ملفات شائكة وبحث عن "مخرج لإنقاذ" القمة العربية

24/01/2022 03:58PM

في زيارة هي الأولى من نوعها منذ أكثر من عقدين، يلتقي الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، نظيره المصري، عبد الفتاح السيسي، في القاهرة، بعد يومين من أنباء تأجيل القمة الدورية السنوية لجامعة الدول العربية على مستوى القادة والتي كان مقررا انعقادها في 22 مارس بالجزائر.

وقال زكي، في تصريحات متلفزة للإعلام نقلتها فرانس برس، إنه "بالتشاور مع دولة الاستضافة، وهي الجزائر، كان لديهم تفضيل أيضاً لتأجيل القمة".

وقالت رئاسة الجمهورية الجزائرية، في بيان، إن تبون "يشرع في زيارة عمل وأخوة إلى جمهورية مصر العربية الشقيقة، تدوم يومين، ابتداء من الإثنين".

وفي وقت ربط تأجيل القمة العربية بجائحة فيروس كورونا، ألمح مراقبون إلى أن "أسبابا سياسية" قد تكون وراء ذلك، وهو ما أكد عليه خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أحمد سيد أحمد، في حديث لموقع "الحرة". 

واعتبر أحمد أن "زيارة تبون تأتي في توقيت مهم وتحديات كبيرة تواجه المنطقة العربية وملفات كثيرة سيتم مناقشتها"، مشيرا إلى أن "زيارة وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، للقاهرة مهدت للاجتماع المرتقب مع الرئيس المصري".

وفي  يناير الجاري، اجتمع السيسي بلعمامرة، وتباحثا العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات، ونقل رغبة تبون بتعزيز التنسيق والتشاور مع الرئيس المصري خلال الفترة المقبلة لمواجهة التحديات المتعددة الأشكال التي تواجهها المنطقة والأمة العربية"، بحسب صحيفة اليوم السابع المصرية. 

من جهته، يؤكد المحلل السياسي الجزائري، توفيق بوقعدة، في تصريحات لموقع "الحرة"، أن "لقمة الجامعة العربية نصيبها من هذه الزيارة المهمة، نظرا لما تملكه مصر من إمكانات لتقريب وجهات النظر المختلفة بين القادة العرب، حيث هناك مساع لتعطيل انعقاد القمة".

وأوضح بوقعدة أن "عدم تحديد موعد واضح لانعقاد القمة خير دليل على أنه لا يزال هناك جهات تعمل لعدم انعقادها  وعرقلة عودة سوريا إليها".

وفي نوفمبر 2021، شدد تبون، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، على أن "سوريا من المفروض أن تكون حاضرة في قمة جامعة الدول العربية".

وتابع: "نحن عندما ننظم قمة عربية نريد أن تكون جامعة وانطلاقة للم شمل العالم العربي الممزق"، وذلك بعد انقطاع دام عشر سنوات لسوريا عن اجتماعات جامعة الدول العربية.

وعلق وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقدوه في القاهرة أواخر نوفمبر 2011، عضوية سوريا في الجامعة العربية، إثر اندلاع الأزمة في البلاد، علما أن الجزائر كانت من المتحفظين على قرار تجميد عضوية سوريا.

وفي الشهر نفسه، قال لعمامرة: "آن الأوان لعودة سوريا إلى الجامعة العربية ومقعدها في الجامعة يجب أن يعود إليها".

واعتبر لعمامرة أن "تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية لم يسهم في حل الأزمة في سوريا، ونحن نسعى للتطلع إلى خطوات طموحة عبر بناء توافق حول القضية ومباركة كل الخطوات التي ترمي إلى خلق جو من التوافق".

وكذلك يرى الباحث المصري أن "أبرز الملفات المطروحة على طاولة السيسي وتبون هو ملف القمة العربية، التي تم تأجيلها بسبب الانقسامات العربية، خصوصا حول عودة سوريا للجامعة والتى تقف الجزائر خلفها بكل قوة بينما تعارضها دول أخرى".

وشدد على أن "المحادثات المصرية الجزائرية تستهدف البحث عن مخرج لإنقاذ القمة العربية ونجاح انعقادها".

ووافق أحمد على أن "الملف الفلسطيني سيكون بارزا فى المحادثات، في ظل دخول الجزائر على خط المصالحة بين الفصائل وما قيل عن تنافس جزائري - مصري في هذا الملف، وهو ما يتم السعي لنفيه من قبل الطرفين".

وفي منتصف يناير الجاري، وصلت ستة وفود تمثل فصائل فلسطينية إلى الجزائر، لبحث ملف المصالحة مع جهات سيادية عليا في البلاد وتضم فتح، حماس، الجهاد الإسلامي، الجبهة الشعبية، الجبهة الديمقراطية، والجبهة الشعبية، بحسب فرانس برس.

وأتت هذه الخطوة بعد اتفاق تبون، مع رئيس السلطة محمود عباس في السادس من ديسمبر الماضي، على استضافة مؤتمر جامع للفصائل.

بدورها، كانت مصر قد لعبت أدوارا عدة في الملف الفلسطيني، كان أبرزها في مايو 2021، حين نجحت جهودها في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية المسلحة في غزة بعد 11 يوما من التصعيد.

وقامت مصر، المجاورة لقطاع غزة، باتصالات مكثفة مع أطراف مختلفة لإعادة العمل بالهدنة التي كانت قائمة بين إسرائيل وحركة حماس والتي لعبت القاهرة دورا أساسيا في إرسائها وتجديدها مرة بعد مرة.

وبالإضافة إلى ذلك، يشير بوقعدة إلى أن "لدى الجزائر نية واضحة في معالجة ملفات إقليمية عربية عدة، وفي طليعتها أيضا الملف الليبي، خصوصا بعد التطورات الأخيرة هناك".

وكانت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا قد تقدمت باقتراح إلى مجلس النواب لتأجيل الانتخابات الرئاسية عن موعدها المقرر في 24 ديسمبر الفائت.

ورغم ذلك، لا يوجد اتفاق على نطاق أوسع حتى الآن، ولا تزال الخلافات قائمة حول الأساس القانوني للعملية والقواعد الأساسية الحاكمة لها.

وتزامن اقتراح المفوضية مع إعلان لجنة نيابية "استحالة" إجراء الانتخابات الرئاسية في الوقت الحالي، بسبب ظروف مرتبطة بتقارير فنية وقضائية وأخرى أمنية.

وقالت لجنة في البرلمان المتمركز في شرق ليبيا، الاثنين، إن الانتخابات الجديدة ستحتاج إلى 9 أشهر من التحضير لمنع التزوير وضمان الأمن.

وكذلك، يعتقد أحمد أن "الملف الليبي له أولوية في الوقت الحالي، لاسيما بعد تأجيل الانتخابات الرئاسية، حيث تسعى القاهرة والجزائر للتنسيق في دعم العملية السياسية والخروج من المأزق الحالي".

وكان هناك مفارقات في الرؤية المصرية-الجزائرية بشأن الملف الليبي في السابق، حيث برز تناقض في الوجهة لاسيما في يونيو 2021،  حين قال تبون إن بلاده كانت مستعدة "للتدخل بصفة أو بأخرى" في ليبيا المجاورة، لوقف تقدم قوات المشير خليفة حفتر، المتمركز في شرق ليبيا، نحو العاصمة طرابلس.

وفي بيان يعود ليناير 2020، وعقب استقباله رئيس حكومة الوفاق الوطني سابقا فايز السراج، أكد الرئيس الجزائري أن "طرابلس خط أحمر، نرجو ألا يجتازه أحد" بينما كانت قوات حفتر على مشارف العاصمة الليبية.

وفي يونيو 2020، قال السيسي أمام حشد ضم عددا من قيادات القبائل الليبية: "إذا كان يعتقد البعض أنه يستطيع أن يتجاوز خط سرت-الجفرة.. ده أمر بالنسبة لنا خط أحمر".

وخلال الصراع في البلاد، دعمت مصر والإمارات وروسيا قوات شرق ليبيا أو ما يعرف بـ"الجيش الوطني الليبي" بقيادة حفتر.

وفي المقابل دعمت قطر وتركيا، الفصائل في الغرب التي اتخذت من العاصمة طرابلس مقرا.

لكن القاهرة سعت بعد ذلك لبناء علاقات مع الحكومة الانتقالية في طرابلس، التي تم تشكيلها بعد ملتقى الحوار الوطني في جنيف، العام الماضي. 

العلاقات الثنائية

وحول الملفات الثنائية بين البلدين، يعتبر بوقعدة أن "الزيارة لها أهميتها باعتبارها قمة بين دولتين لهما مصالح مشتركة في كثير من الملفات".

وأضاف أن "توقيت الزيارة مهم جدا، سواء لحجم التحولات الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وكذا التحولات في المشهد العالمي الاقتصادي".

وشدد على وجوب "الاستثمار في هذه التحولات لبناء علاقات اقتصادية وسياسية متينة لمواجهتها بما يخدم مصالح مصر والجزائر". 

وتتعرض الجزائر التي يبلغ عدد سكانها 44 مليون نسمة والعضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لضغوط مالية بسبب الانخفاض الحاد في أرباح موارد الطاقة، مما أجبر الحكومة على خفض الإنفاق وتأجيل بعض المشاريع الاستثمارية المزمعة التي تعهد تبون بتنفيذها.

ويتوقع بوقعدة أن "ينتج عن الزيارة اتفاقات وبروتوكولات ناجزة، لدعم العلاقات الثنائية على المستوى الاقتصادي وتوسيع مجالات الشراكة لمختلف القطاعات"، وهو ما أكد عليه أحمد أيضا. 


المصدر : الحرة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on news@elsiyasa.com | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa