سعي أميركي لمحاربة "الإسلاموفوبيا".. إجراء "رمزي" أم "خطة لها أنياب"؟

16/12/2021 07:11AM

اعتبر مراقبون أن مشروع القانون الذي أصدره مجلس النواب الأميركي لمحاربة ظاهرة "الإسلاموفوبيا" تعتبر خطوة جيدة ستعزز الجهود الأميركية لمحاربة التمييز ضد المسلمين في العالم كما ستبعث برسالة للمسلمين في الداخل وبين المسؤولين المنتخبين بعد حوادث تمييز ضد أعضاء في الكونغرس مؤخرا.

وقال مدير مؤسسة "عرب أميركا" ديفيد وورن، لموقع "الحرة" إنه يعتقد أن المشروع الذي تمت الموافقة عليه بأغلبية 219-212 يبعث برسالة مفادها "أننا بحاجة إلى تثقيفنا وإعطاء صورة أكثر دقة عن المسلمين".

ويطلب المشروع "من وزارة الخارجية الأميركية إنشاء بعثة خاصة لرصد ومكافحة الإسلاموفوبيا وإدراج العنف الذي ترعاه الدول ضد الإسلام والإفلات من العقاب في تقارير حقوق الإنسان السنوية للوزارة".

ويقول إن تعيين مبعوث خاص سوف "يساعد صانعي السياسة على فهم أفضل للمشكلة العالمية المترابطة المتمثلة في التعصب الأعمى ضد المسلمين" وسيؤسس "لاستراتيجية شاملة لتأسيس قيادة أميركية في مكافحة الإسلاموفوبيا في جميع أنحاء العالم".

وقالت عضوة المجلس الديمقراطية، جان شاكوسكي، في بيان: "يعد إنشاء بعثة خاصة لرصد الإسلاموفوبيا ومكافحته الخطوة الأولى لضمان تخصيص الولايات المتحدة الموارد اللازمة لحماية حقوق الإنسان والحرية الدينية والثقافية في جميع أنحاء العالم".

وأضافت: " يجب علينا أيضا أن ننظر إلى الداخل كأمة وأن نتصدى لهذه الكراهية في الداخل، بما في ذلك في قاعات الكونغرس".

ولا يزال مشروع القانون بحاجة إلى تمريره في مجلس الشيوخ قبل أن يذهب إلى مكتب الرئيس جو بايدن ليتم التوقيع عليه ليصبح قانونا نافذا. وقالت إدارة بايدن في بيان إنها تؤيد هذا التشريع لأن "الحرية الدينية هي حق أساسي من حقوق الإنسان".

وفي تصريحات لقناة "الحرة" اعتبر روبرت مكاو، مدير دائرة الشؤون الحكومية في مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير)، تمرير المشروع "إنجازا تاريخيا للمسلمين ومجلس النواب"، مضيفا: "سيكون هناك أول مبعوث لمحاربة الإسلاموفوبيا في الخارجية وسيتم الإبلاغ عن الظاهرة في التقارير عن الحريات الدينية".

وقال المدير التنفيذي لـ"كير" نهاد عوض، في تصريح لموقع "الحرة" إنه "حدث تاريخي هام للمسلمين في الولايات المتحدة وحول العالم، لأنه سيكون فرصة للولايات المتحدة للتعبير عن احترامها لحرية الأديان وحمايتها حول العالم، لاسيما أنها الدولة الأقوى ولها تاريخ في التدخل للدفاع عن الحريات الدينية ضد النازية والفاشية".

ويقول ديفيد لموقع "الحرة "إن الظاهرة "لم تقتصر فقط في الولايات المتحدة على المسلمين العاديين بسبب تنميطهم ولكن حتى المسؤولين المنتخبين".

الجدير بالذكر أن التصويت جاء بعد أن واجهت رئيسة مجلس النواب الديمقراطية، نانسي بيلوسي، ضغوطا متزايدة من أعضاء حزبها لاتخاذ إجراءات ضد النائبة الجمهورية، لورين بوبرت، بعد تعليقاتها المعادية للمسلمين ووصفها النائبة المسلمة، إلهان عمر، بأنها عضوة في "فرقة جهاد".

وتوقف النقاش حول مشروع القانون في وقت سابق، الثلاثاء، بعد أن أشار النائب الجمهوري، سكوت بيري، إلى عمر باعتبارها معادية للسامية وأشار ضمنيا إلى أن لديها صلات بمنظمات إرهابية.

ويقول ديفيد إن المسلمين والعرب "هم من أكثر المجموعات تعرضا للتمييز ويتم التشهير بهم، ومع الخطاب المعادي ضد عضوة مسلمة في الكونغرس يبدو أن الوضع لم يتحسن".

وشهدت الولايات المتحدة، وفق تقرير لـ"كير"، أكثر من 500 بلاغ بوقائع كراهية وتحيز ضد المسلمين، وقال المجلس في دراسة إن 69 في المئة من المشاركين قالوا إنهم قد تعرضوا شخصيا للتعصب أو التمييز ضد المسلمين منذ 11 سبتمبر 2001.

وارتفعت جرائم الكراهية ضد المسلمين بنسبة 1617 في المئة من عام 2000 إلى عام 2001، وفقا لمكتب التحقيقات الفيدرالي، وهو ما يمثل بعضا من أعلى معدلات جرائم الكراهية ضد الإسلام في الولايات المتحدة على الإطلاق، وفق تقرير لموقع "أن بي سي".

ولكن حتى مع مرور الوقت منذ تلك الهجمات، وزيادة عدد السكان المسلمين الأميركيين، لم يتضاءل التمييز ضد هذه الجالية، وفقا تقرير لمركز بيو للأبحاث.

ويشير مكاو في تصريحاته للحرة إلى أن مشروع القانون واجه انقسامات شديدة بين أعضاء المجلس حول تعريف الإسلاموفوبيا، خاصة من قبل الأعضاء الجمهوريين.

وقال ريان وليامز مؤسسة "تارغيتيد فيكترو" للحرة، الذي توقع رفض مجلس الشيوخ للمشروع بسبب معارضة النواب الجمهوريين له، إن بعض هؤلاء النواب "يتفقون روحيا معه، لكن لديهم قلق بشأن حرية التعبير". وقال إن التصويت كان "شديد الحزبية، وإن هناك نوابا هم أنفسهم اتهموا بالإسلاموفوبيا".

ويلفت مكاو إلى أن المشروع ينصب على محاربة الظاهرة خارج الولايات المتحدة، لكن هذا أيضا لا يمنع أنه سيعطي فرصة للمسلمين في الداخل للتفكير بالظاهرة.

أميركا تقود الجهود العالمية

ويشير الكونغرس الأميركي في تقرير حول مشروع القانون إلى "الارتفاع المذهل في حوادث العنف ضد الإسلاموفوبيا في جميع أنحاء العالم، سواء الفظائع التي ترتكب ضد الأيغور في الصين والروهينغا في بورما (ميانمار)، والقمع ضد السكان المسلمين في الهند وسريلانكا، واللاجئين المسلمين وغيرهم من المسلمين في المجر وبولندا، وأعمال العنف العنصرية ضد المسلمين في نيوزيلندا وكندا، أو استهداف الأقليات المسلمة في البلدان ذات الأغلبية المسلمة مثل باكستان والبحرين وإيران".

ويشير عوض في تصريحه لموقع الحرة إلى أن "الظاهرة دولية وتتعدى الحدود والمجتمعات ولابد من اتخاذ إجراء جدي من الباب الأخلاقي ومن زاوية السلم المجتمعي الذي بات الآن مهددا بسبب هذه الممارسات".

ويقول مكاو : "الآن حان الوقت للولايات المتحدة كي تلعب كورا قياديا، والقول إن المسلمين في العالم لهم حرية ممارسة الدين وإذا لم يمارسوها فهم يخضعون للتقييد". وأضاف: "نأمل من حلفائنا أن يتخذوا موقفا أيضا مثل الولايات المتحدة من محاربة الظاهرة".

ويؤكد ديفيد على ضرورة أن تتمتع الولايات المتحدة "بالمصداقية" في تعاملها مع التقارير التي سيصدرها المبعوث عن حلفائها بشأن الظاهرة.

وعما إذا كان التشريع يكتسب رمزية أكثر من كونه سيحدث فرقا، قال عوض الذي كانت مؤسسته ضمن المؤسسات الداعمة للمشروع: "لو كان رمزيا ما دعمناه"، مشيرا إلى أن الإدارة يمكن أن "تسترشد به لوضع شروط للمساعدات العسكرية والاقتصادية وإطلاق حملات التوعية وغيرها".

ويرى مكاو أن المشروع "ليس رمزيا ولكن له أنياب تتمثل في قيام الحكومة بالإبلاغ عن الممارسات وإعطاء وصف دقيق لها. المبعوث سوف يتحدث حتى عن الحلفاء ممن لديهم خطاب الإسلاموفوبيا". 

ويضيف "لو رأينا الإسلاموفوبيا في الصين نستطيع أن نلاحقها ونصفها بأنها إبادة. لو عرفنا أن هناك أي مسؤولين منتخبين معادين للمسلمين، نستطيع منع تأشيرات عنهم. نستطيع تخصيص مساعدات أيضا".

وكانت وزارة الخارجية الأميركية قالت في بيان سابق إنها "قادت العالم في محاسبة مرتكبي أبشع انتهاكات حقوق الإنسان، من محاكمات نورمبرغ، إلى إنشاء اتفاقية الإبادة الجماعية في عام 1948، إلى إعلان الإبادة الجماعية الأخيرة لداعش ضد الأيزيديين والمسيحيين والأقليات الدينية الأخرى في العراق وسوريا".

ولفت التقرير الأخير للحريات الدينية إلى العديد من حالات استهداف المسلمين، مثل أقلية الأيغور التي وردت تقارير بشأن تعرض أفرادها للوفاة في الاحتجاز، والتعذيب والاعتداء الجسدي نفذتها الحكومة الصينية.


المصدر : الحرة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa