الفاتيكان قلق على لبنان من «الأزمة الاقتصادية السياسية العميقة»

02/02/2022 07:27AM

كتب وسام أبوحرفوش وليندا عازار في "الراي الكويتية":

- غالاغير يذكر بكلام البابا: لبنان يجب أن يبقى مشروع سلام وتوقفوا عن استخدامه والشرق الأوسط من أجل المصالح الخارجية

- ميقاتي زار تركيا على رأس وفد وزاري

- «سي ان ان» في تقرير صادم عن لبنان «الدولة الأكثر روعة في الشرق الأوسط تنضمّ إلى الدول الفاشلة»

لم يكن أدلّ على «عشوائية» المعالجات «التخديرية» للانهيار الشامل وتحوُّله بمثابة «المنشار» الذي يأكل «صعوداً ونزولاً» من «آخِر فلس» بقي في جيوب اللبنانيين، من انهماك بيروت أمس بارباكاتٍ كبيرة في القطاع المصرفي بفعل استمرار انخفاض سعر الدولار في السوق الموازية وبلوغه مستوى أدنى من السعر الذي حدده مصرف لبنان لمنصة «sayrafa» التي يحاول عبرها ضبط إيقاع السوق ومداولاتها والتحكم بالسيولة النقدية بالليرة وامتصاصها.

وبعدما كان الهبوط الكبير في سعر صرف الدولار بأكثر من 14 ألف ليرة في غضون نحو 3 أسابيع (لنحو 19500 ليرة أمس) يُفترض أن يشكّل متنفّساً للبنانيين، إذ به يتسبّب بتحركات اعتراضية أمام عدد من المصارف وبقفل بنوكٍ لفروعها وإفراغ ماكينات الصراف الآلي، بفعل اعتراض موظفين ومتقاعدين على إلزامهم بتقاضي رواتبهم (هي بالليرة) بالدولار بعد تحويلها إلى العملة الخضراء، وفق سعر منصة «المركزي» الذي بات يتجاوز سعر السوق السوداء بنحو ألفي ليرة، ما يعني خسارة هؤلاء ما لا يقلّ عن مئتي ألف ليرة في كل 100 دولار سيضطرون لصرفها لدى الصرافين لزوم يوميات عيشهم البائس أصلاً.

وبمعزل عن خلفيات هذا الارباك ومدى ارتباطه بآليات تجفيف السوق من الليرة ومدى قدرة «المركزي» والمصارف على تهدئة الفوضى التي سادت أمس بـ «هندسات نقدية» جديدة، فإن هذا التطوّر عَكَس وفق أوساط مطلعة واقع «الفقّاعة» في الوضع المالي، الذي كلما حلّق الدولار اقترب لبنان من الانفجار الاجتماعي، وكلما تراجع انكشفت الطبيعة «الوهمية» لتطوّر لا يحتسبه الخبراء تحسناً في الليرة ولا يلمس المواطنون تداعياته على صعيد مستويات التضخم التي عوض أن تنخفض بنفس مستوى هبوط الدولار إذ بها إما تحافظ في عدد كبير من السلع على أسعارها واما تسجّل انخفاضاتٍ غير متوازية مع السوق الموازية، وسط عدم قدرة السلطات على ضبط هذه الارتكابات التي تؤشر لـ «حِرفية» التجار في الاستفادة من كل الظروف وفي «تحايُلٍ» جاءت آخر «ابتكاراته» على شكل رفع أسعار بعض المنتجات بالدولار.

وفي رأي الأوساط أن هذه «الارتجاجات» المالية - الاقتصادية - النقدية، ليست إلا مرآة للأرضية المهترئة التي يقف عليها الواقع اللبناني برمّته والتي تزداد تصدُّعاتها الكبرى على وقع عجز بيروت عن رأب الصدع في علاقاتها مع دول الخليج عربي خصوصاً كما المجتمع الدولي، بفعل «الحمولة الأكبر» على التايتانيك اللبنانية التي تشكّلها وضعية «حزب الله» وأدواره في ساحات المنطقة، في موازاة محاولاتٍ شبه مستحيلة لفصْل المساريْن السياسي والمالي في أزمة «بلاد الأرز»، ولتحقيق إصلاحاتٍ تتطلّب إجراءات مؤلمة على يد الطبقة نفسها التي تغمّست يداها، وإن بنسب متفاوتة، في «نهش» الوطن الصغير وتحويله... أشلاء.

وفي حين كانت «السوريالية» اللبنانية تَمْضي في كتابة فصول جديدة عبر النزاع المتجدد بين رئاسة الجمهورية وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في غمرة بدء التفاوض مع صندوق النقد الدولي، والذي بلغ أمس إصدار القاضية غادة عون، مذكرة إحضار بحق «الحاكم» عمّمتها على القوى الأمنية وكلفت جهاز أمن الدولة بإحضاره قبل 24 ساعة من موعد الجلسة الرابعة التي حددتها له في 15 فبراير الجاري بملف تهريب أموال إلى الخارج وتبييضها والإثراء غير المشروع والتهرب الضريبي، فإنّ الوضع اللبناني كان محور قلق فاتيكاني كبير انطوت التعبيرات عنه على إدانة ضمنية للقادة السياسيين الذين كانوا اتهموا قبل أيام من البنك الدولي بـ «تدبير كساد متعمّد»، في معرض وصف ما يعيشه لبنان بأنه واحد «من أعنف الانهيارات الاقتصادية التي شهدها العالم منذ 1850».

الفاتيكان قلِق وهذه «وصيته»

ولم يكن عادياً أن يطلّ أمين سر الكرسي الرسولي للعلاقات بين الدول وزير خارجية الفاتيكان المونسنيور ريتشارد بول غالاغير في مستهلّ زيارته لبيروت بمواقف منتقدة للسياسيين استعان في بعضها بما سبق أن أعلنه البابا فرنسيس في يوليو الماضي، من «أن لبنان كان ولا يزال ويجب أن يبقى مشروع سلام. إن دعوته هي أن يكون أرضاً للتسامح والتعددية وواحة للأبدية حيث يلتقي جميع الطوائف والأديان، وتعيش الطوائف معاً»، وتشديده على «ضرورة أن يتخذ من هم في السلطة القرار الحاسم بالعمل من أجل السلام وليس من أجل مصالحهم الخاصة. ولتكن هذه الفرصة بمثابة نهاية للذين يستفيدون من معاناة الجميع. ومن غير المسموح أن تبقى نصف الحقيقة محبطة لآمال الشعب، وتوقفوا عن استخدام لبنان والشرق الأوسط من أجل المصالح الخارجية. يجب أن يحظى الشعب اللبناني بفرصة لأن يكون بأبنائه مهندساً لمستقبل أفضل على أرضه بعيداً من أي تدخل خارجي».

واكتسبت هذه الرسالة الفاتيكانية عبر غالاغير الذي تستمر زيارته 3 أيام يشارك خلالها في المؤتمر الوطني - الدولي الذي تستضيفه جامعة الروح القدس في الكسليك تحت عنوان «البابا يوحنا بولس الثاني ولبنان الرسالة»، أهمية خاصة كونها تعبّر عن مقاربة الكرسي الرسولي للملف اللبناني وأزمته بوصْفها ذات طبيعة سياسية كما تقنية، ببُعد داخلي وخارجي، كما تؤشر لاستمرار اهتمام البابا بـ «بلاد الأرز» والذي كان من أبرز تجلياته لقاءه الصيف الماضي مع رؤساء الطوائف المسيحية (في لبنان) تحت عنوان كيفية حماية «الوطن الرسالة».

وقال غالاغير بعد لقائه عون إن البابا «أوصاني أن أنقل الى الشعب اللبناني قربه منه وقلقه عليه وعلى لبنان جراء الأزمة الاقتصادية والاجتماعية السياسية العميقة التي يمر بها هذا البلد»، مذكراً بما سبق أن قاله البابا قبل أيام أمام السلك الديبلوماسي عن لبنان من «ان الإصلاحات الضرورية إضافة الى دعم المجتمع الدولي سيساعدانه في الاستمرار بهويته الخاصة، كمثال للتعايش السلمي والاخوة بين مختلف الأديان»، وقبْلها اعتباره «أن المسيحيين بعملهم التربوي والصحي والإنساني، يشكلون جزءاً لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والتاريخي للبنان. ومن الواجب ضمان إمكان مواصلة المسيحيين لجهودهم من أجل مصلحة البلد الذي كانوا من مؤسسيه. وأي اضعاف للحضور المسيحي من شأنه ان يدمر التوازن الداخلي وهوية لبنان».

وإذ عبّر وزير خارجية الفاتيكان رداً على سؤال عن خشيته من زوال لبنان «عندما نلاحظ ما يجري ليس فقط فيه، بل أيضا في المنطقة»، قال «نعم نخشى ألا يكون مستقبل هذا الوطن مضموناً. ونحن ندعو الجميع، وكافة القادة سواء محلياً أو دولياً، للحفاظ على لبنان كرسالة للعيش معاً والاخوة والرجاء بين الأديان».

وعن إمكان رعاية الفاتيكان حواراً وطنياً بين اللبنانيين لتثبيت «الهوية الخاصة» لبلدهم، رد «عندما نتحدث عن دور المسهّل او الوسيط بين لاعبين سياسيين، من الممكن ونحن مستعدون أن نلعب هذا الدور اذا توافرت رغبة ودعوة الى الكرسي الرسولي من جميع الأطراف المعنيين للقيام بهذا الدور».

وهل سيحضر البابا الى لبنان خلال هذا العام، وهو الذي كرر بالأمس نيته زيارته؟ أجاب: «أكد لي البابا قبل أن استهل هذه الزيارة، أنه يرغب ويريد أن يأتي الى لبنان، قريباً جداً. لكن يبقى أن نحدد معنى كلمة قريباً. هو يريد ان يأتي وسيأتي».

من جهته، أبلغ عون الى غالاغير أنه يبذل كل جهوده «كي يبقى لبنان وطن الرسالة للشرق كما للغرب، وفق ما أراده البابا يوحنا بولس الثاني»، مشدداً على «أننا كلبنانيين مؤمنون بأن وطننا رسالة، ونسعى للمحافظة عليه وفق هذه الرؤية رغم الصعوبات العديدة التي يمر بها».

وأضاف «الدور الذي يقوم به الكرسي الرسولي هو لمصلحة جميع اللبنانيين، من هنا التقدير الكبير الذي يكنّه الجميع له، متطلعين الى الحبر الأعظم كضامن لأهمية لبنان وحضوره في محيطه والعالم. اننا نتطلع الى مواصلة هذا الدعم بالنظر الى جسامة التحديات التي تواجهنا وهي غير مسبوقة في تاريخ لبنان الحديث، ونأمل اننا، ومن خلال هذا الدعم الى جانب دعم آخرين من أصدقاء لبنان في العالم، ان نتجاوز الانعكاسات السلبية للأزمات والصراعات الإقليمية».

لبنان... الدولة الفاشلة

في موازاة ذلك، وفيما كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يزور تركيا على رأس وفد وزاري، بدأت صورة لبنان «الدولة الفاشلة» تترسّخ عالمياً، و«هو ما عبّر عنه تقرير لشبكة «سي ان ان» تحت عنوان "من بين الأعنف منذ عام 1850... نظرة على الانهيار الاقتصادي في لبنان وحلب النخبة لموارد البلاد»، استُهلّ بـ«عندما نفكّر في الدول الفاشلة، فإنّ الصور التي تتبادر إلى الذهن هي أفغانستان أو اليمن أو جنوب السودان، ولكن لبنان الدولة التي كانت الأكثر روعة في الشرق الأوسط، تنضم إلى تلك الدول»، قبل أن يتطرق إلى معاني إعلان رئيس الوزراء السابق سعد الحريري أنه أوقف عمله السياسي الذي استمر 17 عاماً ووضْعه«الطائفية والنفوذ الإيراني المتصاعد»من بين أسباب قراره«الذي لم يكن ممكناً تصوره لولا الانهيار التام للاقتصاد اللبناني».

ثم فنّد التقرير وبالأرقام وقائع الانهيار الاقتصادي وفق التقرير الأخير للبنك الدولي.

نتائج زيارة بوحبيب للكويت أمام سفير الاتحاد الأوروبي

بحث وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب مع سفير الاتحاد الأوروبي لدى لبنان رالف طرف، في نتائج الزيارة التي قام بها للكويت.

وكان بوحبيب حَمَلَ إلى الكويت جوابَ بيروت على ورقة البنود الـ 12 التي سلّمها وزير خارجيتها الشيخ أحمد الناصر للمسؤولين اللبنانيين متضمّنة سلسلة إجراءات لـ «إعادة بناء الثقة» مع «بلاد الأرز» في ضوء الأزمة بينها وبين دول الخليج، وهي المبادرة التي تحظى بدعم خليجي وعربي ودولي. كما تطرق اللقاء الى العلاقات بين لبنان والاتحاد والقضايا المشتركة والأولويات الحالية.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa