جفاف غير مسبوق يهدد أميركا الجنوبية

أفاد تقرير حديث أن الجفاف يهدد عدة دول بأميركا الجنوبية، ويؤثر على حياة الناس وعلى اقتصاد هذه الدول، ويعود ذلك لعدة أسباب مثل التغير المناخي و"إزالة الغابات" في الأمازون.

وتحدث التقرير الذي نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، عن أنه في معظم السنوات، عندما تكون الأمطار طبيعية، تمر كمية تقدر بـ"4 مسابح أولمبية" من الماء كل ثانية عبر سد إيتايبو العملاق، وهذا السد يساهم بإنتاج الكهرباء لكل من باراغواي والبرازيل، ويسمح للسفن بتصدير الحبوب إلى أماكن بعيدة مثل الصين عبر نهر بارانا.

ولكن منذ عام 2019، انخفضت مستويات هطول الأمطار بشكل حاد، ليس في هذه المنطقة فقط، ولكن في معظم أنحاء أميركا الجنوبية، وأصبحت مساحات شاسعة تعاني من الجفاف.

وتعثرت عشرات السدود الكهرومائية في البرازيل، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة هناك. وتعرض النقل النهري لفول الصويا إلى إعاقة شديدة بـ "مركز الحبوب" في روزاريو بالأرجنتين.

لكن باراغواي، وهي دولة غير ساحلية يبلغ عدد سكانها سبعة ملايين نسمة، وتعتمد على نهرين كبيرين، كانت الأكثر تضررا، كما يقول مسؤولون حكوميون وعلماء مناخ ورجال أعمال يعتمدون على الممرات المائية. ويحدث موسم الجفاف سنويا، لكن هذه المنطقة لم تعاني من جفاف بهذا القدر منذ الأربعينيات، كما يقولون.

وتتأثر هذه الدولة، التي تقارب مساحتها مساحة ولاية كاليفورنيا الأميركية، بسبب الجفاف، وتعاني حقول الحبوب ومراعي الماشية وبساتين الفاكهة من المشاكل، لأنها تعتمد على نهري بارانا وباراغواي.

وتوفر الأنهار مياه الشرب للمدن، وتعمل كشرايين حياة تربط باراغواي بالعالم الخارجي، عبر صادرات زراعية واستيراد للوقود والآلات والمواد الكيماوية والأسمدة.

وفي سد إيتايبو على نهر بارانا، انخفض تدفق المياه منذ عام 2019 بأكثر من 30٪. ومن المتوقع أن تنخفض إيرادات باراغواي من السد بنسبة 40٪ هذا العام لتصل إلى 365 مليون دولار، أي 2.8٪ من ميزانية الحكومة، ونحو نصف ما كانت عليه في عام 2016.

وهذا العام، من المتوقع أن يتم تشغيل السد - الذي تديره البرازيل وباراغواي بشكل مشترك - لتوليد 65000 غيغاواط / ساعة، انخفاضا من الرقم القياسي البالغ 103000 غيغاواط / ساعة في عام 2016. وتسبب الانخفاض في إجهاد شبكة الطاقة في البرازيل، التي تعتمد على إيتايبو في 11٪ من طاقتها.

ويقول بعض علماء المناخ إن الأدلة تظهر على ما يبدو أن إزالة الغابات في أكبر غابة مطيرة في العالم (الأمازون) تعمل على تغيير أنماط الطقس، حيث يزداد موسم الجفاف حرارة وجفافا وتنخفض مستويات الأمطار عن المعدل الطبيعي في موسم الأمطار، وتغير المناخ يؤدي إلى موجات جفاف أطول وأكثر جفافا.

وفي العام الماضي شهدت مناطق كاملة في الأرجنتين والباراغواي وبوليفيا وجنوب البرازيل حرائق مدمرة، أتت على غابات وأراض رطبة ذات تنوع بيولوجي استثنائي، جراء الجفاف التاريخي الذي يضربها. ويتفق مراقبون على أن خطورة الحرائق في العام 2020 كانت استثنائية.

وأفادت الباحثة في السياسات البيئية في جامعة سان مارتان الوطنية إليزابيث موهله بأن الحرائق عام 2020، كانت أكثر بكثير مما كانت عليه في السنوات السابقة، مشيرة إلى أنها ازدادت في الأرجنتين على سبيل المثال، بحوالي 170 في المئة، وهذا أمر خطير جدا.

ولاحظت أن هذه الحرائق اندلعت خلال عام تضاعفت فيه الحرائق الضخمة في الأمازون وأستراليا وكاليفورنيا، والآن في غران تشاكو، وهي منطقة الغابات الثانية من حيث الحجم في أميركا الجنوبية بعد الأمازون.

والسبب في ذلك يعود في المقام الأول إلى أشهر طويلة من جفاف غير مسبوق، فمنطقة بانتانال، كبرى الأراضي الرطبة في العالم بين البرازيل والباراغواي وبوليفيا، لم تشهد موجة جفاف مماثلة منذ 47 عاما.

أما مستوى نهر بارانا، أحد أقوى الأنهار تدفقا على الكوكب والذي ينبع من  البرازيل ويصب في نهر ريو دي لا بلاتا، فلم يكن بهذا الانخفاض منذ العام 1970.

وفي روزاريو شرق الأرجنتين، كان مستواه في أغسطس من العام الماضي 80 سنتيمترا فحسب، مقارنة بثلاثة إلى أربعة أمتار عادة في هذا الوقت من العام، والأمر نفسه بالنسبة إلى نهر باراغواي، مع انخفاض لم يشهده منذ نصف قرن في أسونسيون، وفقا للمديرية الوطنية للأرصاد الجوية.

المصدر : الحرة