ولفتت إلى أن قوى أجنبية تسعى لاستعمال ليبيا لإعادة رسم التوازنات. ودعت إلى تطبيق نتائج وتوصيات مؤتمري برلين الأول والثاني بشأن ليبيا، مؤكدة أن المرحلة الراهنة التي تمر بها ليبيا تقتضي تضامنا مطلقا.

بينما قال كوبيتش في كلمته إن مجلس النواب الليبي يقوم باستكمال القوانين الانتخابية لكن لم يتبقَ لنا الكثير من الوقت، مشيرا إلى أن جميع أطراف الأزمة الليبية يؤكدون تمسكهم بموعد الانتخابات في 24 ديسمبر المقبل.

وأضاف: "نأمل بإقرار القاعدة الدستورية في الأيام المقبلة لنتمكن من إجراء الانتخابات، وأكد أن حضور المراقبين الدوليين والإقليميين للانتخابات الليبية ضروري جدا".

وذكر أن إقرار الموازنة العامة التي مازالت عالقة في مجلس النواب مهم جدا لدعم جهود الحكومة، ولفت إلى أن استمرار وجود المرتزقة والقوات الأجنبية في ليبيا لا يزال مصدر قلق للمجتمع الدولي. وطالب دول جوار ليبيا العمل من أجل ضمان سحب المرتزقة والقوات الأجنبية

وتعليقا على هذا الاجتماع، يرى عضو ملتقى الحوار الوطني الليبي، أحمد الشركسي، أن هذه الجلسة هامة جدا، مؤكدا على ضرورة ان تدعم دول الجوار الليبي العملية السياسية، وتدعم تنفيذ خارطة الطريق.

على الجانب الآخر، لا يرى المحلل السياسي خالد السكران أهمية لمثل هذه اللقاءات في الفترة القادمة.

بينما قال المتحدث باسم مبادرة القوى الوطنية الليبية محمد شوبار إن "الملف الليبي تجاوز دول الجوار وكل الدول الإقليمية بإعتبار ليبيا تحت الفصل السابع، وهناك إشارة لبعض دول الجوار في قرارات مجلس الأمن الدولي بتدخلها السلبي في الملف الليبي".

وأضاف أن "مبادرة القوى الوطنية الليبية لاتري أى أهمية لمثل هذه الاجتماعات ومن الممكن أن تسبب مثل هذه الاجتماعات في هذا التوقيت تفاقما لحدة الصراع الداخلي".

وتزامن مع هذا الاجتماع في  الجزائر، جلسة للبرلمان الليبي في طبرق، شهدت تأجيل مناقشة سحب الثقة من الحكومة، بناء على طلب الأخيرة.

وتصاعد الخلاف بين حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ومجلس النواب في طبرق مما قد يهدد العملية السياسية، التي كان ينظر إليها على أنها أفضل فرصة لتحقيق السلام منذ سنوات.

وصل الخلاف بين الطرفين إلى حد طلب نحو 28 نائبا في البرلمان بسحب الثقة من الحكومة، وهو ما رفضه الدبيبة، قائلا في كلمة ألقاها إن فشل البرلمان في إقرار ميزانيته أعاق عمل الدولة.

كان مجلس النواب أعلن في 22 أغسطس، استدعاء الحكومة لجلسة استجواب. وعقد مجلس النواب الليبي، اليوم الاثنين، جلسة لاستجواب الحكومة، بالرغم من عدم حضور الدبيبة. لكن تم تأجيلها بناء على طلب الحكومة.

ونشرت الحكومة الليبية يوم الخميس، رسالة وجهها وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء إلى هيئة رئاسة مجلس النواب تطالبهم بتحديد المواضيع التي سيشملها الاستجواب لكي تتمكن الحكومة من تجهيز الردود. 

ويقول عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، إنه من الواضح أن الدبيبة كان ينوي عدم الحضور، خاصة بعد تراشقه بالكلمات مع رئيس المجلس وبعض أعضائه، واتهمهم أنهم يعدون وراء مصالحهم. وأضاف أنه حتى لو حضر سيتم سحب الثقة منه.

وذكر التكبالي في تصريحات لموقع "الحرة" أن المجلس لم يثر أي خلاف مع الحكومة بل مارس حقه في فحص الميزانية، مشيرا إلى أن الدبيبة رفض تغيير الميزانية أكثر من مرة.

واتهم الدبيبة بأنه يريد افتعال المشكلات مع البرلمان لعرقلة الانتخابات، على حد قوله، مضيفا: "نحن لم نفعل شيء للدبيبة. أراد السيطرة على البرلمان بالمال كما فعل مع الحكومة".

من جانبه، قال شوبار إن "استدعاء البرلمان للحكومة جاء بطلب مجموعة من أعضاء مجلس النواب المحسوبين على رئيسه، وذلك للضغط على الحكومة بهدف تقاسم الأموال والمناصب".

وذكر في تصريحات لموقع قناة "الحرة" أن الخلاف بين الحكومة ورئيس مجلس النواب بدأ منذ بداية تسمية الحكومة"، وأضاف "لاحظنا ذلك عند منح الثقة للحكومة والتي تم تسويتها بالمحاصصة الجهوية (التقسيم الجغرافي) المقيتة ولكنها بدأت تظهر من جديد بعد طرح مقترح قانون الميزانية وإعادة تسمية بعض المناصب المهمة خصوصا تلك المرتبطة بقطاع المال والسلك الدبلوماسي".

وتابع شوبار: "نحن نري اليوم بأم أعيننا جمودا تاما للعملية السياسية وتحشيدا عسكريا كبيرا في كافة أنحاء ليبيا ينذر باندلاع حرب ضروس قد تأتي على الأخضر واليابس، وهذا جعل المواطن الليبي متوجسا من القادم المحفوف بالمخاطر".

وتعد الموافقة على الميزانية هي نقطة الخلاف الرئيسية بين الطرفين. وقال الدبيبة إن أسباب مجلس النواب في شرق البلاد لرفض مقترحاته المتكررة للميزانية "غير حقيقية وواهية" وألقى باللوم على المجلس في عرقلة الانتخابات المقررة في ديسمبر .

وبعد 8 جلسات حول الميزانية لم تتم الموافقة عليها. وكانت الحكومة رفعت الموازنة العامة في 3 أغسطس من 96.235 مليار دينار ليبي (21.24 مليار دولار أميركي تقريبا) إلى 111.237 مليارا (24.5 مليار دولار تقريبا)، ثم عاودت تعديل القيمة في 16 من الشهر الجاري لتصل إلى 111.509 مليار.

بينما قال المحلل السياسي خالد السكران، إن البرلمان طوال فترة وجوده منذ أغسطس 2014 لم ينجح في إجراء جلسة استدعاء للحكومة أو حتى لوزير واحد أو اعتماد الميزانية.

وأضاف السكران في تصريحات لموقع قناة "الحرة" أن "وجود عقيلة صالح على رأس البرلمان منع تكافؤ الفرص، لأن لديه مصلحة في إفشال الحكومة، حيث كان منافسا للدبيبة في تصويت ملتقى الحوار الوطني، ويحاول عرقلة الحكومة".

وتابع: "من المستحيل أن تستجوب الحكومة وأنت لم توافق لها على الميزانية".

في الخامس من فبراير الماضي، انتخبت لجنة الحوار الوطني الليبية، المكونة من 75 شخصا، برعاية الأمم المتحدة، مجلس رئيسيا جديدا برئاسة محمد المنفي، وعبد الحميد دبيبة، رئيسا للحكومة، هدفهم الرئيسي هو تهيئة البلاد لإجراء الانتخابات في 24 ديسمبر القادم.

وفي 10 مارس، منح البرلمان حكومة الدبيبة الثقة بأغلبية 132 عضوا.

وفي الأسبوع الماضي، طالب 28  نائبا من مدينة برقة بسحب الثقة من الحكومة وتعين واحدة بدلا منها. وقالوا في بيانهم إن "الحكومة بعد مرور أكثر من ثلاث أرباع مدتها المكلفة بها من مجلس النواب والتي تنتهي في 24 ديسمبر لم تقدم أبسط الخدمات للمواطن ولم توحد مؤسسات الدولة".

وأضاف البيان: "أصبح رئيس الحكومة يتعامل مع أقاليم برقة بلغة العقاب والهزيمة وأصبح طرفا لصراع وليس نتاج لصراع ينبغي أن يتعامل مع الجميع دون استثناء بل أفرغت الحكومة برقة من كل ملامح الدولة وأصبحت حكومة طرابلس فقط".

وأوضح البيان أن "الحكومة لم تلتزم بخارطة الطريق التي منحنا بموجبها الثقة، وأصبحت حكومة فرقة وفتنة بدلا من أن تكون حكومة لجميع الأطراف لتصل بالانتخابات في موعودها".

وتابع: "ما يقوم به رئيس الحكومة من تصرفات وتصريحات وتكليفات غير مسؤولة ولا مقبولة بل يتحكم في صنعها أصحاب المال السياسي الفاسد لإرجاعنا إلى ما قبل المربع الأول".

من جانبه يرى الشركسي، أن طلب مجلس النواب عقد جلسة لمسائلة الحكومة يعني أن الحكومة لم تلتزم بخارطة الطريق. وأضاف أن طلب نواب إقليم برقة بسحب الثقة من الحكومة بسبب عدم إلتزام الحكومة بالخارطة أو تيسير الخدمات له، يعني انسحاب إقليم من الأقاليم الثلاث من الحوار مما يهدد العملية السياسية.

وأكد الشركسي في تصريحات لموقع قناة "الحرة" أن استجواب الحكومة وطلب سحب الثقة منها يعني أنها خرقت الاتفاق السياسي ولم تلتزم به، مشيرا إلى أن  الأزمة في ليبيا ليست قانونية أو دستورية بل أزمة سياسية.

وأشار إلى أن الحكومة ابتعدت عن خارطة الطريق ولم تجمع مؤسسات الدولة وانضمت لطرف على حساب الآخرين، وقال إنها "تحاول عرقة إجراء الانتخابات في موعدها".

بينما قال الدبيبة إن "مشكلة الانتخابات ليست لوجستية بل هي مشكلة تشريعية بحتة. نحن قدمنا برنامجا لتسهيل وتنفيذ العملية الانتخابية".

وطالب 44 عضوًا من ملتقى الحوار السياسي الليبي، الذي انتخب الحكومة، بعقد جلسة طارئة للملتقى "لمناقشة هذه التطورات وتصاعد الأزمة بين الحكومة والبرلمان، ولمعالجة الاختراقات الجسيمة في تنفيذ الخارطة والتطورات الخطيرة التي تمس وحدة البلاد واستقرارها وسلمها الأهلي"، وفقا لخطابهم إلى المبعوث الأممي يان كوبيش.

وذكر الأعضاء في خطابهم، أنه "استنادا إلى المادة الرابعة، الفقرات 6، 7، 9، من خارطة الطريق وضوابط عمل ملتقى الحوار وانعقاده الدوري والطارئ، نطلب عقد جلسة طارئة للملتقى لمعالجة الاختراقات الجسيمة في تنفيذ خارطة الطريق".

وأكد الشركسي أن تقدمهم بعقد جلسة طارئة للملتقى هو محاولة لإنقاذ العملية السياسية ولتلافي العودة إلى المربع صفر. وأضاف أنهم سيقومون بمراجعة العملية السياسية والآليات القادمة التي يجب اتخاذها في حال سحب الثقة من الحكومة.

وقال السكران إن الخلاف سيستمر بين الحكومة والبرلمان حتى يوم 24 ديسمبر عندما يعلن عقيلة صالح أن الحكومة الوطنية حكومة تصريف أعمال، وأضاف: "يوجد سيناريو لدعم وصول فتحي بشاغا لمنصب رئيس الحكومة، وهناك تحالفات جديدة خلال الأيام القادمة". لكنه استبعد عودة الصراع مع عدم وجود أطراف إقليمية أو دولية لهذه الحرب.

ومنذ 2011، ابتليت ليبيا بالفساد والاضطراب منذ الإطاحة بمعمر القذافي وقتله. ففي السنوات الأخيرة، انقسمت البلاد بين حكومة تدعمها الأمم المتحدة في العاصمة طرابلس، وسلطات متنافسة مقرها في طرابلس شرقي البلاد.

كان كل جانب مدعومًا من قبل الجماعات المسلحة والحكومات الأجنبية. وقدرت الأمم المتحدة في ديسمبر أن هناك ما لا يقل عن 20 ألف مقاتل ومرتزق أجنبي في ليبيا، بما في ذلك أتراك وسوريون وروس وسودانيون وتشاديون.


المصدر : الحرة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa